توفيق الحكيم في معرض دولي بجنيف

تامر أبو العينين-جنيف
لا يختلف الكثير من نقاد المسرح على دور المفكر والأديب المصري توفيق الحكيم في مسيرة المسرح العربي، لكنهم ينظرون إلى هذا الدور من زوايا مختلفة.
هذه الزوايا تعرف عليها زوار الجناح المصري الذي يحل ضيف شرف على معرض جنيف الدولي للكتاب والصحافة في دورته الثانية والعشرين وفعالياته التي بدأت الأربعاء الماضي وتستمر حتى الأحد المقبل.
فقد رأى الكاتب المسرحي المصري أبو العلا السلاموني في حديث للجزيرة نت أن الحكيم وضع حدا فاصلا بين مرحلتين، حيث كان المسرح قبله يعتمد في أغلبه على الارتجال والعشوائية، ثم وضع الحكيم أسس المسرح المسجل المنظم الذي يقف على أساس سليم.
بناء أدبي
ويعتقد السلاموني أن الحكيم كان معنيا في الأساس ببناء أدب مسرحي عربي يستطيع المثقفون الاستمتاع به والأكاديميون يهتدون به، ولذا حرص على تقديم كتاباته بالمعنى الأدبي الجاد الملتزم.
أما أعمال زكي طليمات ويوسف وهبي وجورج أبيض التي شهدتها المسارح العربية في النصف الأول من القرن العشرين، فرأى السلاموني أنها كانت تعتمد على نصوص أجنبية يتم تقديمها كما هي، بينما أسس توفيق الحكيم الكتابة للمسرح العربي بمنهج واضح.
في المقابل، يعترف رئيس المركز القومي المصري للمسرح سامح مهران أن الأدب المسرحي العربي اعتمد بالفعل لفترة كبيرة على التمصير والاقتباس من مؤلفين فرنسيين وإيطاليين، لكن هذا لا يجب أن يغفل أعمالا مسرحية مصرية خالصة قبل مرحلة توفيق الحكيم تناولت قضايا هامة حسب قوله.
فالمسرح المصري -يتابع مهران- تناول قضايا وطنية مثل ثورة 1919 وحادث قرية دنشواي التي شنق البريطانيون رجالها، وناقش منذ مطلع القرن العشرين مشكلة عودة المبعوثين المصريين من أوروبا بزوجات أجنبيات والانعكاسات السلبية الناجمة عن ذلك.

بصمات متنوعة
ويؤكد السلاموني أن كل أعمال توفيق الحكيم كانت بصمات ريادية في تاريخ المسرح العربي، لأنه كان رائدا في عدة مجالات فاستخدم الأسطورة الفرعونية في "إيزيس" واستند إلى الكتب السماوية في "سليمان الحكيم" و"أهل الكهف" وصولا إلى التيارات الحديثة مثل "يا طالع الشجرة" التي تنتمي إلى مسرح العبث.
ويرى أن الحكيم كان رائدا في تقديم المسرحية الريفية التي جمع فيها بين العامية والفصحى، وجمع بين الرواية والمسرحية في عمله الأدبي "بنك القلق".
إلا أن مهران لا يرى ضرورة استخدام المسميات المطلقة، مثل "أبو المسرح الحديث" أو غيرها، ويعتقد أن هذا لا ينفي أن توفيق الحكيم كان حلقة هامة في عملية التأثير والتأثر التي عاشتها الحياة الثقافية العربية.
ويتفق الرجلان على تأثير توفيق الحكيم على الحركة الأدبية في مصر والعالم العربي، فمن عباءته ظهر السوري عبد الله ونوس، والمغربي عبد الكريم بلرشيد والتونسي عز الدين المدني، وألفريد فرج في مصر، حيث فتح الحكيم طريقا لهؤلاء الكتاب لتقديم إبداعاتهم بلغة مسرحية عربية.
الحكيم دوليا
وقد أعرب العديد من الأوروبيين الذين تابعوا الندوة عن دهشتهم لعدم وجود ترجمات كافية لتوفيق الحكيم رغم مكانته الرائدة في مسيرة الأدب العربي كما أوضحتها مناقشات تلك الندوة بين المتخصصين.
وقال أحد الحضور للجزيرة نت لا يكفي ترجمة أعمال كاتب ما لأنه حصل على جائزة دولية، بل يجب تقديم الثقافة العربية في صورة متكاملة، ليدرك القارئ الأوروبي أن الحركة الثقافية العربية جزء من المشهد الثقافي العالمي.
وأعرب آخر عن ثقته بأن هناك الكثير من الأوروبيين يعتقدون أن الأعمال العربية المترجمة تغطي كل الأدباء العرب المتواجدين على الساحة.
لكن الندوة على الرغم من ثرائها لم تقدم مقارنة بين توفيق الحكيم وكتاب أوروبيين آخرين عاصروه، لوضع هذا المفكر والأديب المصري في مكانته الصحيحة بين أقرانه في الغرب.