شعر من أجل غزة

من مشاركات القراء
خليل محمد سليم الحوراني، شاعر
عيد
عيد، أنت عيد الله والأيام الأطهر
معاذ الله أن نشأمك أو نشتم
عيد ، أعذرنا فانا نسألك العذر
فان النائبات فينا تزداد وتحتدم
عيد ، رغم العدو لفرحنا وصفائك كدر
سنبر الوالدين وللأرحام وصال ونكرم
عيد ، عبادك من امة الحبيب تتحسر
والجرح فينا يزداد عملا ويؤلم
عيد ، وأحرار أمتنا في الغياهب تحشر
وعبيد الطاغوت في الحياة تنعم
عيد ، وبلاد أعيادك تضام وتدمر
وبالأقصى وأهله وملته الهدم والجرم
عيد ، الرضع والفطام منا لك تبتسم
والشيب والشباب خاوت الثكل والألم
عيد ، والشهداء منا بجناتك كثر
وأهاّت جرحانا وأسرانا لا تثير الهمم
عيد ، للعوز وعدو الفاروق أيام كثر
والجشع ينمو وحال الناس عدم
عيد ، لست بجديد الثوب والنعل
ما لم نحرر أوطاننا ونحقق الحلم
عيد ، ستبقى خالدا خلود الرسالة
حتى يمن المنان بالنصر وننعم
__________________________________________
خليل محمد سليم الحوراني، شاعر
أيا قدس اصبرينا
نستحلفك يا قدس اصبرينا
سنخبرك حالنا فاعذرينا
نتجرع المهانة بأيدينا
نحترق قهرا لا تلومينا
حال الردى حالنا معدمينا
غصات وعثرات تدمينا
سبق واغتصبوك الحاقدينا
ستأتيك الأحرار محررينا
يعلم الله أيامنا وليالينا
نصارع فلا أحد يداوينا
إياك الهوان فلا تحزنينا
ستعودي ونذكر الحاقدينا
لا تخشي طمس معالمنا
لن يطمسوا نورالله الطامسينا
الأفراح ستأتيك وتأتينا
طالما نسائنا تنجب وتعطينا
تكالبت علينا الأمم ناهشينا
في شتات الأرض معذبينا
كل البقاع تشردقت بدمائنا
لم نأمن حتى الأشقاء طاعنينا
الويل الويل لمن يؤازرنا
حنظل العذاب بالغياهب مودعينا
من سوء الشوادر خيامنا
البرد يقرصنا والحر يلفحنا
صراع الحق والباطل يعنينا
الحق لنا وللباطل منذرينا
نتوارث حقنا عن آبائنا
وللرضع مع الحليب خالطينا
ما ضاع حق له طالبينا
مهما طال الزمان مستردينا
لم ولن نبخل نفديك أرواحنا
طالما تجري الدماء بعروقنا
لكل شيء اجل بالكتاب وعدنا
وعد الحق وللعدة معدينا
ما دام ظلم ولا ظالمينا
أنت أعلم منا وتعلمينا
لا تظني إنا كالقبور صامتينا
نجاهد بالمستطاع جاهدينا
الكف للمخرز يؤلمنا ويدمينا
عراة حفاة بالشتات مشردينا
نشقى بالكاد نكفي وارثينا
عثرات الزمان الأغبر تضنينا
الضنك والعوز يصاحبنا
وعدو الفاروق لا يفارقنا
__________________________________________
خليل محمد سليم الحوراني، شاعر
معجزة غزة
حرب ومجازر ومحارق سميت
تعجز معاجم اللغات لأسمائها
الفرقان بين الحق والباطل فرقت
قادة الجهاد الأطهار فضلوا اسمها
من الماء والسماء والبيداء قصفت
حمم طالت أخضرها ويابسها
الرضع والفطام والنساء ما سلمت
البشروالشجروالحجرتجرع وبالها
أشلاء الرضع والكهلة احترقت
تقشعر لها الأبدان وللألباب ذهولها
أعداء الله بأعتى السلاح تجيشت
وطائفة الحق من الحق سلاحها
حرب عمياء للحياة استهدفت
لم ولن يشهد التاريخ بشاعتها
ملل الكفر للحمنا وعظمنا نهشت
ولبيوت الله والعلم والطب إجرامها
حروب فناء وصراع بقاء شهدت
وضيق بشتى الوسائل لأرزاقها
دولة الباطل طغت وتجبرت
وأمم الضلال تحميها وتسندها
جاهل من ظنها للوئام جنحت
تصافح بيمناها وتطعن بيسراها
للأرض والعرض والمبارك دنست
للرضع والأجنة بالأرحام وأدها
مجالس وهيئات الأمم أصبحت
ميدان للشيطان الأكبر وصنيعتها
رموز التواطؤ والتخاذل تكشفت
هيبتهم سقطت رغم سمو مناصبها
دول للإنسانية وحقوقها تغنت
لحقوق امتنا صمت القبور صمتها
هيئات أممية للنائبات وجدت
لقططهم تهرع ولنائباتنا خنوعها
ملل الكفر والحقد علينا تكالبت
أسائت للكتاب وللأمة ورسولها
رؤوس على أمتها تئآمرت
لقهر حشود الأحرار وقمعها
استغاثات الضحايا للصم أسمعت
وأحرار الأمة تمزقت حناجرها
صرخات الأمة للقادة دوت
وحكام المناصب بان عجزها
الأمة تنزف وحقوقها سلبت
وغربان العرب ازداد نعيقها
وجوه الأمة بالغضب تحورت
للصمت والعجز المريب لقادتها
آخر سترة لعوراتهم سقطت
وبان الأشراف من خوانها
لعنة الله والتاريخ لهم حقت
ستطارد ملل الكفر وأعوانها
شافيزأفرحتنا وأخجلتنا بما فعلت
أيا ليت الشقيق والصديق يفعلها
شعوب الأمة للجهاد هتفت
وحيت أحرار فنزويلا لفعلها
أي سلام لأيادي بدمائنا تلطخت
لعنت وبترت اليد التي تصافحها
بأحلك السنون غزة تنغصت
يدمي القلب والعين عنائها
غزة بالوغى وحيدة تركت
كفى بالله الجبار وكيلها
غزة الصمود من الأهوال نالت
عين الله رب العرش تحميها
من عهد المصطفى امتنا توارثت
