سالونيك اليونانية تعرض ذهبها المقدوني
يعرض متحف الآثار اليونانية في مدينة سالونيك عاصمة شمال اليونان خلال مارس/ آذار الجاري مصوغات نادرة من منطقة الشمال اليوناني القديمة إضافة إلى تحف قديمة مزينة بالذهب وأقمشة مطرزة بخيوط ذهبية بذوق فني رفيع.
وقسم معرض "ذهب المقدونيين" إلى أربعة أقسام رئيسية، يشرح الأول مكانة الذهب في العالم اليوناني القديم والعوالم المحيطة به، بينما يعنى القسم الثاني باستعمال الذهب نفسه كأداة للزينة الشخصية وتزيين المعادن والعملات وغيرها.
أما القسم الثالث فيتحدث عن صناعة الذهب وصانعيه، بينما يختص القسم الرابع بالمدافن المقدونية وكيفية بنائها والحاجيات التي كانت تدفن فيها.
وقد وجدت أغلبية المعروضات في المدافن المحلية القديمة شمال اليونان (مناطق سالونيك، بيرياس، كيلكيس، خالكيذيكي) المؤرخة بين القرنين الثاني والسادس قبل الميلاد.
دلالات الذهب
ويظهر من خلال الصور والشروحات المرافقة للمعرض أن المدافن -على بساطتها- كانت ذات دلالة دينية واجتماعية كبيرة حيث كان المقدونيون يدفنون مع موتاهم بعض الحاجيات الخاصة.
أما الذهب فكان يوجد بكميات قليلة في قبور معينة للتعبير عن السلطة الدينية أو الزمنية أو المكانة الاجتماعية حيث كانت تدفن مع الأغنياء بعض الأقنعة الذهبية والأقمشة المطرزة بالذهب.
كما وجدت مدافن مقدونية شمال اليونان تحتوي على عملات قديمة وأوعية من الفخار وتماثيل معدنية وقطع من الأثاث وعربات تجرها الحيوانات.
ويبدو أن المقدونيين كانوا يدفنون موتاهم حسب طقوس خاصة تدفن فيها بعض المقتنيات الشخصية مهما غلا ثمنها بالإضافة إلى بعض الأضاحي الحيوانية.
وللمدافن نفسها مكانة خاصة لدى قدامى المقدونيين حيث لها أشكال خاصة وهي تنحت من الرخام أو تصنع من الفخار حسب مكانة المتوفى ومركزه الاجتماعي.
أما نوعية المقتنيات المرافقة للمتوفى فكان الجنس يحددها، فالرجال يدفنون مع الأسلحة الخاصة بهم، بينما كانت النساء تدفن مع حليهن ومصوغاتهن.
حرفة لا فن
كما كان صانعو الذهب المقدونيون يعتبرون حرفيين لا فنانين، ولعل هذا هو السبب وراء عدم توقيعهم على المصوغات التي كانوا يصنعونها، لذلك ضاعت معظم أسماء صانعي الذهب في تلك الفترة ولم ينقل لنا أي منها، ويبدو أنهم كانوا يوجدون في مراكز تجمع ومصانع في مراكز المدن الكبرى، حيث يسهل الوصول إليها وتلقى بضائعهم الرواج المطلوب.
ولم تكن أدوات الصائغين تتعدى قطعا بدائية من الخشب والحديد والعظام والفخار، وكان المشغل الذي يعمل فيه العديد من الأشخاص مزودا بفرن كبير لتطويع المعادن، كما يلاحظ وجود مطارق وأسافين حديدية ومثاقب.
التزيين بالذهب كانت له طرق عديدة منها إحداث تغييرات وثقوب في الذهب عبر الضغط أو الحفر والتحمير بوضع نقاط ذهبية في المعدن ولصقها بحيث تتميز عن سائر القطعة وتزيين المعدن بخطوط ذهبية تلصق عليه وأخيرا بشريط مفتول من الذهب المتميز.
وبالإضافة للقطع الفنية تعرض نصوص مكتوبة باللغة اليونانية القديمة يرجح أنها كتبت نهاية القرن الخامس قبل الميلاد من قبل العالم اليوناني القديم إيفثيقرونوس، الذي كان يشتغل بالطقوس والعبادات وعلم تكوين الأجرام السماوية، الذي كان يحتفظ بنظام ديني توحيدي يتعامل بتناسق وتواؤم مع الظواهر الطبيعية.
وتعبر الكثير من الأدوات والمصوغات عن التقاليد الاجتماعية والدينية التي سادت في تلك الفترة، وعن المكانة التي كانت كل طبقة اجتماعية تحتفظ بها لنفسها، حتى في حالة الوفاة.
كما أن البراعة التي تظهر في القطع التي يزينها الذهب -خاصة الأقمشة- تؤكد على أمر مهم هو أن الفن في العصر الحالي رغم كل التقدم التقني الذي شهده لم يستطع أن يتجاوز البراعة والذوق الفني والصبر الطويل الذي كان يتمتع به القدماء.
ــــــــــــــــــ
مراسل الجزيرة نت