آلام أفريقيا حضرت بمنتدى الجزيرة للأفلام

16/4/2009
محمد العلي–الدوحة
وجدت ديمقراطية نيجيريا الغائبة, وتهميش ذوي الاحتياجات الخاصة بالسنغال, وبحث نساء غانا عن مقاييس أخرى للجمال, أصداءها في منتدى الجزيرة الدولي الخامس للأفلام التسجيلية.
ووُثق ذلك على التوالي في أشرطة "رحلة الشهادة" النيجيري و"باسيرو" السويسري و"جمال داكن" القطري.
لكن ثمة شريط رابع تناول معضلة إنسانية أشد وطأة تتلخص في حالات الاغتصاب والاستغلال الجنسي التي ارتكبها لسنوات جنود وموظفو الأمم المتحدة في شرقي جمهورية الكونغو الديمقراطية.
الشريط أعدته وأخرجته الكندية رايموندا بروفشر وهو يحمل عنوان "القبعات الزرق.. السلام والعار" وأنتجته شركة ماكومبا الكندية.
مفارقات
ويلقي "القبعات الزرق" الضوء على جوانب عدة للقضية أولها سياسي ويتلخص في مفارقة انخراط جنود مكلفين في مهمة حفظ السلام -هي الأكبر في تاريخ الأمم المتحدة (20 ألف جندي)- في ارتكاب فظائع بحق سكان مدنيين من المفترض أنهم أتوا لحمايتهم من الصراعات المحلية المتعاقبة شرقي الكونغو.
المفارقة الثانية التي لفت الفيلم إليها قضائية، وتقوم على أن الجنود المتهمين بهذه الممارسات يعدون بالمئات وهم مدنيون وعسكريون، وهم أيضا بحكم انتمائهم إلى هيئة دولية ليس فيها جهاز قضائي, فإن أقصى عقوبة يمكن أن توقعها الأمم المتحدة عليهم هي إعادتهم إلى بلدانهم حيث يواجهون "احتمال" المثول أمام أجهزة القضاء فيه.

أما المفارقة الثالثة فتتلخص في أنهم يستغلون فقر سكان شرق الكونغو لاستدراج فتياتهم الصغيرات إلى الدعارة أو يقومون باغتصاب طفلات في أعمار تتراوح بين تسعة و14 عاما دون أن يتمكن السكان المحليون الأميون والفقراء من ملاحقتهم أو التعرف عليهم إلا في حالات نادرة يشير الشريط إلى بعضها صراحة.
ضحايا
إعلان
التفاصيل يعرضها الفيلم على ألسنة الضحايا وهن طفلات تعرض بعضهن للاغتصاب على أيدي جنود دوليين هنود في القوة المعروفة اختصارا بـ"مونوك" أو من جنوب أفريقيا، أو تعرضن للتغرير على أيدي جنود من القوة المغربية التابعة للأمم المتحدة.
وكانت وسائل الإغراء إما مبالغ لا تزيد عن دولار واحد, وأحيانا قطعة من الشوكولاته.
ويتحدث الأطباء الذين شاركوا في علاج الضحايا عن الآثار الجسدية والنفسية التي وقعت عليهن، ويشير اثنان منهم إلى أن جنودا من جنوب أفريقيا مصابين بداء الإيدز نقلوه إلى ضحاياهم لأنهم يعلمون أن العاملات في حقل الدعارة لا يقبلن التعامل معهم.
وثمة طبيب يتحدث عن 19 حالة اغتصاب موثقة لطفلات دون سن 12 عاما إلى جانب نحو خمسة آلاف حالة اغتصاب بعضها لم يوثق بسبب انتهاء خدمة المرتكبين أو لجوء الضحايا وأسرهم إلى الدول المجاورة.
" موظفات دوليات شاركن في التحقيق الرسمي الذي فتحته الأمم المتحدة في القضية أشرن في شهاداتهن إلى أن عمليات ضغط مورست على أسر بعض الضحايا لإسكاتهم " |
ضغوط
ولا يغفل الشريط عن ذكر موظفات دوليات شاركن في التحقيق الرسمي الذي فتحته الأمم المتحدة في القضية وأشرن في شهاداتهن إلى أن عمليات ضغط مورست على أسر بعض الضحايا لإسكاتهم، كما هو الحال مع موظف الوحدة اللوجستية الفرنسية ديديه بروجيه الذي اغتصب أربع طفلات تتراوح أعمارهن بين 12 و14 عاما وهو موقوف في بلاده حاليا على ذمة القضية.
ورغم انتقال الشريط إلى كوسوفو للتعريف بحالة اغتصاب وقتل طفلة ألبانية ارتكبها جندي أميركي وجرت لاحقا محاكمته بمحكمة عسكرية في ألمانيا وإسكات ذوي الضحية, فإن المأساة التي احتلت المساحة الأبرز هي الفظائع التي ارتكبت وما زالت ترتكب في مدينة غوما بشرق الكونغو.
المصدر : الجزيرة