كتائب الجهاد والشهادة غايتها
فلسطين الجهاد بغزة تشرفت
ومن أشرف الأطهار قادتها
كتائب القسام والقدس جاهدت
وجادت بأطهر الشرفاء رجالها
كتائب الأقصى والناصر قاومت
وفي الوغى ساندت إخوتها
خيرة الرجال بركب الجهاد التحقت
ركب الحق خاب من يخذلها
معاقل الجبناء دكت ودمرت
بصواريخ المجاهدين زلزلوها
بالقسام والقدس والأقصى سميت
بوركت أطهر الأسماء أسمائها
أقدام أهل الحق بالفرقان ثبتت
ذهل عدو الله وأعوانه لثباتها
جحافل أعداء الله تكبدت
أفدح الخسائر وذللت هيبتها
رجال الله والحق بالوغى صالت
صولات الأشاوس صولاتها
كتائب الجهاد بغزة نصرت
بشائر النصر الأعظم بنصرها
حطمت أساطير ولعدو الله قهرت
عجزت جيوش العرب لفعلها
حمى الله غزة وأهلها ودامت
رمز الجهاد والنصر ربوعها
زمر التواطؤ والتخاذل ذهلت
لصمود أطهار الأمة وبسالتها
رايات لا اله إلا هو علت
وأحفاد حبيبه المصطفى ترفعها
غزة كان الله في عونها صبرت
ونالت بحجم الفداء نصرها
غزة للجهاد الأكبر خلقت
أضرس الحروب خاض رجالها
غزة المعجزة بالنصر تنبأت
من أقدس الكتب بوعد إلاهها
غزة الشموخ بالنصر تجللت
بعزم الله الناصر وصمود أهلها
سلمت أيادي المجهادين وبوركت
نعم الجهاد في سبيل الله جهادها
يعلم الله العالم إني ما بالغت
لم ولن أنصفها وأوفيها حقها
شعراء الدنيا قاطبة لو كتبت
لا أظنهم يشفون غليلها
غزة العزة للجهاد تصدرت
سلام من الله لشهدائها وجرحاها
__________________________________________
خليل محمد سليم الحوراني، شاعر
عجائب هذا الزمان
أحرار وأبطال خير الأمم أمتنا
بغياهب الأعداء بالذل تتستف
بالفتن والسم والبارود والمقاصل
أطهر الأرواح تهدر وتنسف
علوج الأعداء لبلادنا تغتصب
بالقتل وهتك العرض تحترف
زناديق جيوشهم للوصمات يكافئوا
بالأوسمة على الصدر والكتف
العدو أصبح صديقا ومن الأخ
أقرب والأخ مكان العدو يصنف
سماسرة الأوطان كالقوارض تنهش
بالتنظير فطاحل وبالتشهير صحف
عدونا لحركات التحرير يصنع
لتقطيع البلاد أرباعا وأنصاف
حركات للطائفية والعرق تتعصب
لوأد وحدتنا وتفتيت قوتنا هدف
لأحضان عدونا وخدمته نهرول
لحصار الشقيق ومحاربته شرف
صرنا بحال يسمى الشهيد قتيلا
والقتيل يكرم وبلقب الشهيد يوصف
أمست هزائمنا نصرا تصور
والجهاد بقاموس الجبناء تطرف
دروع الأعداء للعملاء مطية
لغزو بلادهم بلا وجل ولا خوف
العرب أعراب وكل له جيش
جيوش قمع وللنائبات لا تزحف
تبدل الصالح بالطالح والأغرب
الطالح ينعم والصالح للدمع يذرف
قبيح الروح والقلب يستتر
بقناع سرعان ما يزول ويكشف
طهارة الروح والقلب لا تصنعها
مساحيق الكون واللسان الملطف
شباب بالحواري المائعات تتشبه
لا يأمل بتحرير مغتصب ولا وقف
أمهات المستقبل بالأصول جاهلات
للكرامة وتربية النشأ لا تعرف
بأوهام التحرر أصايل تسقط
لتنهش الأنذال منها اللحم والشرف
الرذيلة بين الشباب والشابات تستعر
ودروس الفضيلة من المناهج تحذف
جيل لوصل الأرحام وللوالدين عاق
بجفاء وهجران ونكران وخوف
رغم التقدم أمراض وعلل جهلت
غابت الفصول وحل محلها الصيف
النكاح بالحلال تجارة لمال وحسب
وصاحبة العفاف والدين لا تنصف
العمل نادر كالسراب لا يدرك
وعدو الفاروق غول لا يكف
غلاء فاحش لا يتصوره عقل
من قلوب تجار هجرها العطف
دخل الفرد لا يغطي أسبوعا
والثلاث الأخريات دين وسلف
الخواص بهناء وعز، والعوام
في عدم، والقهر بهم يعصف
والشيخ منا لا حول له ولا رأي
سوى الطاعة والولاء المزيف
العدل بين العباد بمقادير يقدر
للمحاسيب تدابير وللعوام يختلف
رفيع المناصب للمحاسيب إرث
خيرها لخيرهم ولو بالجهل يعرف
ابن العوام للمنصب الرفيع لا يصل
لو كان عالما وبغير علمه يوظف
الكرم والجود والطيب منظرة
ووسيلة لغايات التملق والشرف
حال الناس في حيرة وعجب
اللص يدعى أمين وأشرف
الحق باطل والأكاذيب حقائق
الويل لمن يزاود وللحقيقة يكشف
للحرمنة والحرام فنون وبدع
تصعب على الباحثين بأن تكشف
لأبنائنا وأماكننا أسماء غريبة
هجرنا الجميلة لغة الكتاب الأشرف
أسماء، بلاد الغرب مصدرها
بلا معنى ولا طعم وما لنا بها ألف
ومياعة اللسان بدعوى التحضر
هاي وباي وسري بمعنى سلام وأسف
حذاري أمتنا من سبات أطول
سيزيد الأمة فر وذل وحيف
حذاري امتنا إن طال سباتنا
فألف سلام عليك وألف ألف أسف
__________________________________________
محمد عبد اللطيف الدخل الله، طالب جامعي، المملكة المتحدة
"لا تصالح" للشاعر أمل دنقل
لا تصالح على الدم.. حتى بدم!
