هل تراجع مؤشر الدراما المصرية؟

الجمهور المصري تعود منذ إنشاء التلفزيون المصري أن يكتفي بكل ما هو مصري وأغلب المحطات العربية قبل بضع سنوات كانت تنتظر أيضاً المسلسل المصري لتقديمه في وقت الذروة.
لكن مع انتشار الفضاء خاصة في السنوات العشر الماضية أصبح من النادر أن تكتفي الأسرة المصرية بالمسلسل المصري ولهذا بدأ الجمهور عن طريق "الريموت كنترول" يكتشف فناً وإبداعاً آخر.
هذا هو الخطر الأول الذي يعني تغير ذائقة الجمهور, أما الخطر الثاني الذي يواجه الدراما المصرية فهو الاستسلام والاستسهال. الاستسلام لسطوة كبار النجوم والاستسهال في التنفيذ حيث أن أغلب الأعمال الفنية على الشاشة ينقصها الكثير من التفاصيل.
والخطر الثالث هو أن النجوم الكبار الذين ارتبطوا بالشاشة في رمضان وعلى رأسهم يحيى الفخراني، ونور الشريف, ويسرا، وإلهام شاهين, مر بهم الزمن وأصبح من الضروري أن تكتب لهم أعمال خاصة تتلاءم مع المرحلة العمرية التي يعيشونها.
بعضهم تعايش مع صوت الزمن وبعضهم أغلق أذنيه وعقله أمام هذا الصوت. يمكن على أرض الواقع أن ترى هذا العام أن ثلاثة من كبار النجوم يتعاملون مع مخرجين عرب, فمثلا يسرا للعام الثاني مع محمد عزيزية الأردني "في أيد أمينة" و"نور الشريف" للمرة الثانية مع يوسف شرف الدين اللبناني الجزء الثاني من "الدالي". أما يحيى الفخراني فظهر في أول تعاون له مع المخرجة السورية رشا شربتجي.
" يحيى الفخراني مع المخرجة السورية رشا يبدو كأنه الأكثر تماسكاً في المسلسل الذي كتبه محمد جلال عبد القوي والذي يبدو به قدر لا ينكر من الإطالة " |
ويحمل هذا التعاون دلالة هامة وإنذارا للمخرجين المصريين. هذه هي المخاطر العامة التي تواجه الدراما المصرية ونحاول في هذه المساحة أن نلقي الضوء على بعض هذه المسلسلات.
ولو تتبعت "في أيد أمينة" ستتكشف أن "عزيزية" أمعن في الخضوع للبطلة يسرا ووافق على أن يصبح المسلسل مجرد تعبير مباشر عن رغباتها فهي البطلة التي تمسك بكل الخيوط وهي المثالية والمضحية وتظهر يسرا وكأنها لا تبذل أي جهد حقيقي في تقمص الشخصية التي تؤديها.
نور الشريف يبدو أنه لم يرد أن يجهد نفسه كثيراً في البحث عن شخصية جديدة أو فكرة جديدة يقدمها فقرر أن يقدم جزءا ثانيا بدون ضرورة درامية من "الدالي" والغريب أن هناك جزءا ثالثا أيضاً في الطريق.
أما يحيى الفخراني مع المخرجة السورية رشا فيبدو كأنه الأكثر تماسكاً في المسلسل الذي كتبه محمد جلال عبد القوي والذي يبدو به قدر لا ينكر من الإطالة.
ولكن تقديم شخصية بطل بها خطأ تراجيدي وضعف لم تتعود عليها كثيراً الدراما المصرية لأن المتلقي يجد نفسه حائراً بين التعاطف والإدانة.
وتبقى ملاحظات على مسلسل "ناصر" إخراج السوري باسل الخطيب حيث أن البطل مجدي كامل رغم تماثله الشكلي مع جمال عبد الناصر فإنه لم يقدم روحه بالإضافة إلى أن تاريخ الحقبة الناصرية يغلب عليه السرد التوثيقي.
أما إلهام شاهين في مسلسل "قصة الأمس" للمخرجة إنعام محمد علي, فتبدو القماشة الدرامية لا تتعدى سهرة تلفزيونية أحالها الكاتب محمد جلال عبد القوي إلى مسلسل طويل القامة عريض المنكبين لكنه أجوف البناء.
ويبقى مسلسل "أسمهان" لا تستطيع سوى أن ترى فيه مشاركة عربية للمخرج التونسي شوقي الماجري والأحداث بين مصر وسوريا والشخصيات مصرية وسورية ولبنانية تقدم أدوارها بحالة من الدفء.
المسلسل جيد ولكن عيبه أن الشقيق الأكبر لفريد وأسمهان وهو فؤاد الأطرش أخذ مساحة درامية يبدو أنها صارت طاغية على أغلب الأحداث، لكنه لا يزال هو الألفة بين كل المسلسلات وإن كنت لا تستطيع أن تطلق عليه صفة مسلسل مصري خالص.