انهيار سقف "زهرة الفيحاء" يطوي صفحة من الفن العربي

المسرح من الخارج في السنوات الأخيرة
مسرح زهرة الفيحاء من الخارج في السنوات الأخيرة (الجزيرة نت)
نقولا طعمة-طرابلس
                                                      

انهارت مساء أمس أرضية مسرح "زهرة الفيحاء" بلبنان وأسف كل الذين عرفوا تاريخ هذا المسرح لمآله.

ولم يكن الأسى بحجم أهمية المسرح أيام عزه لأنه مضى ما يزيد على 33 سنة على بدء خرابه، ثم نهب وأفرغ من محتوياته، لتنبت بجنباته الأعشاب والأشجار البرية، وعلت متجاورة مع أعمدته الحجرية الثمانية الأضلاع، ودعائم حديد الألواح (الشرفة المرتفعة في المسارح والسينمات).

ومع استقرار الأوضاع في لبنان، بدأت المناشدات ترتفع لإنقاذ إرث كبير قلما شهده العالم العربي، فلم تلق المناشدات آذانا صاغية حتى سقط بالأمس، فكانت ردات الفعل شبه يائسة لأن المسرح بات بالنسبة لمعاصريه كمريض فقدوا الأمل من شفائه.

المسرح من الداخل قبل انهيار أرضيته (الجزيرة نت) 
المسرح من الداخل قبل انهيار أرضيته (الجزيرة نت) 

ردود الفعل
وأعلن رئيس بلدية طرابلس رشيد جمالي أن سبب الانهيار الذي قتل فيه عاملان وجرح خمسة، مجهول، والتحقيق لا يزال في أوله. وقال للجزيرة نت إن "زهرة الفيحاء" خسارة كبيرة، ولم يكن لنا كبلدية أي مشروع لترميمه لأنه مملوك ومن الصعب حصر ورثته.

وتذكر جمالي إحدى المناسبات التي جرت على المسرح عندما كان في سن العاشرة ودعيت المدينة لحضور أمسية للسيدة أم كلثوم، فخرج الناس إلى المسرح، وتحلق المئات من الكبار حول سيارتها دون رؤيتها، ومنع دخول المسرح الذي عج خارجه أكثر من داخله بالحاضرين.

من جهته أبدى رئيس المجلس الثقافي للبنان الشمالي الدكتور نزيه كبارة -وهو مؤلف كتاب عن المسرح ومن ضمنه "زهرة الفيحاء"- أسفه لخسارة طرابلس والشرق العربي هذا الصرح الفني الكبير بدلا من أن يعاد ترميمه وتشغيله.

وقال في تصريح للجزيرة نت إن المسرح الذي أنشئ بهندسة إيطالية مطلع القرن وخصصت له 25 لوحة بمناظر مختلفة لتكون خلفية المسرح، استضاف في النصف الأول من القرن الماضي أهم الفرق المسرحية العربية والمغنين، ومثل عليه أهم ممثلي العرب.

وأضاف كبارة أن بدء تدميره كان عام 1975 عندما أصابت سقفه القرميدي قذائف مدفعية، وهاجر أصحابه وأهملته الجهات الرسمية.

من ناحيته تأسف المخرج المسرحي "التسعيني" وقائد فرقة "نبتون" للمسرح رفيق الرفاعي لانهياره مضيفا للجزيرة نت أنه قدم فيه عدة مسرحيات في أواخر الثلاثينيات وأوائل الأربعينيات.


"
لم يبق فنان عربي معروف لم يزر مسرح "زهرة الفيحاء" مثل أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وفريد الأطرش
"

أسماء كبيرة
وتذكر مختلف المراجع التاريخية أن والي طرابلس زمن العثمانيين حسن الآنجا أسس المسرح نحو عام 1907.

وتتحدث روايات أخرى عن حضور سيد درويش بصحبة سليم عطا لله إلى طرابلس عام 1912 وقدم الاثنان عروضا في المسرح الذي عرف في ذلك العصر بمسرح الآنجا تيمنا بمؤسسه.

كما حضرت فرقتا التمثيل المسرحي بقيادة الشيخ سلامة حجازي، وزكي عكاشة الذي قدم في زيارات متفاوتة "شهداء الغرام" و"روميو وجولييت" و"صلاح الدين الأيوبي"، وقدم يوسف وهبي "كرسي الاعتراف" و"عطيل" وسواهما.

ولم يبق فنان عربي معروف لم يزر أو يقدم فنه في زهرة الفيحاء مثل أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب، وفريد الأطرش وسواهم.

وللإشارة فقد استأجر المسرح أفراد من آل الحكيم أواسط الثلاثينيات وحولوا اسمه إلى "الببغاء".

المصدر : الجزيرة

إعلان