مقر الجامعة الأميركية في العاصمة القاهرة (الأوروبية-أرشيف)
بدر محمد بدر-القاهرة
حذر عدد من خبراء اللغة العربية من انتشار التعليم باللغات الأجنبية في المدارس والجامعات المصرية, وطالبوا في حديث للجزيرة نت بدور رسمي أكبر لحماية العربية والحد من انتشار وتنامي التدريس بالأجنبية وبخاصة في المدارس الابتدائية, واعتبروا ذلك خطرا محدقا بمستقبل الثقافة العربية والإسلامية.
وطالب رئيس الجمعية المصرية لتعريب العلوم في حديث للجزيرة نت صناع القرار بعدم تعريض الأطفال لأي لغة أجنبية في سن مبكرة، بوصفه اتجاها يحول دون تمكين العربية الأم وينال من هوية الطفل المتلقي "ويعيق خطة التنمية والنهضة البشرية لأبنائنا مستقبلا".
وانتقد محمد يونس الحملاوي القبول الحكومي بنشر التعليم بالأجنبية، الأمر الذي يخلو من أي سند علمي أو منطقي، باعتبار أن الدراسات الدولية والمحلية في الماضي والحاضر أثبتت تفوق وارتفاع معدلات التحصيل الدراسي لمن يدرسون بلغتهم الأم, على أقرانهم الدارسين بلغة أجنبية.
التشرذم الثقافيعبد الرحمن النقيب: انتشار التعليم باللغات الأجنبية يخلع الشعب من ثقافته (الجزيرة نت)
وحذر أستاذ أصول التربية عبد الرحمن النقيب من انتشار المدارس والجامعات التي تدرس باللغات الأجنبية، لأنها تخلع الشعب خاصة النشء من ثقافته ودينه وهويته، وتهدده بالتشرذم الثقافي والانتماء للثقافات الأجنبية، والانخلاع من كل ما يمت بصلة للثقافة العربية والإسلامية.
وطالب النقيب بفرض الثقافة العربية على مؤسسات التعليم مع تحسين التعليم الحكومي "وإلا فستقع كارثة لا محالة" وهي اكتساح اللغات الأجنبية للعربية، وتصبح الأجنبية ملء السمع ولغة الحديث الدارج، بل ستتشكل فسيفساء خليط من اللغات الأجنبية، حاضرة بالشارع العربي على حساب العربية.
ونبه العميد السابق لكلية دار العلوم جامعة القاهرة حامد طاهر إلى خطورة انتشار المدارس والجامعات الأجنبية "لأنها تولد شعورا بعدم المساواة وتكافؤ الفرص" داعيا لمظلة تعليمية يتساوى تحتها الجميع "وإلا ستنجم مخاطر مستقبلية أشد خطورة".
تجربة استثمارية حامد طاهر: الجامعات الخاصة تجربة استثمارية تستغل الحاجة لفرص العمل(الجزيرة نت)
ورأى طاهر في الجامعات الخاصة تجربة استثمارية هادفة للربح, مستغلة حاجة ملحة للآباء في توفير بيئة تعليمية وعملية أفضل لأبنائهم، في ظل أزمة بطالة طاحنة "بل إن الجامعات الحكومية صارت تنافسها بإقامة أقسام بلغات أجنبية بمصروفات عالية".
وحذر الأستاذ بكلة الهندسة جامعة أسيوط د. محمد عبد الفتاح دهيم من أن هناك عشرين مليون طالب أي أكثر من ربع الشعب المصري "يعانون من تشوه متزايد للمناهج, أدى إلى مسخ ثقافي وضعف الانتماء".
وانتقد د. دهيم انتشار أكثر من 12 جامعة أجنبية "تعبث داخل المجتمع المصري بلا ضوابط لتنازع ثقافته الأصيلة" في إطار اتجاه رسمي لإزاحة اللغة العربية.
وأكد الباحثة ليلى اللبابيدي حقيقة علمية هي أن النمو اللغوي ضرورة لتنمية ذكاء الطفل، وأن لديه خمسين ألف دائرة عصبية عند الميلاد خاصة بنمو وتعلم لغة واحدة "فإذا دخل للطفل لغتان على عقله يحدث له اضطراب".
وشددت أستاذة علم النفس بمعهد دراسات الطفولة بجامعة عين شمس ليلى كرم الدين على أنه لا مانع من تعلم لغة أجنبية "ولكن بعد إتقان اللغة الأم قراءة وكتابة" ونبهت إلى أن بعض حالات التلعثم وتأخر الكلام في عيادات التخاطب، تنتج عن تعلمهم للغة أجنبية في سن مبكرة.
على الجانب الآخر رأت رئيسة لجنة ثقافة الطفل بالمجلس الأعلى للثقافة عبلة عثمان في حديثها للجزيرة نت أن تعلم الطفل أكثر من لغة في سن مبكرة شفويا واستماعا وقراءة "لا يصيبه بالاضطراب ولا يضعف لغته الأم، بل ينمي شخصيته وثقافته ويزيد من حصيلته اللغوية، فالمهم هو طريقة التلقي والتدريس".