فورة المعارض علامة استقرار ببيروت

نقولا طعمة-بيروت
يشهد لبنان، وخصوصا عاصمته بيروت، فورة فنية وثقافية لافتة، وكأن البلاد تريد أن تفلت من أسر الأحداث والتطورات الأمنية لتعود إلى الحياة الطبيعية بنهم، في جو الاستقرار الجديد.
فمن المسرح إلى مهرجانات السينما إلى المعارض الفنية المختلفة من فن تشكيلي وتصوير، لا يستطيع الراغب في الفن زيارتها كلها، اللهم إلا إذا كان متفرغا لها.
وتعيش بيروت حاليا ما بين عشرين مسرحية ومعرضا تشكيليا. ومن المعارض واحد للفنان الانطباعي فؤاد جوهر في غاليري زمان، ولدانيال جينادري في غاليري أجيال، ولرانيا مطر في غاليري جانين ربيز، وحبل المعارض على الجرار مع فنانين محليين وعالميين.

لوحات تشكيلية
في غاليري أجيال، تعرض الفنانة دانيال جينادري مجموعة من اللوحات التشكيلية المرتكزة على التجريد الحديث بألوان هادئة وأحجام متوسطة أو صغيرة.
وتقول مديرة الغاليري كارول شحادة للجزيرة نت "بعد توقف استمر زهاء ثلاث سنوات منذ حرب يوليو/تموز والتطورات الأمنية اللاحقة، أعدنا تحريك عجلة المعارض حيث نقيم معرضا كل شهر. كما أوقفنا المعارض خلال شهر رمضان المبارك، وأعدنا النشاط بمعرض للفنانة الأميركية من أصل لبناني دانيال جينادري".
وأضافت "الحركة تؤشر إلى تحسن ملموس، إذ يزيد عدد الزوار عن السابق بنسبة 60%، كما لاحظنا نسبة مبيعات أعلى، مع العلم أن لا علاقة لنا بالمبيعات، فنحن نقيم معارض في لبنان ونتعهد معارض في الخارج. والسبب في تنشيط الحركة هو الاستقرار الأمني الذي نتمنى أن يستمر ليعود النشاط للبلاد".

لوحات فوتوغرافية
وفي غاليري جانين ربيز معرض فوتوغرافي بالأبيض والأسود للفنانة رانيا مطر، ركزت فيه على معاناة الناس الذين يعيشون ظروف الحروب وتداعياتها، انطلاقا من ضواحي بيروت حيث يتكثف الحضور الريفي والفلسطيني في مخيمات صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة.
وإضافة لمعرضها، تستعد مطر لمشروع لتعليم التصوير للمراهقات في مخيمات الفلسطينيين في لبنان، وللمراهقين اللاجئين في بوسطن الأميركية حيث تعيش.
وفي غاليري زمان في الحمراء ببيروت، حيث يقام معرض الفنان فؤاد جوهر أستاذ مادة التصوير والألوان في الجامعة اللبنانية وجامعة الألبا، يبدو أن أعمال جوهر تتركز على الانطباعية بالتقنية المائية، فهو من الفنانين القلائل المتخصصين بالأكواريل.
وفي كلام للجزيرة نت، اعتبر جوهر أن الاستقرار السياسي أساسي للحركة الفنية والثقافية، وقال "عندما دخل لبنان مرحلة السلم الأهلي أوائل التسعينيات، كنت أبيع كل لوحاتي في كل المعارض التي أقمتها".
رسم جوهر مدينته صيدا وأحياءها ومحيطها، وفيها بساتين الزيتون وزوارق الصيادين والبيوت التقليدية. ويقول إن صيدا تعتبر إحدى أقدم المدن في العالم، ولذلك نجد من البديهي ما يمكن رسمه فيها.

انتقام من القهر
ويصرّح مدير غاليري زمان موسى قبيسي للجزيرة نت بأن مركز عرضه يتميز بالتركيز على الفنانين الناشئين، وهو يقيم معرضا كل أسبوعين في برنامج معدّ سنويا، ويقصد الزوار الغاليري بطريقة اعتيادية، دون أن نشعر لا بتأخر ولا بتقدم في الحركة.
وعن رأيه في سبب طفرة المعارض قال "إنه انتقام من القهر السابق الذي ساد في أجواء تشاؤمية، وطبيعة الإنسان التفاؤل، ونحن ضمن ذلك أصررنا على افتتاح معرض كنا دعونا إليه خلال صيف 2006، ولم نلغه تحت القصف الإسرائيلي، وأقمناه على ضوء الشموع. بذلك نعتبر الفن نوعا من أنواع المقاومة. إنه مقاومة فنية".
وقال إنه افتتح الغاليري عام 1996 عندما وقعت مجزرة قانا الأولى، وكان الشعار أننا "لن نركع مهما كان السبب"، "وبقينا نعمل في هدي هذا الشعار".