سجن عثماني بنابلس معرّض للهدم ودعوة لجعله مزارا

سجن نابلس المركزي-اقصى اليسار- بناع العثمانيون قبل قرن وثلث يتعرض لخطر الهدم-الجزيرة نت

مبنى الأجهزة الأمنية والوزارات (يمين) وبعده سجن نابلس المركزيالذي بناه العثمانيون قبل قرن وثلث (الجزيرة نت)

عاطف دغلس-نابلس

بعد أكثر من قرن وثلث ستصبح إحدى معالم نابلس الأثرية أثرا بعد عين، حيث ستقدم السلطة الوطنية الفلسطينية وبقرار من رئيس حكومة تسيير الأعمال سلام فياض على هدم سجن نابلس المركزي بهدف توسيع مبنى الأجهزة الأمنية والوزارات المقرر إنشاؤه مكان السجن.

ولكن هذا الأمر لقي رفضا من قبل شخصيات سياسية وثقافية في المدينة، باعتبار أن السجن يعد معلما أثريا من معالم نابلس بعدما تعاقبت عليه خمس دول بدءا بدولة العثمانيين الذين أنشؤوه عام 1876، ثم دولة الانتداب البريطاني، والحكم الأردني، فالاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، وانتهاء بحكم السلطة الفلسطينية واستخدامها للسجن.

وقال بسام الشكعة الذي كان رئيسا لبلدية نابلس عام 1976 وأحد شخصيات المدينة إن هدم هذا السجن لا يخدم نابلس والحفاظ على آثارها، خاصة أنها مدينة عريقة بناها الكنعانيون، وأن هذا السجن يرمز إلى فترات من تاريخ فلسطين واستخدم لتعذيب المناضل والمقاوم الفلسطيني والنيل منه.

وأضاف الشكعة للجزيرة نت أنه "يجب أن يبقى هذا السجن علامة فاصلة في تاريخ أهل مدينة نابلس خصوصا والفلسطينيين عموما للتدليل على حجم المأساة التي كان وما زال الفلسطيني يتعرض لها".

بسام الشكعة يدعو لتحويل سجن نابلس إلى مزار على غرار سجن الخيام بلبنان (الجزيرة نت)
بسام الشكعة يدعو لتحويل سجن نابلس إلى مزار على غرار سجن الخيام بلبنان (الجزيرة نت)

مزار للتعريف
ويمكن الحفاظ على السجن -في رأي الشكعة- بتحويله إلى مزار "كما هو سجن الخيام بلبنان" للفلسطينيين وغيرهم لتذكر المراحل الظالمة والسوداء من قبل الاحتلالات الماضية، أو جعله متحفا أثريا أو فضاء لإقامة المعارض، "أو أن يظل موجودا كما هي طبيعته مع تغيير المهام الوظيفية له وعدم زج المناضلين والمقاومين فيه".

لكن الشاعر الفلسطيني لطفي زغلول وأحد أبناء مدينة نابلس لا يزال يتذكر تلك الفترة من عمره التي قضاها داخل هذا السجن عندما اعتقله الإسرائيليون فيه عشرات السنين، قائلا "رغم معاناتي فيه وسواد ظلمته التي عشتها شخصيا فإني ضد هدم هذا الإرث التاريخي".

وقال زغلول للجزيرة نت إن نابلس بدأت تفقد معالمها الأثرية شيئا فشيئا، سواء كان ذلك من قبل الاحتلال الإسرائيلي أو بفعل التوسعة الطبيعية.

وقال إن هدم محكمة صلح نابلس قبل أكثر من 12 عاما، وهدم الاحتلال لمبنى المقاطعة التي أنشأه العثمانيون شرقي المدينة، وهدم أجزاء من البلدة القديمة وسط المدينة أثناء الاجتياحات الإسرائيلية عام 2002 أفقد المدينة مرتكزات أساسية من تراثها العريق، "وهذا يدفعنا لبذل جهد كبير للحفاظ على السجن لا لهدمه".

وطالب زغلول بتحويل السجن إلى متحف أثري والعمل على ترميمه وإصلاحه واستغلاله بأي طريقة تمنع هدمه.

أما الأسير المحرر سعيد العتبة من مدينة نابلس والذي اعتقل لأكثر من 31 عاما في سجون الاحتلال، فأكد أنه من الأفضل مبدئيا الحفاظ على المعالم الأثرية، خاصة أن هذا المعلم قديم وله مواصفاته الخاصة، داعيا لتحويله إلى مزار وجلب السائحين إليه للتعريف بحقب الظلم التي مرت على الفلسطينيين.

العتبة يدعو للحفاظ على السجن كمعلم أثري يدل على ظلم الاحتلال لفلسطين (الجزيرة نت)
العتبة يدعو للحفاظ على السجن كمعلم أثري يدل على ظلم الاحتلال لفلسطين (الجزيرة نت)

ويصف العتبة الذي اعتقل لمدة سنة في سجن نابلس عام 1977 من قبل الاحتلال، المكان بقوله إنه يحوي 13 غرفة للاعتقال والتوقيف، وإن القسم الشرقي منه يحوي عددا من غرف التحقيق وزنازين الاعتقال، مضيفا أن "جدرانه السميكة وزنازينه الضيقة لا تزال تدل بشكل أو بآخر على مآسي هذا الشعب".

غير صالح
وفي مقابل الآراء الداعية لعدم هدم سجن نابلس يقول محافظ المدينة جمال المحيسن إن هدمه جاء بقرار من مجلس الوزراء، مشيرا إلى أنه لم يعد يصلح للاستخدام، خاصة بعد قصف الاحتلال الإسرائيلي لجزء كبير منه وتدميره قبل ست سنوات.

وقال المحيسن إنه بعد هدم الاحتلال مبنى المقاطعة قبل ثلاث سنوات بشكل كامل، تعرض جزء كبير من سجن نابلس للهدم، "ورغم أهمية المكان بقيمته التاريخية فإن الهدم جاء لتوسعة المباني الجديدة".

المصدر : الجزيرة