صحفيون فرنسيون يحذرون من تقييد حرية الصحافة

سيد حمدي-باريس
تفاقم الموقف على صعيد حرية الصحافة في فرنسا مؤخرا عقب قيام محققين فرنسيين بتفتيش مكاتب مجلة لوبوان، والتحقيق مع ثلاثة من صحفييها خلال الشهر الحالي بحثاً عن وثائق قيل إنهم انتهكوا عبر حيازتها سرية التحقيقات في قضية منشطات متسابقي الدراجات المعروفة باسم (كوفيديس).
فقد اعتبر رئيس الملتقى الدائم لجمعية الصحفيين الفرنسيين فرانسوا مالي أن ما يحدث يعد نوعاً من العنف في حق زملاء العمل الصحفي مما قد يسبب مشاكل مستقبلاً، لأن الهدف في نهاية الأمر هو تحديد مصادر الصحفيين باستخدام وسائل تقنية من بينها التنصت على المكالمات الهاتفية لعدد من الصحفيين على مدى أسابيع عدة.
والشيء اللافت, كما أبلغ مالي الجزيرة نت، أنهم أخضعوا هؤلاء الزملاء للتحقيق، والغريب جداً هو محاولة تحديد المصادر التي يلجأ إليها الصحفيون لإنجاز عملهم, رغم أنه أضاف أنه يجب الاعتراف بأن الصحفيين ليسوا فوق القانون.
وبدوره شدد محامي الصحفيين الثلاثة كزافيير نورماند بودارد على أن هناك قوانين محددة تطبق بدقة على الصحافة. وأضاف أننا نعرف أن هناك ما يجرمه القانون مثل القذف، وأن الأمر حتى الآن يعد عاديا لأننا نعيش في مجتمع ديمقراطي. لكن ما يحدث هو أن الزملاء الصحفيين متهمون بإخفاء أمور تنتهك سرية التحقيقات.
وقال إن الإخفاء هنا يعني حيازة وثائق مكتوبة على سبيل المثال, وأضاف "الحقيقة أن زملائي لم يحوزوا إطلاقاً ما يذهب إليه المحققون، وإنما قاموا باستنساخ مضمون محاضر متعلقة بالقضية، وهذا ما يصنع الفرق الذي يجنبهم في حقيقة الأمر الملاحقة القضائية".
وأوضح المحامي "إذا ما كان القضاة قد قاموا بالتفتيش، فإن ذلك تم لمعرفة ما إذا كان الزملاء لديهم وثائق رسمية والذي من شأنه في حال حدوثه إثبات إخفاء وثائق تتعلق بالتحقيق.. الأمر هنا دقيق للغاية.. فرغم كل ما سبق، تحوم حولهم شبهات بإخفاء مثل هذه الوثائق التي لم يعثر على أي منها لدى الصحفيين".
وعن اللجوء إلى المحكمة الأوروبية قال مالي "إن زملاءنا مازالوا في مرحلة التحقيق ولم يصدر في حقهم أي حكم قضائي، وبذلك فإن اللجوء إلى المحكمة الأوروبية سابق لأوانه".
رمزية القضية
" مبدأ سرية المصادر معترف به عالميا ولا يجوز بالتالي ملاحقة الصحفيين بادعاء انتهاكهم لسرية التحقيقات من أجل محاولة الالتفاف على هذا المبدأ لأن ذلك سيمثل إضراراً بحرية التعبير والصحافة " |
وعن الوضع الحالي للصحفيين الثلاثة من الناحية القانونية، قال بودارد للجزيرة نت إن "الموقف ببساطة هو أنني أدافع عن أشخاص تم التحقيق معهم بسبب انتهاك سرية تحقيقات قضائية عبر الحصول على وثائق معينة".
ورأى أن الصحفيين "لم يرتكبوا خطاً وأن المبدأ الأساسي وهو سرية المصادر معترف به عالمياً وتقره المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.. وبناء على هذا لا يمكن توجيه اللوم لهم وملاحقتهم بإدعاء انتهاكهم لسرية التحقيقات من أجل محاولة الالتفاف على المبدأ المطلق الخاص بسرية المصادر، لأن ذلك سيمثل إضراراً بحرية التعبير وحرية الصحافة".
وأشار إلى وجود حالات مشابهة وقعت سابقاً في فرنسا وخضعت لأحكام القانون "وهناك إحدى الحالات التي تنظرها حالياً المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان والتي آمل أن تصدر حكمها في هذا الشأن خلال الشهور القادمة".
وأصر المحامي على أن موكليه "لم يرتكبوا خطاً يمكن أن يؤدي إلى هذه الدعوى، بصرف النظر عن الطريقة والدور الذي تؤدي قاضية التحقيق عملها". وأكد على أهمية الإشارة إلى "رمزية القضية" في مجال الصحافة من حيث التهديد الذي يمكن أن يلحق بحرية الصحافة.
وحول مساعي وزير العدل دومينيك بيربن لتعديل القانون من أجل تحقيق المزيد من الحماية للصحفيين، قال بودارد "في أعقاب تفتيش مكاتب الصحف والمجلات على خلفية هذه القضية قامت لجان ببحث الأمر بالاشتراك مع ممثلي الصحافة ومناقشة التطورات اللازمة المتعلقة بحقوق المهنة" وأكد في هذا الصدد على أن التعديل في القانون من شأنه أن "يسير في الاتجاه الصحيح" أي في صالح الصحافة والصحفيين.
____________
مراسل الجزيرة نت