تشرذم ثقافي بالانقسام الفلسطيني
15/1/2011
أحمد فياض-غزة
نال المشهد الثقافي الفلسطيني قسطا وافرا من تداعيات الانقسام السياسي التي زادت من شرذمته بعد تشكل أكثر من جسم نقابي يعبر كل منها عن توجه سياسي معين، وإن كان أي من الأجسام لا يبدي عند الإعلان عن تشكيله ميله لهذا اللون السياسي أو ذاك.
ولعل تشكيل رابطة الكتاب والأدباء الفلسطينيين في قطاع غزة مطلع العام 2010 بشكل مواز للاتحاد العام للأدباء الفلسطينيين الذي يتبع لمنظمة التحرير الفلسطينية، هو تعبير واضح لما وصلت إليه الحالة الفلسطينية على المستويين الثقافي والأدبي.
ويؤكد نائب رئيس اتحاد الكتاب الفلسطينيين، غريب عسقلاني، أن المشهد الثقافي الفلسطيني يعيش حاله من الانهيار والتصدع أساسها الانقسام والاصطفاف السياسي الذي أثر على الحالة الثقافية بشكل عاصف.
وأشار في حديث للجزيرة نت إلى أن أحد مظاهر الانقسام تمثلت بخروج بعض المثقفين عن الإطار الثقافي الإبداعي إلى الإطار السياسي بتغليبهم الفصائلية على كل ما هو وحدوي.
وأضاف أن "الانقسام الثقافي حالة مستنكرة بغض النظر عن كل مبرراتها وحيثياتها، لذلك يجب الانحناء أمام رغبات الناس لاستعادة الحلم الفلسطيني حتى لو كان على حساب الحزب".
عوائق التوحد
لكن رئيس رابطة الكتاب والأدباء الفلسطينيين عطا لله أبو السبح، دافع عن مبررات تشكيل الرابطة بقوله "إن حالة التهميش التي يشهدها الفكر الفلسطيني المقاوم في المجال الثقافي جاءت نتيجة المشروع السلمي والتطبيع الذي كان يعتمد على مسخ التاريخ والفن الفلسطيني، وهذا ما دعانا إلى تصويب الشخصية الفلسطينية في أخلاقها وفنها وعاداتها وتقاليدها عبر مرجعية تجمع الكتاب والأدباء الفلسطينيين".
وأشار أبو السبح في حديثه للجزيرة نت إلى أن الرابطة تهدف إلى إيجاد حاضنة ثقافية مقاومة تحفظ كرامة المثقف لملء الفراغ الذي يسيطر على الحالة الثقافية الفلسطينية، ونشر الوعي الثقافي والارتقاء بالمشهد الأدبي في فلسطين.
وذكر أن الرابطة ليست جسما بديلا ولن تقف عقبة أمام توحيد العمل الثقافي وأيديها ممدودة لحل الانقسام الثقافي، ولكن اتحاد الكتاب الفلسطينيين الذي حل قبل الانقسام السياسي بعام لم يستجب لدعوتنا الداعية إلى الارتقاء بالحالة الثقافية.
بدوره يرى الكاتب والمفكر الفلسطيني توفيق أبو شومر، أن عدم توظيف الحالة الثقافية الفلسطينية في الإطار الصحيح جعلها تفرز اتجاهات ومشارب متعددة جيرت جميعها لخدمة المصالح الحزبية.
حالة متردية
واعتبر أبو شومر في حديثه للجزيرة نت أن الحالة الثقافية الفلسطينية في أشد مراحلها سوءا، لافتا إلى أن المثقف يضطر للبحث عن جهة تحميه كونه لم يستطع التعبير عن وجهة نظره دون حام، مما دفعه للتنازل عن الكثير من ثقافته وإبداعه وانخراط في الإطار السياسي للحفاظ على حقوقه.
وحمل أبو شومر المثقفين أنفسهم مسؤولية الانقسام باعتبارهم لم يفلحوا في تأسيس إطار ثقافي قوي بعيد عن الإطار السياسي والتنظيمي.
ورأى أن المخرج لإعادة اللحمة الثقافية يكمن في انسلاخ المثقفين والأدباء من الاصطفاف إلى جانب السياسة والخروج من عباءتها وتشكيل تجمعات ثقافية تشرف عليها هيئة مستقلة بعيدا عن الإطار الرسمي والتنظيمي.
من ناحيته يرى الشاعر الفلسطيني عثمان حسين أن احتدام الصراع بين الأقطاب السياسية الفلسطينية كان له تأثير على مزاج المثقف ونظرته للأحداث وخلق له حالة من اليأس والقنوط وأطفأ شعلة الإبداع لديه وأدى لانحدار مستواه وانجراره لسجالات حزبية ضيقة.
المصدر : الجزيرة