ترميم التكية المولوية بلبنان يعيد الروح للتراث الصوفي

نقولا طعمة-طرابلس
التكية المولوية بمدينة طرابلس اللبنانية على موعد مع إعادة التأهيل، بانتظار إنجاز تحضير محيطها الذي بدأته البلدية بإزالة الأبنية المخالفة حيث لم يبق سوى نقل سوق الأحد التراثي.
وتولت الحكومة التركية تغطية نفقات تأهيل التكية التي أصابتها أضرار عديدة كي تتحول مستقبلا إلى مركز ثقافي سياحي تديره البلدية.
والتكية المولوية من أبرز الآثار في طرابلس، بنيت عام 1028 هجرية الموافق 1619 ميلادية، ونسبت إلى صوفيين لقبوا بالدراويش اتخذوها مقرا لهم.
اتفاقية مع تركيا
ويتحدث متولي شؤون الأوقاف المولوية رياض المولوي (1931) ابن الشيخ أنور آخر المولويين، عن إعادة تأهيل التكية للجزيرة نت فيقول إن الأتراك سيتولون ترميمها بواسطة مسؤول شؤون الآثار في البلدية خالد تدمري.
ويضيف أنه تم الاتفاق بين البلدية والحكومة التركية وعائلة المولوي على البدء بالترميم، وتنازلنا شرط ألا يقام فيها ما يتعارض مع الشريعة الإسلامية.
واشترط الأتراك أن لا تقام فيها أنشطة معادية لتركيا، وأن يسمح لهم بإحضار فرقة تتقن الفتلة المولوية مرة في العام لإحيائها.
وذكر أن المعاملات في طور التقنين وستتولى شركة تركية التأهيل وتوضع في النهاية بتصرف البلدية، وستكلف الأعمال ما بين نصف مليون ومليون دولار أميركي.
وروى المولوي أنه عاش في التكية ردحا من حياته و"أعرفها حجرا حجرا، ورافقت المهندسين الأتراك وأخبرتهم كيف كانت".
وذكر أن أربعة احتفالات تقام سنويا في أبريل/ نيسان تضمنت الفتلة، إضافة إلى ليالي الجمعة ومناسبات كذكرى المولد النبوي الشريف أقيمت فيها حلقات الذكر المولوية.

وعلى ضوء خافت، يردد الحاضرون كلمة الله جل جلاله لمدة ثلث ساعة، ويقف الشيخ بعدها ويلفظ كلمة الله المديدة معلنا انتهاء الحلقة.
وعن الراقصين، قال إنهم توقفوا منذ أن أقفلت التكية أوائل الستينيات، ولم يتخرج بدائل لهم، مشيرا إلى أنه ربما سيكتفي بدعوة فرق من مدينة دمشق السورية.
البداية
تأسست المولوية عام 1207م في مدينة قونيا التركية على يد جلال الدين الرومي، وانتشرت في العصر العثماني إلى حلب ودمشق وطرابلس، وبلغ أعضاؤها خمسمائة مريد في ذروة نشاطها، واكتسبت شهرتها من الفتلة التي تميّزت بها.
ووصف أحد الصوفيين الفتلة بقوله إنه كلما دار الدراويش قربت نقطة التركيز في العيون نصف المغلقة، وانحنت الرؤوس قليلا، وارتفعت الأيادي نحو السماء.
وحدها رِجل ترتفع وتحط بينما الأخرى تدور كمحور، وتتسع التنانير البيضاء كدوائر سحر، والموسيقى ترتفع، وكلمات التسبيح لا تتوقف، ويذكر الله 360 مرة. وعند الفتل يقف الشيخ في الوسط، والمريدون حوله، فيبدو المشهد كشمس تدور حولها الكواكب.
وأتباع الطريقة صنفان هما "المحبان" المنقطعون إلى التكية، و"الإخوان" يعيشون حياتهم العادية خارجها.
ولعبت التكية دورا اجتماعيا في استضافة عابري السبيل، فآوتهم وقدم لهم فيها المأكل والمشرب والمغسل وممارسة الطقوس.
وظلت التكية تقوم بدورها الديني والاجتماعي حتى أوائل الستينيات، وكان آخر مشايخها الشيخ أنور المولوي الذي توفي عام 1963، وهو والد الأمين العام للجماعة الإسلامية في لبنان حاليا الشيخ فيصل المولوي.

التكية بأعين الرحالة
وحظيت التكية المولوية بإعجاب الرحالة الذين زاروها عربا وأجانب. ويعتبر ابن محاسن الدمشقي أول من زارها، وأرخ لبنائها سنة 1048 هـ الموافق 1639م.
وزارها الشيخ عبد الغني النابلسي أواخر القرن السابع عشر، وشبّهها بالجنة. وفي الثلث الأول من القرن التاسع عشر زارها البريطاني جون كارن ووصفها بالسحر. وفي صيف 1919 قصدها المستشرق الهولندي فدي يونغ ليفيد منها في أبحاثه.