رقابة الندوات تثير جدلا بليبيا

خالد المهير-طرابلس
تباينت ردود فعل المثقفين والمسؤولين الليبيين حول قرار أصدرته مؤخراً اللجنة الشعبية العامة (الحكومة) بشأن تنظيم المنتديات والمهرجانات، يقضي بإشراف الحكومة على النشاط الثقافي.
ويتوقع ناشطون في مجال الثقافة بدء تداعيات القرار الجديد على الأنشطة الثقافية خلال الفترة المقبلة بمجرد دخوله حيز التنفيذ، حيث يشتمل على شروط صارمة منها إشراف لجنة مكونة من تسع وزارات بينها الأمن العام والاتصال الخارجي والنفط والثقافة والاقتصاد والسياحة على تلك الأنشطة.
ويشترط القرار في الندوات والمهرجانات ضرورة تبيين أسماء المتحدثين فيها، وإعطاء بيانات عن النشاط قبل ثلاثين يوماً من بدايته.
" سالم العوكلي: القرار يعتبر تهديدا فعليا للمجتمع الأهلي والجمعيات الأهلية " |
بذور فتنة
وحذرت صحيفة الشمس المقربة من الزعيم الليبي معمر القذافي قبيل انعقاد ندوة المجتمع المدني بمدينة درنة يوم 17 مايو/أيار الماضي، من أن بعض "الموتورين والهاربين والطلقاء الذين تعالت نبرتهم" ينسجون بذور الفتنة في المجتمع عبر خطاب "نشاز"، وهددت بأن الجماهير لن تصمت.
وقد استغرب مدير بيت درنة الثقافي الشاعر سالم العوكلي توقيت صدور القرار في وقت ترتفع فيه بعض الأصوات مطالبة بالإصلاح والانفتاح وتفعيل مؤسسات المجتمع المدني، في إشارة إلى تأييد تصريحات سيف الإسلام نجل القذافي.
وذكر العوكلي في حديثه للجزيرة نت أن القرار يعتبر تهديدا فعليا للمجتمع الأهلي والجمعيات الأهلية، مشيرا إلى أنه "في ظل مثل هذا القرار الملتبس لا توجد إمكانية لإقامة نشاط ثقافي"، وأن الثقافة "لن تقوم لها قائمة ما دام هاجس الأمن قائما".
ويعتقد العوكلي هذا القرار "رد فعل" على بعض الأنشطة الأهلية المتميزة، أبرزها مهرجانا الشاعرين علي صدقي عبد القادر والأسطى عمر الأخيران، مشيراً إلى أن مثل هذه المهرجانات تفضح ما أسماه "لعبة الفساد" في المهرجانات الرسمية.
" رضا بن موسى: القرار مؤشر على تخبط الإدارة الليبية في تسيير أمور البلاد، ويحمل صبغة فاشية شمولية تجعل من الدولة الطرف الأوحد الذي يسير شؤون الثقافة " |
صبغة فاشية
وأكد الناشط الثقافي وسجين الرأي سابقاً رضا بن موسى أن القرار عشوائي و"يعتبر مؤشرا على تخبط الإدارة الليبية في تسيير أمور البلاد، ويحمل صبغة فاشية شمولية تجعل من الدولة الطرف الأوحد الذي يسير شؤون الثقافة العامة بلون واحد يقتل الرؤى النقدية"، مؤكدا في الوقت ذاته أنه يثير الفوضى ويعمل على إحباط الليبيين.
وفي تصريح للجزيرة نت قال بن موسى إن ثمة العديد من الممارسات التي تستهدف الجمعيات والمنتديات الثقافية، وإن "هناك توجها لخلق اتجاهات ومناخات ثقافية مغلقة".
كما أكد أمين رابطة الأدباء والكتاب في مدينة بنغازي القاص سالم العبار في تصريحات للجزيرة نت أن الرابطة لن تلتفت إلى هذا القرار، وأن النشاطات المزمع إقامتها ستستند إلى لوائح الرابطة وقوانينها دون العودة إلى أي جهة.
مدافعون
في المقابل، يدافع أمين فرع مؤسسة الثقافة في المنطقة الشرقية سعد نافو عن القرار، ويعتبر أنه "يركز على المعارض والأنشطة التجارية والاقتصادية"، وأنه لا يستهدف الأنشطة الثقافية والأدبية.
وتساءل نافو عن العلاقة بين النفط والسياحة والمعارض وبين الثقافة، مؤكداً أن الأنشطة الثقافية لها مقوماتها الخاصة.
كما يؤكد عضو اللجنة ورئيس غرفة التجارة والصناعة جمعة الأسطى في حديث مع الجزيرة نت أن اللجنة كانت قائمة خلال الفترة الماضية، وأن القرار يأتي في سياق تنظيمي روتيني بعد ملاحظة تزايد المنتديات الاقتصادية دون جدوى، موضحاً أهمية مسألة تقنين المعارض عبر تحديد أهدافها.