"جرح غزة" بعدسة تركية

16/4/2009
وسيمة بن صالح-إسطنبول
أثارت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة موجة من السخط والغضب لدى الأتراك حكومة وشعبا، ويختزل المخرج التركي نجاتي سونماز هذه المشاعر ليؤكد أن الفن التركي ليس بعيدا عن الجرح الفلسطيني عبر الفيلم الوثائقي "جرح غزة" الذي يشارك في الدورة 28 لمهرجان إسطنبول للأفلام الذي تمتد فعالياته من 4 إلى 19 من الشهر الجاري.
فإلى جانب الفيلم الياباني "المغادرون" والتركي "رحلة طويلة من أجل الحرية"، يعتبر "جرح غزة" مفاجأة المهرجان حيث إن مخرجه جهزه خلال فترة لا تتعدى الشهر، وصوره خلال أربعة أيام في الفترة ما بين الثامن والثاني عشر من الشهر الماضي.

قصة الفيلم
"انتهينا من النسخة النهائية للفيلم قبل يومين من عرضه"، هكذا استهل نجاتي سونماز سرد تجربته في حديث للجزيرة نت، مضيفا "لم أخطط لإنجاز هذا الفيلم الذي جاء ردة فعل عفوية تجاه ما تعرض له سكان غزة الأبرياء، وصداقتي لأحد الشباب الفلسطينيين ويدعى عبد الله الغول كانت مصدر إلهامي".
وقد التقى نجاتي بالغول خلال دورة مهرجان الإسماعيلية للسينما التسجيلية في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2008، وهو طالب في السنة الثالثة بقسم السينما في جامعة القاهرة. وحدثه كثيرا عن مدينته غزة حيث لا تزال أسرته التي لم يلتقها منذ ثلاث سنوات تعيش هناك، وعندما بدأ العدوان الإسرائيلي على غزة كان أول من تبادر إلى ذهن نجاتي، فاتصل به ليطمئن على أسرته لكنه هو الآخر كان لا يعرف عنهم سوى أنهم لا يزالون على قيد الحياة.
إعلان
ويضيف نجاتي "قررنا معا أن نصور فيلما وكانت المشكلة طبعا الحصول على الموافقة لاجتياز معبر رفح وتوصلت من خلال الإنترنت إلى منظمة مدنية نسائية أميركية تدعى "كود بينك" ستنظم مسيرة إلى غزة لمشاركة النساء هناك في عيد المرأة العالمي".
ويستطرد "كتبت أطلب منهم أن نرافقهم أنا وعبد الله فوافقوا وذهبنا إلى مصر في السابع من مارس/آذار الماضي حيث انتظرنا ما يقارب خمس ساعات ليسمح لنا بالعبور، لم نكن متأكدين من النجاح في العبور، إلا أن وجودنا قبل قافلة غالاواي التي كانت تحمل معونات إنسانية اضطر السلطات المصرية للسماح لنا بالعبور لفتح الطريق في وجه القافلة".
ويضيف أنه "كانت أسماء شقيقة عبد الله وعائلته في استقبالنا، وساهمت أسماء بحكم عملها الصحفي في جريدة الأيام بغزة في التنسيق لنصور بدون مضايقات وهي الأخرى تروي تجربتها من خلال الكاميرا".

تقنية الوثائقي
وقد اعتمد المخرج التركي تقنية الفيلم الوثائقي وسمح لعدسة كاميراته أن تكون النافذة التي أطلت من خلالها مجموعة من سكان غزة من خلفيات اجتماعية متباينة، لتحكي ما عايشته من رعب ومجازر خلال القصف الإسرائيلي الوحشي.
ومن ضمن مناظر الفيلم لقطة تصور امرأة شهدت موت والدتها في منزل استشهد فيه 32 فردا من نفس العائلة، وعوائل تحاول العيش في الخيام التي أصبحت البديل عن بيوتهم المدمرة، وأم الشهيد إبراهيم جحا التي خاطت جراح ابنها بإبرة وخيط واستشهد بين يديها لتظل بجوار جثته مدة أربعة أيام لعدم تمكن الإسعاف من الوصول إليهم بسبب القصف.
كما يتضمن الفيلم منظر رسام ونحات يحاول تجسيد هذه الأيام البشعة في ظلام ورشة عمله المدمرة بأي مادة يحصل عليها سواء أكانت خشبا أو بقايا الجدران المدمرة، وسائق سيارة إسعاف يروي المشاهد التي لا يمكن تخيلها إلا في أفلام الرعب.
إعلان
يشار إلى أن الشاب الفلسطيني عبد الله الغول لم ينجح في الخروج من غزة كما نجح في دخولها، مع أن المهرجان وجه له دعوة للحضور عن طريق السفارة التركية في القاهرة، لكن السلطات المصرية تمنعه من الدخول وإتمام دراسته التي بقيت منها سنة واحدة.
المصدر : الجزيرة