الجزيرة محرك التغيير الأول في الإعلام المرئي العربي
خلصت دراسة متخصصة في شؤون الإعلام الفضائي شملت حصرا دول العالم العربي إلى جانب دول شرق أوسطية غير ناطقة باللغة العربية مثل إيران وتركيا، إلى أن قناة الجزيرة الفضائية تحتل موقعاً رائدا في تنمية وتطوير البث الفضائي في العالم العربي وتعتبر المسؤول الأول عن التغيرات الجذرية التي ما فتئت تطرأ على الإعلام المرئي فيه.
فقد جاء في الدراسة التي أعدتها مؤسسة "سبوت بيم كوميونيكيشنز ليمتد" البريطانية ونشرتها على موقع تيليكوم ويب أن قناة الجزيرة تستقطب اليوم حوالي 35 مليون مشاهد، ما يعتبر رقما "صحياً للغاية بالنسبة لقناة إخبارية بحتة", حسب ما جاء في التقرير.
ويعزو التقرير نجاح الجزيرة إلى أنها تقدم خدمة تعجز القنوات العربية الأرضية عن توفيرها. فهي تؤمن "خدمة معلوماتية على مستوى عالمي هي عبارة عن أخبار وآراء حرة وبدون رقيب، يقدمها عرب ومخصصة للمشاهد العربي". وأشار التقرير إلى أن الدليل على أن القناة تؤدي عملها بشكل ممتاز يكمن في أن "مضمون برامجها يستقطب انتقادات عارمة من الأنظمة في المنطقة وكذلك في كل من إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا…".
ويقول التقرير "طبعاً ثمة أوجه تحيز في تغطية الجزيرة", إلا إنه يستطرد قائلا إن شبكتي BBC وCNN وكذلك صحف عريقة مثل ديلي تلغراف البريطانية "المغالية في تبنيها للمواقف المحافظة، تنتهج نفسها سياسة تحريرية متحيزة". ويتابع معد التقرير شارحا أن الخبر الحقيقي هو الذي يسترعي الانتباه ويخلق ردود فعل إزاءه، أما الأخبار التي تمر مرور الكرام فهي عمليا "نوع من الإعلان".
ويضيف التقرير أن ما يميز قناة الجزيرة أيضا هو أنها لم تخضع للضغوط ولم "تجبن وتتقوقع في نظام قاس من الرقابة الذاتية، لا بل (استمرت) بالسماح بعرض آراء متناقضة جذرياً". وخلص معد التقرير إلى أن قناة الجزيرة تدير محطة "على درجة عالية من الاحتراف والمهنية".
آفاق الإعلام المرئي
من ناحية أخرى استعرض التقرير آفاق مستقبل الإعلام المرئي في منطقة الشرق الأوسط، والتي شملت وسائل غير ناطقة باللغة العربية، حيث استبعد أن يكف السياسيون أيديهم ويتخلوا عن سيطرتهم على محطاتهم الأرضية.
وفي السياق نفسه نوه التقرير بأن الجهود التي بذلت في سبيل التحكم ببث المحطات الفضائية، من خلال منع الصحون اللاقطة واستخدام تقنية تسمح بمراقبة الإنتاج التلفزيوني الفضائي وتقطيره، باءت بالفشل وتوقفت بشكل عام، ما أفسح المجال أمام اتساع نطاق الذي يتعارف على تسميته البث الفضائي المباشر غير المشفر (Direct To Home – DTH) الذي يصل إلى المشاهد بدون الحاجة إلى أجهزة استقبال مشفرة أو عبر الكيبل.
وتجدر الإشارة إلى أنه يمكن استقبال قناة الجزيرة في القارة الأميركية شمالا وجنوباً وأستراليا إضافة طبعا إلى الشرق الأوسط وشمال ووسط أفريقيا وأوروبا وآسيا. وتحدث التقرير في سياق عرضه للبث الفضائي العربي عن بروز اتجاه للبث من خارج المنطقة في العقد الأخير من القرن المنصرم أملا في تفادي مقص وغضب الرقيب، خاصاً بالذكر محطات MBC التي اختارت لندن، و ART وأوربت اللتين اختارتا إيطاليا "لاعتبارات تتعلق بالرقابة أيضاً"، وفق من أورد التقرير.
لكن يبدو أن نجاح قناة الجزيرة، الفضائية الأولى التي وجدت البيئة الملائمة لتبث بحرية تامة من داخل المنطقة وتحديداً من دولة قطر، وكذلك أجواء الحرية النسبية السائدة في لبنان التي تحتضن عدداً من المشاريع الفضائية المجدية تجاريا أكثر من غيرها مثل LBC والمستقبل، دفع بعض الدول إلى تغيير إستراتيجيتها الإعلامية والعمل على استدراج المحطات الفضائية إليها.
وأورد التقرير الدول العربية الرئيسية المخولة احتضان المحطات الفضائية العربية المهاجرة، مسميا العاصمة الأردنية عمان التي يقول التقرير إن الأوضاع السياسية فيها غير مستقرة في المرحلة الراهنة، علماً بأن ART قد نقلت مقر عملياتها إلى عمّان. أما دبي، حيث انتقلت محطة MBC مؤخرا، فيشير التقرير إلى أنه رغم ميزاتها فإنها تبقى "الأعلى تكلفة و تفتقر حاليا إلى أرضية متينة للإنتاج التلفزيوني والبنى الأساسية للبث الفضائي". أما الخيار الآخر المتبقي وهو مصر فيتمتع بامتيازات تتمثل بتدني تكلفة الإنتاج ونظام بث وإعادة بث فضائي خاص (نايلسات).