لا تصالح! ولو قيل رأس برأسٍ
أكلُّ الرؤوس سواءٌ؟
أقلب الغريب كقلب أخيك؟!
أعيناه عينا أخيك؟!
وهل تتساوى يدٌ.. سيفها كان لك
بيدٍ سيفها أثْكَلك؟
سيقولون:
جئناك كي تحقن الدم..
جئناك. كن -يا أمير- الحكم
سيقولون:
ها نحن أبناء عم.
قل لهم: إنهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك
واغرس السيفَ في جبهة الصحراء
إلى أن يجيب العدم
إنني كنت لك
فارسًا،
وأخًا،
وأبًا،
ومَلِك!
لا تصالح ..
ولو حرمتك الرقاد
صرخاتُ الندامة
وتذكَّر..
(إذا لان قلبك للنسوة اللابسات السواد ولأطفالهن الذين تخاصمهم الابتسامة)
أن بنتَ أخيك "اليمامة"
زهرةٌ تتسربل -في سنوات الصبا-
بثياب الحداد
كنتُ، إن عدتُ:
تعدو على دَرَجِ القصر،
تمسك ساقيَّ عند نزولي..
فأرفعها -وهي ضاحكةٌ-
فوق ظهر الجواد
ها هي الآن.. صامتةٌ
حرمتها يدُ الغدر:
من كلمات أبيها،
ارتداءِ الثياب الجديدةِ
من أن يكون لها -ذات يوم- أخٌ!
من أبٍ يتبسَّم في عرسها..
وتعود إليه إذا الزوجُ أغضبها..
وإذا زارها.. يتسابق أحفادُه نحو أحضانه،
لينالوا الهدايا..
ويلهوا بلحيته (وهو مستسلمٌ)
ويشدُّوا العمامة..
لا تصالح!
فما ذنب تلك اليمامة
لترى العشَّ محترقًا.. فجأةً،
وهي تجلس فوق الرماد
لا تصالح
ولو توَّجوك بتاج الإمارة
كيف تخطو على جثة ابن أبيكَ..؟
وكيف تصير المليكَ..
على أوجهِ البهجة المستعارة؟
كيف تنظر في يد من صافحوك..
فلا تبصر الدم..
في كل كف؟
إن سهمًا أتاني من الخلف..
سوف يجيئك من ألف خلف
فالدم -الآن- صار وسامًا وشارة
لا تصالح،
ولو توَّجوك بتاج الإمارة
إن عرشَك: سيفٌ
وسيفك: زيفٌ
إذا لم تزنْ -بذؤابته- لحظاتِ الشرف
واستطبت- الترف
لا تصالح
ولو قال من مال عند الصدامْ
".. ما بنا طاقة لامتشاق الحسام.."
عندما يملأ الحق قلبك:
تندلع النار إن تتنفَّسْ
ولسانُ الخيانة يخرس
لا تصالح
ولو قيل ما قيل من كلمات السلام
كيف تستنشق الرئتان النسيم المدنَّس؟
كيف تنظر في عيني امرأة..
أنت تعرف أنك لا تستطيع حمايتها؟
كيف تصبح فارسها في الغرام؟
كيف ترجو غدًا.. لوليد ينام
-كيف تحلم أو تتغنى بمست??بلٍ لغلام
وهو يكبر -بين يديك- بقلب مُنكَّس؟
لا تصالح
ولا تقتسم مع من قتلوك الطعام
وارْوِ قلبك بالدم..
واروِ التراب المقدَّس..
واروِ أسلافَكَ الراقدين..
إلى أن تردَّ عليك العظام
لا تصالح
ولو ناشدتك القبيلة
باسم حزن "الجليلة"
أن تسوق الدهاءَ
وتُبدي -لمن قصدوك- القبول
سيقولون:
ها أنت تطلب ثأرًا يطول
فخذ -الآن- ما تستطيع:
قليلاً من الحق..
في هذه السنوات القليلة
إنه ليس ثأرك وحدك،
لكنه ثأر جيلٍ فجيل
وغدًا..
سوف يولد من يلبس الدرع كاملةً،
يوقد النار شاملةً،
يطلب الثأرَ،
يستولد الحقَّ،
من أَضْلُع المستحيل
لا تصالح
ولو قيل إن التصالح حيلة
إنه الثأرُ
تبهتُ شعلته في الضلوع..
إذا ما توالت عليها الفصول..
