ملتقى الفجيرة يناقش الحوار الثقافي العربي مع الآخر

خصصت الجلسة الثالثة والختامية لملتقى العقد العربي للتنمية الثقافية المنظم بالفجيرة بالإمارات العربية المتحدة، لنقاش العلاقة العربية مع الآخر، خصوصا في بعدها الثقافي ومكانة هذا المفهوم في العقد العربي للتنمية الثقافية.
وشارك في هذه الجلسة مثقفون وكتاب وأدباء من دول عربية شتى إلى جانب نظرائهم من دول غربية وآسيوية.
" الخلاف مع الآخر ليس ثقافيا بل سياسي، والخطأ هو مناقشة القضايا السياسية في سياق ثقافي " |
الإرهاب والثقافة
وقد حضر مفهوم الإرهاب بقوة في نقاش المؤتمرين بملتقى الفجيرة لموضوع العلاقة الثقافية العربية بالآخر.
وخلصت الجلسة إلى أن الإرهاب في الأساس ظاهرة سياسية قبل أن يكون ثقافية، حيث إن الظاهرة الثقافية تتشكل على مدار زمني طويل، على عكس السياسية ذات الوتيرة السريعة والمرتبطة بالمصالح الآنية والعلاقات الدولية المتحولة.
ويرى الأديب والمفكر المصري فاروق جويدة أن الإرهاب بشكله الحالي "طرح سياسي وليس طرحا ثقافيا، بدليل أن هذه الظاهرة لم توجد في الماضي، بل إن الثقافة العربية ظلت ثقافة حوار وتفاعل".
من جهتهم أكد المؤتمرون أن الطرح الذي يرى أن الإرهاب أيا كان مصدره قد نبت في بيئة سياسية ولم ينبت في بيئة ثقافية، ربما قرب المسافات بين العرب وغيرهم، خصوصا أن مصدر قوة الثقافة العربية هو انفتاحها على الثقافات الفارسية واليونانية في القديم، وتعاطيها الإيجابي وتفاعلها مع الثقافة الغربية الحديثة.
ولم يمنع استعمار الغرب للعالم العربي من استفادة هذا الأخير من الثقافة الغربية "وما وقع من مقاومة في الجزائر ضد الفرنسيين وفي ليبيا ضد الإيطاليين قديما وما يقع في العراق الآن ضد أميركا ليس رفضا ثقافيا بقدر ما هو دفاع عن الأوطان".
لذلك فالخلاف مع الآخر ليس ثقافيا بل سياسي، والخطأ هو مناقشة القضايا السياسية في سياق ثقافي.
تصحيح الصورة النمطية
من جهته أكد الكاتب البحريني حسن مدن أن العالم الغربي يعطي للعرب صورة نمطية سلبية، ويحتاج العرب إلى جهود كبيرة لتصحيحها.
وأضاف "إننا وإن ذهبنا إلى أن أساس الإرهاب ربما كان سياسيا، فلا ينبغي أن نقلل من العامل الثقافي لأن الفكر المتطرف هو الأرضية التي يتعلق بها الإرهابيون، ولا بد من التساؤل عن مكامن الخلل في البنية الثقافية العربية لهذه الظاهرة".
وأجمعت القاعة على أن غياب الفعل العربي الثقافي الواعي هو الذي ساعد على تكريس الصورة النمطية التي تشكلت في الذهنية الغربية عن العرب.
ودعا المشاركون إلى مزيد من التحاور الثقافي مع الآخر ومد جسور التفاعل، وأشار المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم د. المنجي بوسنينة إلى أن منبع العنف أيا كانت جهته هو الجهل المتبادل.
من ناحيته أكد الأمين العام لمعهد المسرح العالمي التابع لمنظمة اليونسكو توبياس بيانكوني أن نقاش مفردات العقد العربي في ملتقى الفجيرة جاء في الوقت المناسب، حيث كرس في جانب من جوانبه التبادل الثقافي والتحاور مع الآخر.
زيادة الأنشطة الثقافية
وأكدت الجلسة أن زيادة الأنشطة الثقافية وتنوعها سواء أكانت مسارح أو معارض أو ندوات ثقافية أو غير ذلك من الإبداعات الثقافية، ما هي إلا وسيلة للتعريف بالثقافة العربية ودعم التحاور مع الآخر.
وقال المدير الإقليمي للهيئة العالمية للمسارح في أوروبا د. توماس أنجيل إن المجتمع المبدع الحيوي يتقبل الآخر، والإبداع الثقافي أساس عملية التطور والتواصل.
وأبدى المؤتمرون في سياق نقاش أهمية الأنشطة الثقافية، أسفهم على كون العالم العربي يمتلك 280 محطة تلفزيونية، ولا تجد الثقافة الجادة لها مكانة في هذا الزخم الإعلامي المرئي.