مطالبة بتقنين استخدام اللغات الأجنبية بدول الخليج

شرين يونس-أبو ظبي
دعت متخصصة في علم اللغويات إلى تقنين استخدام اللغات الأجنبية بالمنطقة العربية وخصوصا بدول الخليج، ووضع القوانين والتشريعات التي تحدد استخدامها.
جاء ذلك في الندوة التي نظمتها هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث تحت عنوان "المسألة اللغوية في منطقة الخليج العربي" والتي تناولت فيها مريم البيشك الأستاذة المساعدة بقسم اللغويات الموضوع من عدة جوانب.
وتحدثت البيشك عن ظاهرة "ثنائية اللغة" في المجتمعات الخليجية رافضة الدعوات للقضاء على اللهجات المحلية واعتبار الفصحى هي اللغة الوحيدة للتعامل، لكنها شددت على ضرورة وضع أطر و حدود لكلا النظامين اللغويين.
وفى هذا الإطار دللت البيشك على تأثير تعدد الألسن واللهجات العربية على تراكيب وخصائص اللهجة الإماراتية، وأكدت على ضرورة الوصول إلى "لغة عامة سائدة" هي وسط بين الفصحى والعامية.
" اللغة تسمو بسمو أهلها، وتهبط بهبوطهم، وعندما كانت اللغة العربية مربوطة بالفكر كما كان الحال في فترة النهوض الإسلامي كانت تستهوي غير الناطقين بها للاطلاع على المعارف المكتوبة بها، مما أدى إلى إثراء حركة الترجمة منها وإليها " مريم البيشك |
انفصال اللغة
ومن التأثيرات السلبية لهذه التحولات الاجتماعية على الخليج العربي، ما رأت فيه الباحثة "تنازلا عن بعض خصائص اللهجة المحلية للوصول إلى لغة عامة مفهومة من قبل الجميع".
وتحدثت البيشك عن "اللغة الهجين" التي من شأنها أن تقلل و تكسر من النظام اللغوي للغة العربية، فيما يتعلق خاصة بالإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث، منبهة لخطورة ذلك في حالة توارثها عبر الأجيال التي باتت تعتمد في تربيتها على الخدم الأجانب، وفى ظل غياب معالجي عيوب النطق لدي الأطفال.
وعابت البيشك على المجتمعات الخليجية عدم إدخال اللغة العربية في مكونات الثقافة -لمدة زمنية طويلة- كالمسرح والفنون، مما أدى لانفصال العربية عن تلك الروافد وحرمها من مكون هام يعطيها الاستمرارية والتطور.
وفي تناولها للعلاقة بين اللغة والفكر، قالت البيشك إن اللغة تسمو بسمو أهلها، وتهبط بهبوطهم، مشيرة إلى أنه عندما كانت اللغة مربوطة بالفكر كما كان الحال في فترة النهوض الإسلامي، كانت تستهوي غير الناطقين بها للإطلاع على المعارف المكتوبة بها، مما أدى إلى إثراء حركة الترجمة منها وإليها.
غياب التخطيط
وعابت البيشك في حديثها عن اللغة و التعليم عدم وجود إستراتيجية للتخطيط اللغوي بأي دولة عربية، فبات استخدام أو انتقاء أي لغة أخرى للتعليم والحديث، غير علمي وغير محدد الأطر.
ورأت البيشك أن الأمر أفلت نتيجة لغياب هذا التخطيط وكذلك لغياب التشريعات التي تقنن استخدام اللغات غير العربية سواء في المدارس أو وسائل الإعلام أو حتى في الممارسات اليومية.
وفي المناقشة التي تلت الندوة دعا الحضور إلى ضرورة حفظ التراث الشفهي وتوثيقه وتدريسه، بينما رفضت الباحثة في مستقبل الأديان والمذاهب الدينية لطيفة الحياة فكرة التقنين باعتباره "فعل سلطة" يؤدي إلى غياب الحقائق كما هو الحال في السلطة في جميع العصور.
وردت البيشك عليها بالقول إن اللغة "قوة" وحق من حقوق أي مجتمع مدني لا يمكن التنازل عنه، وإن عودة القوة للغة العربية لن يكون بممارسة "البكاء عليها" وإنما بإدخالها في مختلف مناحي ومجالات المعرفة والحياة.
وأشار أحد الحضور إلى أنه لا يعيب استخدام السلطة من أجل حماية اللغة، كما هو الوضع في المجتمعات الأجنبية كفرنسا والولايات المتحدة التي تفرض تعلم لغتها على كل من يريد العيش على أراضيها.
ودعا الحضور إلى وضع اختبار لغة عربية مماثل لمن يريد العمل بالدول الخليجية، بالإضافة إلى فرض الالتزام بالعربية الفصحى في المدارس والتعليم العالي.