ثم تبقى يد العار مرسومة (بأصابعها الخمس)
فوق الجباهِ الذليلة
لا تصالحْ، ولو حذَّرتْك النجوم
ورمى لك كهَّانُها بالنبأ..
كنت أغفر لو أنني متُّ..
ما بين خيط الصواب وخيط الخطأ.
لم أكن غازيًا،
لم أكن أتسلل قرب مضاربهم
أو أحوم وراء التخوم
لم أمد يدًا لثمار الكروم
أرض بستانِهم لم أطأ
لم يصح قاتلي بي: "انتبه"!
كان يمشي معي..
ثم صافحني..
ثم سار قليلاً
ولكنه في الغصون اختبأ!
فجأةً:
ثقبتني قشعريرة بين ضعلين..
واهتزَّ قلبي -كفقاعة- وانفثأ!
وتحاملتُ، حتى احتملت على ساعديَّ
فرأيتُ: ابن عمي الزنيم
واقفًا يتشفَّى بوجه لئيم
لم يكن في يدي حربةٌ
أو سلاح قديم،
لم يكن غير غيظي الذي يتشكَّى الظمأ
لا تصالحُ..
إلى أن يعود الوجود لدورته الدائرة:
النجوم.. لميقاتها
والطيور.. لأصواتها
والرمال.. لذراتها
والقتيل لطفلته الناظرة
كل شيء تحطم في لحظة عابرة:
الصبا – بهجةُ الأهل – صوتُ الحصان – التعرفُ بالضيف – همهمةُ القلب حين يرى برعماً في الحديقة يذوي – الصلاةُ لكي ينزل المطر الموسميُّ – مراوغة القلب حين يرى طائر الموتِ
وهو يرفرف فوق المبارزة الكاسرة
كلُّ شيءٍ تحطَّم في نزوةٍ فاجرة
والذي اغتالني: ليس ربًا..
ليقتلني بمشيئته
ليس أنبل مني.. ليقتلني بسكينته
ليس أمهر مني.. ليقتلني باستدارتِهِ الماكرة
لا تصالحْ
فما الصلح إلا معاهدةٌ بين ندَّينْ..
(في شرف القلب)
لا تُنتقَصْ
والذي اغتالني مَحضُ لصْ
سرق الأرض من بين عينيَّ
والصمت يطلقُ ضحكته الساخرة
لا تصالحْ
ولو وقفت ضد سيفك كل الشيوخْ
والرجال التي ملأتها الشروخْ
هؤلاء الذين يحبون طعم الثريدْ
وامتطاء العبيدْ
هؤلاء الذين تدلت عمائمهم فوق أعينهم
وسيوفهم العربية قد نسيت سنوات الشموخْ
لا تصالحْ
فليس سوى أن تريدْ
أنت فارسُ هذا الزمان الوحيدْ
وسواك.. المسوخْ
لا تصالحْ
لا تصالحْ
__________________________________________
محمد درويش، محاسب، قطر
أعمدة الدخّان
أعمدة الدخّان تسودْ
وظلام الطغيان يعودْ
وقلوبٌ تنفجر وتبكي
جرحى شهداءٌ وشهودْ
والليل طويل لا نجم
لا قمر يؤنس ويجودْ
والباطل جمع مخالبه
أنياب عتادٍ وحشودْ
ما بين عميلٍ وجبانٍ
وعدوٍ باغٍ وحقودْ
وحشية غدرٍ يسبقها
كذبٌ مكشوفٌ وجحودْ
خبراء في الذبح عراة
لا شرف لديهم وعهودْ
ألات حديد تتغذى
بدماء الأطفال وقودْ
أما الميدان فيرعبهم
والخارج منهم مولودْ
جبناء في الحرب تراهم
بملاجئهم مثل الدودْ
جيش ينهار كما ورق
ما بين عويل وقعودْ
هل يُبنى للفأر عرين
إن كانت في الغاب أسودْ
صاروخ القسام تحدى
سلْ ناحل عوز واسدودْ
قنصٌ وكمينٌ، ملحمةٌ
واستبسالٌ لا محدودْ
لن يركع شعبي في يومٍ
لن يركع شعبي ليهودْ
قسما يا غزة فابتسمي
قسما يا أقصى سنعودْ
__________________________________________
جهاد محايري، موظف، افمارات العربية المتحدة
غزة كانت للعرب
غزة كانت للعرب واليوم مين ليها
غزة دموعك للأسف بالدم من فِيها
غزة ياويلي يا عرب ماعاد تنجيها
والدم أصبح للركب وجفت تراقيها
غزة غزيتي ووحدك حميتي وبالروح تاليها
عِزة وكرامة ومجد يارب تحميها
غزة عزيزة نفس ورجالها ليها
والحر طير و بس ربى فيها
أنا شا يفك إنتي أمل إنتي الفجر
اناشايف دموعك نصر وانت فريدة هالعصر
الله كبير ومنتقم ويداوي جرح المنظلم
النصر مو في الأرض النصر يوم العرض
ويشهد ترابك للي أبا باّلّذل وكسٌر كلام الكل
للي دفع هل الشمس بيده
للي وقف يوم اللي الكل انعكف
يارب تحميها يارب تحميها
الدم مايصير مي. كانوا يقولون العرب
بس فين كل شي انقلب
والدم وصَل للركب آه آه… آه ياعرب
أنا قلبي من جوى اخترب
مليار متل النار تحِرق بالقصب
بس السيوف مخمدة والايدين مجمدة
فكوا الحصار قلبي حزين وملتحي
فكوا الحصار خجلان من كل اللي صار
فكوا الحصار العقل طار
فكوا الحصار وكِسروا ذاك الجدار
بالايد حل كل اللي صار فكوا الحصار
انا ما غزيت ولا رميت بس نار وطلعت من الشرار
بركان في قلبي استكان والكل أصبح مستحي
