المدرسة المستنصرية ببغداد تجدد حلتها وتنتظر الرواد
22/4/2007
تخضع المدرسة المستنصرية أحد أبرز معالم بغداد التاريخية والتحفة المعمارية والحضارية العباسية، لعملية إعادة تأهيل أملا في إعادة افتتاحها أمام الزوار بعد غياب استمر أربعة أعوام.
وتقول مديرة المدرسة سهيلة عبد الملك إن المدرسة التي تعتبر أول جامعة في التاريخ كانت مزارا للسياح الأجانب والباحثين خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي, أما اليوم فهي مهجورة بسبب الظروف الأمنية المتدهورة ومصاعب الحياة. وأعربت عن أملها في أن تولي دائرة الآثار العراقية اهتماما أكبر للمدرسة وتشجع الناس على زيارتها.
والمدرسة المستنصرية التي أمر ببنائها الخليفة العباسي الـ36 المستنصر بالله عام 1226 للميلاد, هي أقدم جامعة إسلامية لتدريس مختلف العلوم الدينية والطبية والفلكية والفلسفة والرياضيات.
وتقع المدرسة الفريدة في جانب الرصافة شرق نهر دجلة, وهي مستطيلة الشكل ويبلغ طولها 184 مترا من الخارج و44 مترا من الجهة الشمالية و48 مترا من الجهة الجنوبية، فيما تبلغ مساحتها الكلية 4836 مترا مربعا.
ويتوسطها صحن تحوطه الإيوانات والأروقة والمسجد، فضلا عن سبع قاعات كانت تستخدم للدراسة. وتضم المدرسة مائة غرفة صغيرة كانت مخصصة لسكن الطلاب تتوزع على طابقين، وتتوسط صحنها نافورة جميلة جفت مياهها لعدم الاهتمام، فضلا عن حدائق صغيرة في باحتها. وهناك إيوانان أحدهما شمالي وآخر جنوبي وإيوان غربي كان مخصصا لدرس علوم الطب والصيدلة ومعالجة المرضى.
وتأثرت المستنصرية بحملة المغول بقيادة هولاكو عام 1258 للميلاد بعد فترة وجيزة من بنائها، فدمرت مكتبتها وهجرها عدد من علمائها إلى مصر وبلاد الشام وغيرها. لكن التدريس استمر فيها لمدة أربعة قرون تخللتها فترات من التوقف حتى أغلقت أبوابها عام 1631.
وأشهر من تولى تدريس العلوم الطبية فيها شمس الدين بن الصباغ ومجد الدين أبو علي الحكيم في القرن الـ14, وعلاء الدين الأربكي الكتبي والبرزبي الذي كان يعد رأس العلوم الطبية وابن الكتبي الشافعي في القرن الـ15.
وتعرضت المدرسة لمحاولات لسرقة مصادرها من الكتب التاريخية وبعض الأدوات الأثرية التي كانت معروضة في إحدى قاعاتها أثناء الغزو الأميركي للعراق عام 2003, لكن الموظفين تمكنوا من حماية مكتبتها التي تحوي مصادر تاريخية عن مراحل المدرسة والفترات الذهبية التي عاشتها، ونقلوها خارجا, فضلا عن قطع أثرية استخدمت في التدريس.
وقالت الموظفة سند نها إن المدرسة عانت من الإهمال خلال السنوات الأربع الماضية, واليوم تقوم دائرة الآثار بأعمال صيانة على جدرانها الداخلية لمعالجة التصدعات والتشققات الناجمة عن المياه الجوفية نظرا لقربها من دجلة.
موظفة أخرى اسمها انتصار رحيم قالت إن علاقة حميمة تربط العاملين في المدرسة الأثرية بالمكان, "نتواصل معه يوميا بحكم عملنا، ونأمل أن يستعيد نبضه مجددا". وأضافت "عندما تستقر الأوضاع، سيزور العراقيون المدرسة مجددا، فهم مولعون بالتاريخ".
يذكر أن دائرة الآثار العراقية استعادت ملكية المدرسة المستنصرية عام 1940. وأجريت أول أعمال صيانة للمدرسة عام 1960 في جدرانها وزخارفها بعدما تضررت جراء الرطوبة.
المصدر : الفرنسية