فيلم جنين يعرض برام الله رغم الحظر الإسرائيلي
قال مخرج فيلم "جنين جنين" الذي يعرض شهادات حية لسكان هذا المخيم عما حل به من قتل ودمار أثناء العملية العسكرية التي نفذها جيش الاحتلال مطلع أبريل/ نيسان الماضي, إنه صنع هذا الفيلم بقلبه قبل عقله. وأوضح بكري في مؤتمر صحفي عقده إثر عرض الفيلم يوم أمس في سينماتيك القصبة بمدينة رام الله في الضفة الغربية، أنه من غير الممكن توثيق ما حدث بجنين في 58 دقيقة فقط.
وكان الفيلم عرض في القدس الغربية مرة وفي تل أبيب مرة أخرى وبعدها منعت اللجنة الإسرائيلية للرقابة بثه يوم العاشر من هذا الشهر، معتبرة أنه يقدم رواية منحازة وغير دقيقة للأحداث.
ورغم قرار حظر العرض فقد قدم الفيلم أمس في قاعة جامعة تل أبيب بحضور شخصيات عدة من معسكر السلام الإسرائيلي. وقالت النائبة السابقة في الكنيست شلوميت ألوني العضوة في حزب ميرتس اليساري إن الفيلم مؤثر جدا ويعرض الخراب والدمار والجرحى واليأس والإحباط والشعور بالإهانة وعدم تلقي الإجابات.
وتساءلت "هل تعرفون ماذا يعني هدم 80 بيتا؟ إنه أمر أكبر من مسألة أرقام!". واعتبرت شلوميت أن "من العيب أن لا يعرض الفيلم في إسرائيل.. اليوم السماء مفتوحة والعالم مفتوح ومن غير المعقول أن يعرض الفيلم في دول العالم ولا يعرض في إسرائيل". وأضافت "أعتقد أنه حان الوقت لأن نسمع الطرف الآخر، ونحن كشعب إسرائيلي أحوج من غيرنا لسماع الطرف الآخر".
من جهته أكد المخرج عزمه الطعن في قرار منع الفيلم أمام المحكمة الإسرائيلية العليا، مضيفا "لدي لقاء الاثنين القادم مع اللجنة قبل أن تبت المحكمة في الموضوع". وقال بكري وهو من فلسطيني 1948 يقيم في إسرائيل ويحمل جنسيتها, "أقدمت على هذا العمل لشعوري بالعجز كإنسان أنتمي لهؤلاء الناس ولا أستطيع مساعدتهم وأنا أسكن على بعد نصف ساعة منهم".
وقد بدأ المخرج تصوير "جنين جنين" نهاية أبريل/ نيسان الماضي وهو يكثر فيه من صور الهدم والدمار مبرزا عمق العلاقة بين الإنسان والمكان. وأكد أنه "بالنسبة للجيل الجديد لم تعد مسألة العودة إلى القرى التي هاجرت منها عائلاتهم ضمن أولوياتهم، بل باتت فكرة الصمود والبقاء في المخيم وعدم تكرار مأساة الهجرة هي المستحوذة عليهم.. وبات المخيم الموطن المؤقت للاجئين هو الوطن بحد ذاته".
ويبدأ الفيلم براو أخرس يقود المشاهد بالإشارات عبر أزقة المخيم المدمرة ويروي بإيماءات جسده كيف كان الهدم والحفر والإصابة بالرصاص. ويظهر الألم والغضب والحزن والسخرية. وقد أضافت المؤثرات الصوتية والموسيقى بعدا للفيلم وعمقت الإحساس بالمعاناة.
كما يعرض الفيلم لوحات لشخصيات مختلفة كل منهم يروي الأحداث التي مرت عليه بطريقته الخاصة. فهناك الشاب الذي يتساءل "لماذا يفعل الإسرائيليون هكذا بنا؟" وهناك بائع الأحذية الذي يتجمهر الناس حوله فهو يتخيل أنه يتحدث مع الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان ليسأله عن لجنة تقصي الحقائق حول جنين، مستخدما حذاء عوض الهاتف النقال.
ويحكي رجل مسن ما حدث له عندما لبى نداء الجيش الإسرائيلي بالخروج حفاظا على سلامته, لكن أحد الجنود أطلق عليه النار متعمدا وأصابه, وعندما لم يقدر هذا المسن على الوقوف هدده الجندي "إذا أردت أن لا تموت عليك بالسير". ويبكي الرجل ويبتلع مع دموعه المهانة التي يشعر بها وآثار إصابته بادية في قدمه ويده. وقد حاز الفيلم على جائزة مهرجان قرطاج التونسي للأفلام الوثائقية وجائزة أخرى في مهرجان الإسماعيلية بمصر.