من ِنِسبة كانت في الزمان وصارت زكرى من زمان
لكن رجالك ما تهان والصبرمفتاح الفرج
عصر وزمانه ينطوي والكل بفعله ينكوي
والعز مذكور بكتاب والباقي وارد في الإياب
ياغزة يا ارض الحساب انتى باقية
وعن كل شي مو راضية
يارب يا عالي وشاهد
داوي جراح المنظلم وعَمًر بيوته
والدعاء من الكل ربك ما يفوته
يا كل يهودي بها الزمن ما تنام من كثر الألم
وينعاد حرقه وينطفي وينعاد حرقه وينطفي والكل يفوته ويختفي
__________________________________________
طلال حمّاد، كاتب، فلسطين
أنا أنهض
لا مراء
دمٌ هذا الذي يجري دمٌ وليس ماء
وغزّة الآن الذبيحة وغداً
من ستحميه منكم السماءْ؟
هراءْ فلا مراءْ كلّكم في الهمِّ
قالت أمّي هل قلتُ عجوزٌ أمّي
في التسعينِ من اللّطرونِ سواءْ
وما بين الهاءِ والخاءِ قبل الراءِ
يستفحلُ فينا شيءٌ قالت يا ولدي
كالدّاءْ ولا عزاءْ إن عزّ بأيدينا
منه لنا شفاءْ! غيمة
تنحني الغيمة عندما تراني
لا لكي تقبّل يديّ بل لتأحذني منّي رهينة
إلى أن يهطل المطر حمماً
أو قذائفَ عمياءْ فوق رؤوس الأبرياءْ
ثمّ تطلقني أشلاءً في العراءْ
أكلّ هذه الأشلاءُ لي
أم أنّ طوفاناً ما
أوقعني في مقبرة
بلا أسماء؟
لم أفتح المذياع أمس
لم أقرأ الجريدة هذا الصباح
لكنّ الخبر شاع في همس الشجر للرياح
في غزّة ألف زنبقة قُتلت
في غزّة مذبحة اسمها: سلام ملطّخ بالدّماء
وعلا الصياح أخرسوا السلاح
في غزّة قاتل.. يأكل من لحم القتيل
ويشرب من دماه في غزّة "إسرائيل
فلتند الجباه!؟ ما الذي ستقوله غداً
يا أيّها العالم الحرّ المقيّد
بهذه الجريمة
لطفلة تحرقها "إسرائيلك".. وهي في مهدها رضيعة؟
هل ستستمرّ في محاكمة "هتلر"
أو "ايخمان
في قبرهما
وتقول "إسرائيل" بريئة؟
ليس عيباً أن تكون أعمى
ولكنْ
من العيب أن ترى
بأمّ عينيك ـ المجرم
وجريمته
وتذهب تبحث في الضحيّة
عن جريمة
تحاكمها عليها
وتُطلق المجرم الحقيقيّ
كي يقتلها
ألا أيّها العالم الحرّ المكبّل
بقيود جريمتك التي اسمها "إسرائيل" انظر
إلى ضحيّة جريمتك التي اسمها فلسطين.. جيّداً
وتمعّن فيما اقترفته يداك
وأجب عن سؤالها المشروع
" لماذا تقتلني وتتبرّأ من دمي
وتدّعي أنّك حرٌّ
حرٌّ ممّ أنت؟
وحرّ أنت ممّن؟
دمي على يديك
أوليست "إسرائيل" هذه.. صنيعتك؟
كفى كذباً.. يا أيّها العالم الحرّ
كفى ـ وأنت تدرك ـ نفاقاً
كفى سطواً
ألا تخشى أن تسقُطَ أنت
في القبر الذي حفرته لي
وسمّيته " إسرائيل
ومضيت تلقي بضميرك المعطوب
في كذبة من صنع يديك
الآثمتين
لم لا تدفع أنت
ثمن خطيئتك
ألأنّي حفيد
أو حفيدة
صلاح الدّين الذي
هزم أطماعك فيّ
أم لأنّي سبقتك
في إنسانيّتي
وفي علمي
ومعرفتي
وإبداعي ـ يا جاحد
لوجود أفضل،
وفي عطفي على
ما اقترفته يداك.. من جرائم
وعطفي على ضحاياك
رغم أنّي أنا الآن الضحيّة؟
أم لأنّي أذعنت لسطوك على
ما صنعته وما صنعته أنت تعرف
أنّه معرفتي ومكتبتي وأنّك بدونهما
لا تقوم ولا تقعد
وبدونهما ما كنت لتبلغ اليوم ما بلغت؟
وما الذي فعلته أنت بالعلم أو بالمعرفة؟
ألم تحوّلهما إلى أداة للسطو والقتل والاستعباد؟
كم نهبت بهما؟ وكم أبدت.. باسمهما؟
والآن.. (أيضاً) ما الذي ما زلت تفعله؟
وتريدني أن أغفر لك أو أن أقتل كي لا أستعيدني منك
إليّ؟ وهل تغفر الضحيّة لقاتلها أو لمغتصبها
أو لمن يسرق منها وجودها وأسباب الحياة في حياتها؟
أفِق إنّك بدوني لن تكون
هل تفضّل أن أموت وأن تكون وحدك الحيّ
وإسرائيلك تعبث بالحياة؟
هل بدوني(لو فكّرت مليّاً) لك حياة؟
أفق خطاب الضعفاء لن يعمّر كوناً آمناً
أو عامراً بالخصب وبالحياة
وأنا ضحيّة. نعم
ولكنّي لم أمت كلية بعد
بذرة الحياة التي أنت بحاجة إليها
ما تزال بحاجة إليّ
أنا هنا يقظ في انتظار يقظتك ولديّ الوقت
فعدّل ساعتك على ما يحدث اليوم
أو إن شئت على ما سيحدث ـ حتماً ـ غداً
وما يحدث اليوم لو كنت تدري أو أنك انتبهت
أنّني: "أدفن موتاي ـ بسببك وأنهض!
