يافا عروس البحر.. كتاب يرصد الملامح الثقافية للمدينة

وديع عواودة-حيفا
يؤكد كتاب جديد أن مدينة يافا، التي صادفت ذكرى سقوطها الستون الثامن من الشهر الجاري، شكلت عصب الحياة الاقتصادية والثقافية في فلسطين وعاصمتها التجارية.
ويوضح كتاب "يافا عروس البحر" لصاحبه فخري جدي ابن يافا والذي يستعيد ملامح يافا من الناحية الثقافية، أن المدينة بلغت أوج انتعاشها في نهاية الانتداب وكانت أكبر مدن فلسطين حيث بلغ عدد سكانها قبيل نكبتها نحو مائة ألف نسمة.
ويرى الكاتب في مؤلفه مساهمة في حفظ معالم يافا -التي استكمل احتلالها اليهود يوم 12 مايو/أيار 1948- في الذاكرة الجماعية الفلسطينية في وجه محاولة طمسها المتواصلة منذ ستة عقود على يد السلطات الإسرائيلية، فيسرد الأسماء العربية للمؤسسات والعمارات والشوارع ودور السينما والمسارح والمقاهي والأندية الرياضية والاجتماعية.
ويشير الكتاب الصادر عن مطبعة الآباء الفرنسيين في القدس هذا الشهر، إلى إقبال الأهالي على مشاهدة الأفلام التي عرضت في دور السينما الخاصة كسينما الرشيد والنيل والشرق والفاروق والحمراء وأبولو وغيرها، وينوه إلى التحاق بعض شباب المدينة بمدرسة الإنتاج والإخراج الأميركية في هوليود في مرحلة الانتداب.
ويورد الكتاب قائمة بأسماء ومواقع المساجد التاريخية في يافا والتي حولت بعضه السلطات الإسرائيلية إلى كنس أو مستودعات تجارية بخلاف الكنائس التي حوفظ عليها.
ويرى الكاتب أن ازدهار الصحافة فيها كان شاهدا على ازدهارها الثقافي، وينوه إلى دورها الوطني الهام ويشير إلى كبرى هذه الصحف "فلسطين" التي تأسست عام 1908 على يد الأستاذ عيسى داود العيسى وشقيقه يوسف.
مشاهير وفنانون
" من بين مشاهير يافا وممن درسوا فيها: إبراهيم أبو لغد وهشام شرابي وجورج حبش وسليم تماري " |
ويستعرض الكتاب عبر 80 صفحة انتشار العشرات من المدارس الابتدائية والعليا، ويستذكر أسماء مشاهير يافا ممن درسوا فيها أمثال إبراهيم أبو لغد وهشام شرابي وجورج حبش وسليم تماري.
وبموجب معطيات الكتاب كان 416 طالبا من يافا يستكملون تعليمهم الجامعي في لبنان و631 طالبا يدرسون في مصر و15 في العراق.
كما يستذكر الكاتب، وهو صيدلي والده درس الصيدلة في إسطنبول وتلقى دراسته الجامعية في بيروت، المرافق الطبية في المدينة ومنها مستشفيات البلدي والكرنتينة والفرنسي والدجاني والإنجليزي.
ويورد فصلا للفنادق في يافا وأبرزها "كليف هوتيل" الذي هدمته إسرائيل، ولفت إلى أن الفنانين أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب ويوسف وهبي اعتادوا النزول فيه أثناء إحيائهم الحفلات.
ويدلل الكاتب على ازدهار مرافق الحياة الاقتصادية في يافا بالإشارة لكثرة المصارف العربية والأجنبية هناك ومنها البنك العثماني وبنك الأمة وبنك باركليز وبنك بنكودي روما.
برتقال يافا

ويقول الكاتب إن برتقال يافا يلقى رواجا عالميا منذ العام 1900 بعدما بدأت بتصديره عام 1880، في حين كانت غزة تصدر الشعير لمعامل الجعة في ميونيخ في ألمانيا إضافة للزيت والزيتون والصابون والجلود.
ويوضح الكاتب أن "شموطي يافا" شكل80% من برتقال يافا، كما يشير إلى أن مساحة "بيارات" الحمضيات في فلسطين بلغت عام 1948 نحو 300 ألف دونم، وينوه إلى تصديرها 24 مليون صندوق برتقال.
ويوضح أن زراعة "البرتقال الشموطي" في يافا بدأت في نهاية القرن الثامن عشر، ويلفت إلى بعض الأبحاث التي تقول إن راهبا أرمنيا جلب الشجرة من الهند وشمال إيران.
ويعزو ازدهار فرع الحمضيات الذي شكل عماد الاقتصاد في يافا إلى الأراضي الرملية والطينية الخصبة ولوفرة المياه الجوفية، لافتا إلى قيام الصهيونية باقتلاع عدد هائل من "البيارات" بعد اقتلاع أهالي المدينة عام 1948.
ويقول الكاتب المقيم في وطنه في خاتمة الكتاب إن مدينته بقيت حية في أذهان آلاف الفلسطينيين الذين طردوا من أرض أجدادهم وغدوا لاجئين في أصقاع الأرض وما لبثت منازلهم أن تعرضت للسلب والنهب وانتهاك الحرمات، ويضيف "يافا بمجدها وعزة أهلها باتت مدينة أشباح تبكي حالها بعدما هجرت ولم يبق فيها سوى 3200 نسمة فقط عاشوا في السنوات الأولى بعد النكبة في جيتو فرضه الاحتلال الإسرائيلي".