متى تفهم؟
__________________________________________
فيصل رعد، طالب جامعي
واه يا معتصمُ الزمن
نادت في عمورية وامعتصماه فأجابها
معتصم الزمان بالجيش المزلزل
أجابها جوابا شفى قلبها
من الجرح العميق و العِلل
أجابها جوابا علمت منه العِدى
أن الإسلام دين العز و العدل
فلما نادت في غزة وامعتصماه فأجابها
معتصم الزمان بالتشجيب والتعليل
أحابها جوابا زاد من ألمِ
جرح قلبها وزادها من العلل
أجابها جوابا علمت منه العدى
أن رجال الإسلام هانوا عن العدل
فهلا معتصمٌ يجيب لنداءٍ
أتى من قلب غزة المشتعل
__________________________________________
حنان عبد الغفور مصطفى، ربة منزل، المغرب
قصيدة لفلسطين
فلسطين تنزفين شعبا ينزف دما و ثورة
فيك الحاضر والحاضر والمستقبل
في عيون أطفالك رأيت الدمعة صمود ومقاومة
وكذلك تحدي وفي يدهم حجر
لن أنسى خوف عدوك من أطفالك
رغم ان في يدهم هم الفولاد والنار وقنبلة الغاز
وفي يد اطفالك حجر
شهداءك ورود وفل وعدوك من انتصارك وثورتك اصابه الملل
لم يخاف عدوك من رحمك
أ لأنك تعلمين طفلكي كيف يمسك الحجر
أ لانك تزرعين فيه رجلا قبل الأوان لا يعرف معنى القهر
أ لأنك تبعثينه بملابس العريس الى مكان استشهاده لا مفر
رائعة انتي يا فلسطين
شوارعك تغسل بدماء أطفالك
أشجارك تسقى بدموع نساءك
بيوتك تبنى بسماء لا تشهد الا لنصرك
عدوك يهاب ابطالك أطفالك
عدوك خائف من وعيدك
لك انت السماء والارض
لك الأمل و تاريخ الأبطال
خطوط كفك مكتوب فيها أسماءهم
لتمسحي بيديك دموعك
لان الفجر الآتي انت
ولتنسي الايام الصعبة
وارفعي رأسك للسماء لتنالي الحرية
ودع عدوك يحلم ويبحث عن هيكله
وعيشي انت الحاضر
دعيه يعيش الغربة والمنفى
وعيشي انت المستقبل
دعيه للهزيمة والبكاء والعويل
وعيشي انت فرحة أطفالك
دعيه للسلاح والفولاذ
وعيشي انت الشجر والحب والمطر
ولتعيشي مجدك
يكفي أنك بلاد كل الرسل
لتحيي لتعيشي لتستمري لتقاومي لتثوري لتنتفضي دون كلل
__________________________________________
هادي عمر السويسي، تونس
نلوم الدهر
نلوم الدهر وما الدهر الا عيوبنا
كذا نجزى بما أتت يدانا
نسابق القادم خوفا ومطمعا
ونبكي الفوات والحاظر افنانا
كم قد كتبنا الشعر قبل اليوم فلا
شعرنا علق ولا تناقله الركبانا
دوت قصائدنا في سماء الشعر
فأمطرت حينا واقفرت احيانا
هل لي بقلب لم يبله الهوى
واين في زمني العاشق الولهانا
يابنة العرب سئمت من الهوى
لا الحب حب ولاالفرسان فرسانا
انا في امة تقتل العشاق وشعرهم
مخازي قتلهم يشيب لها الولدانا
انا في أمة اسيادهاحكامها وملوكها
من الجماجم ملكهم ودمنا صولجانا
يأيها البلهاء التعساء الجبناء
يأمة ذليلة عليلة يأمة الخزيانا
يأيها التائهون الغافلون النائمون
أنساكم اناكم وأسفلكم الله والاوطانا
تلطخت أيديكم بدماء المكر والخدع
وانبرى شبيه الرجال حاكما سلطانا
حتى اذا اتى عليكم حاكم بأمره
خررتم أذلاء راكعين رعيانا
ما نفعكم على ارض سوى انكم
ملأتم الارض عارا أو طغيانا
تعسا لكم من أمة جبنها أضحى
أضحوكة المجالس ونكت العلجانا
عجزتم عن كل المعالي بلا همم
عرب كنتم أعراب ام عربانا
يأمة مهند والمهند سيف باتر
وسيوفكم في حناجركم واللسانا
دم الشهيد يراق في غزة عنوة
وملك الملوك به ثمل سكرانا
ابكواما شئتم نددوا واستنكروا
فملوككم قد اوصدو ذلا الاذانا
واري غزة شهداءك ثم تعالي
ساعدينا كي ندفن نحن أحيانا
__________________________________________
حبيبة حروز، طالبة، فرنسا
فليحيى الإرهاب
هو ذاته الطفل الذي ألف العذاب
حتى في الرحم وقبل أن يلج للحياة باب
هو ذاته الطفل الذي رضع العذاب
هو ذاته الطفل الذي تعلم تحمل الصعاب
حتي قبل أن يكون له سن أو ناب
هو ذاته الطفل الذي كبر محاطا بالخراب
هو ذاته الطفل الذي حرم الألعاب
هو ذاته الطفل الذي تعلم أن لا يرهق الوالدين بالعتاب
إن لم يجد ما يكف من الطعام أو الشراب
هو ذاته الطفل الذي أفاق يوما ومنزل الجار قد سار سراب
هو ذاته الطفل الذي حرم صديقه أعز الأصحاب
لأن أهل صديقه قد سئموا فاختاروا الإغتراب
هو ذاته الطفل الذي سأل لما لا نزور الأصحاب قيل بيننا وبينهم قطعان ذئاب
هو ذاته الطفل الذي قبّل أخاه صباحا قبل الذهاب ذهب أخاه بحثا عن الرزق وأخذا بالأسباب
وعده بكثير من الحلوى والألعاب هو ذاته الطفل الذي سأل أين أخي قد أطال الغياب
قيل أنه للأبد قد غاب قال: لم? قالوا: صادف قطيعا من الذئاب
هو ذاته الطفل الذي سأل لما من بين كل الأنساب بلحومنا تقتات هذه الذئاب
وتحيل جثثنا طعاما للذباب رفقا به لم يعطوه جواب فمعاناته لا يبررها سبب من الأسباب
هو ذاته الطفل الذي حوصرت مدينته وغلّقت عنها كل الأبواب
هو ذاته الطفل الذي قصفت داره وفقد كل الأحباب
هو ذاته الطفل الذي أفاق فصاح يا رب الأرباب ما كل هذي الجثث المبتورة الأعضاء
ما هذا الحطام ماهذا الضباب ماهذه الصاعقة التي لم تذر رضعا ولا شياب
هو ذاته الطفل الذي صار يتيما بلا أهل ولا أقراب
هو ذاته الطفل الذي نشأ في ملجاء أو عند الأغراب
هو ذاته الطفل الذي حين بلغ سن الشباب
لاحقته قطعان الذئاب
أتهموه أنه زعيم للإرهاب
على معاناته لم يحرك ساكنا حكام الأعراب لا عفوا
بل قام فرعونهم بإلقاء خطاب ندد فيه بالإرهاب
حقيقة إحتار عالمنا في تعريف الإرهاب ثم اهتدى أخيرا أن الإرهاب
هو أن لا تقعد ساكنا حين تفترسك الذئاب
هو أن تصرخ حين تعضك الكلاب
هو أن تشتم حين يمرغ وجهك في التراب
أجل في عالمنا صار الإرهاب شرفا ياأولي الألباب
فسحقا لعالمنا وليحيى الإرهاب
__________________________________________
عبد الله بن سليم الرشيد، السعودية
في موسم الصمت البذيء
لَمْلمْ فضولكَ واغربْ أيها القلمُ
ففي ضجيج المآسي تخرس الكلمُ
سيكتبُ الجسدُ الداوي مفاخره
ووجنة القدسِ طِرْسٌ ، والمِدادُ دمُ
يا مُرقِصَ المجد والتاريخُ في يده
مُكَوَّمٌ ، وضلوع الكون تحتدمُ
عجِّلْ لنا قِطَّنا، إنا على سفرٍ
لا نستقرُّ وفي أضلاعنا ضََرم
سرنا نشاطرُ وجهَ الليل فحْمتَه
وحولنا أفُقٌ بالرعب مُلتثم
والفجرُ في محضِِِن الأوهام ملتهب
جمراً ، تَرَشَّفُه الرؤيا فتضطرم
نراه لكنه ينأى ، فيُثْخِننا
يأسٌ ، ويطفو على أحداقنا ندم
فاعبرْ إلينا نديمَ الخُلد ، إن بنا
وجداً على عُصبة بالحتف تحتزم
صاغوا من الهمم البيضاء صبحَهمُ
لا يُشرقُ النصر حتى تشرقَ الهِمم
من نبضِ تلك الصحارى جاء أولهم
وخلفَ آخرهم يستفحلُ العدَم
الآخذون زِمامَ الأفْق ما فتئوا
يستعذبون فحيحَ الموت حولَهم
لما ترجَّلت الظلْماءُ باغيةً
تفجّروا في عيون الظلم واضطرموا
واسترسلوا عاصفاً دوَّتْ ملاحمه
في حقله تنبت الأشلاءُ والرِّمَم
توحَّدوا في غبار التيه، واجترؤوا
على الفناءِ، وجمرُ البغي يحتطم
فأنبتوا في ضمير الفخر ذاكرةً
أعيا على نبضها القرطاسُ والقلم
ويل امِّهم، موقدو مجدٍ، لو اتَّقدتْ
لهم رجالٌ ، ولكنَّ الرجالَ هم
يا حارسَ اللهب القُدسيِّ معذِرةً
فقد تمطَّى على أسماعنا صمم
أمطرتَ صوتاً، فما لانتْ لقطرته
أذْنٌ، ولا رفَّ في أندائه نسَم
لا تسألَنْ عُصَبَ الأعراب نخوتَهم
فهمْ من النخوة اللخناء قد سئموا
هذي بيادرُهمْ، صفراءَ خاويةً
وليس تضحك في آفاقها دِيَم
مخَدَّرون، فلا رأيٌ ولا رشَدٌ
محيَّرون، فلا هادٍ ولا علم
أخجلتَ بالخطبة الحمراء منبرَهم
وفوقَه زَبدُ الأفواهِ يزدحم
تبني فتنهدم الآمال، ثم ترى
وميضَ فألٍ ، فتبنيها فتنهدم
بدءاً وعَوْداً، تَسَامَى عن لَجاجِهمُ
إذا طغى السيلُ لم تعبأ به القمم
ما ثَمَّ من ألمٍ إلا اصطفى أملاً
وليس من أملٍ ما عاقه ألم
يا سيدَ الأرضِ، لم تنكرْ ملامحه
في وجهه من فُيُوضٍ ثرَّةٍ حُزَم
انظرْ حواليكَ، إن الربْع قد دَجَنتْ
صقورُه، فتداعى البومُ والرخَم
وقد شبعنا ضجيجاً فابتعثْ لغةً
ما لاكها – في اليَباس السامريِّ- فم
الحُلمُ عندكَ قد صِيغتْ روامزه
وكم تكرَّر في مأساتنا حُلُم
هذي سبِيَّتُُكَ العذراءُ، ضارعةً
وأنت – إذْ صِيحَ: واذُلاه – معتصم
يا حارسَ اللهب القدسيّ، كن أجلاً
يفري اليهودَ ، فيفنى الداء والورم
كن مهجةَ الرعد واستمطرْ لهم حُمماً
تبارك الرعدُ تهمي تحته الحُمم
لا يقذفنَّك صوتُ الذعر في وهن
فلن يزرْكشَ وجهَ الخوف منهزم
واجمع شظاياك فتياناً قد احترفوا
موتاً، رفاتهمُ للضوء يبتسم
القادمون رحيقا سلْوةً أملاً
آجالُهم في سِجِل المجد تزدحم
يا راقمي شهَقاتِ البرق، ما فتئت
حروفكم في المدى المحموم ترتسم
تبقون شُهْباً على الأضداد راصدةً
إذْ غيرُكم ينزوي مصباحه الهَرِم
تبقون ناراً على الباغين جاحمةً
وتصنعون الذي تعيا به الأمم
إن الجداولَ تجري وهْي موجِسةٌ
قربَ الفناء، ويبقى البحرُ يلتطم
__________________________________________
يوسف بن عبد الله الزدجالي، باحت اجتماعي
غزة للرصاص
للرصاصِ كتبنا معاذيرنا
يسقط الحزنُ فوقَ المدارسِ
يكتبُ قصته من جديد
وفي الصبح
ليلُ المواجعِ كالسرمدِ الأبديّ
كأنّ السماءَ تجبّرُ حرقتها
يسقطُ الموتُ في دربِ أغنيةٍ للفدائيّ
تخبرهُ أنّ صبحكَ لا يشبهُ الشمس
أن رحيلك نحو النجومِ هو الحتمُ دومًا
فكن حرقةً في صدور العدو
فلا شيء يشبهكَ الآن
إلا الرصاص
__________________________________________
تيسير محمدخير الكراد، موظف، سوريا
الكابوس
كنت بين صاح ونائم
حين رأيت الشمس تبكي
ورأيت البحر هائم
حين فرَالقلب مني
هاربا"… ذعرا
تاركا كل الضلوع
والطفل يولد للتوّ
شيخا" دون قائم
والبحر يلفظ أنفاسه لأنه
عن كلّ مياه الدنيا صائم
حين رأيت صلاح الدين
في مسجد القبة قائم
والبنادق مشرعات
حوله من كلّ حائم
يدعو ربّه.. (سرّا..)
(أن احمني من كلّ حائم
ورأيت المعتصم
يجثو على ركبتيه
مستجيرا
بالمرأة التي استغاثت به
ولم تجره
والليل قاتم
ورأيت حاتم الطائي
من جوف قبره قائم
يشتم كلّ الأزمان
يلعن كلّ الأوان
وعلى كل مفخرة من مفاخره
وعلى كلّ مكرمة من مكارمه
وعلى كلّ مأثرة من مآثره
أنا رأيته نادم
وبكيت كل الشهداء
حين رأيتهم.. يتخبطون بدمائهم
بينما كانت تفوح منهم روائح المسك والعنبر
وقد جزاهم الله عن كلّ مافعلوه في سبيله
لكنّ كلّ منهم.. وعن كلّ مافعله لهذه الأمّة
رأيته لغيظه كاظم
وعلى كلّ فعل من أفعاله نادم
وقالوا لي
لأننا دفنّا الإيثار معهم.. على دفعات
بأكفان طورا.. وبلا أكفان مرّات
لنحقق وفرا" للموازنات
ولأننا لم نصن كلّ الأمانة والدّماء
ولأننا لم نسر.. على نفس الدّرب السّواء
غدونا في عالم اليوم مفتّتين.. حتى أجزاء الأجزاء
ومشتتين.. مقطّعين من أوصالنا.. أشلاء.. أشلاء
ومقهورين مغلوبين.. ومسحوقين مهزومين
في ذواتنا.. ومن أعماقنا.. ومعزولين غرباء
بعدها
دخلت عالما" للحمائم
لكنّها … وياللهول
حمائم ذات أنياب
تقرض الفولاذ
والمردة الجبابرة
تفرّ أمامها.. مذعورة.. دون مقاوم
والّليل.. محلولك السّواد.. داكن
عندها
رأيت هارون الرشيد
يقبّل النعال
كي يسمح له بالدّخول
إلى قصر (نقفور
وبلاط (شارلمان)
والحشد حوله.. متزاحم
أخيرا.. أفقت
ليت أني ما أفقت
أو ليت أني ماغفوت
كي لا أرى الكابوس
ليتني عطّلت ساعة الأزمنة في دماغي
وبقيت ساهرا مع الساهرين
أحلم بالآمال حينا
وأهضم الآلام حينا.. وحينا.. وحين
لكنها الأقدار.. شاءت أن أفيق
لأروي لكم الكابوس
حتّى لايغدو حقيقة