الاعتقال الإداري

تُعرّف منظمات حقوقية تعنى بشؤون الأسرى، الاعتقال الإداري الذي تستخدمه إسرائيل بحق الأسرى الفلسطينيين، بأنه اعتقال شخص ما بأمر من القادة العسكريين وبتوصية من المخابرات بعد جمع مواد تصنف بأنها "سرية".

ووفق نادي الأسير الفلسطيني فإن إصدار أوامر الاعتقالات الإدارية كان يتم بموجب أنظمة الدفاع لحالة الطوارئ التي أقرها الانتداب البريطاني عام 1945، وبعد ذلك شرّع الاحتلال أمرا خاصا بالاعتقالات الإدارية جرت عليه عدة تعديلات كان آخرها عام 2007.

وتقول مؤسسة "الضمير" لرعاية الأسير وحقوق الإنسان إن الاعتقال الإداري "إجراء تلجأ إليه قوات الاحتلال الإسرائيلي لاعتقال المدنيين الفلسطينيين دون تهمة محددة ودون محاكمة"، موضحة أن قوات الاحتلال "تستخدم هذا الإجراء بناء على أمر تعليمات الأمن رقم 1651 الذي يمنح قائد المنطقة العسكرية الحق في احتجاز شخص أو أشخاص لمدة تصل إلى ستة أشهر".

وتؤكد المنظمة أن الإجراء يحرِم المعتقل ومحاميه من معرفة أسباب الاعتقال، مما يحول دون بلورة دفاع فعال ومؤثر، الأمر الذي يؤدي غالباً إلى تجديد أمر الاعتقال الإداري بحق المعتقل لمرات متتالية.

وحسب تقرير لجمعية حقوق المواطن في إسرائيل، فإن المواد 284-294 في أمر تعليمات الأمن المذكور، وهو بمثابة تشريع، تمنح القادة العسكريين في الضفة الغربية صلاحية إصدار أمر اعتقال إداري عندما يتوفّر "أساس معقول للافتراض بأن أمن المنطقة أو أمن الجمهور يستوجب أن يوضع فلان في المعتقل".

وتمارس إسرائيل سياسة الاعتقال الإداري الذي استنسخته من الانتداب البريطاني، منذ احتلال الضفة الغربية وغزة عام 1967. وبذلك فإن إسرائيل تعد الدولة الوحيدة التي ما زالت تعمل بالاعتقال الإداري.

ويبرر الادعاء الإسرائيلي ذلك بأن الإجراء يمنع خطرا مستقبليا كان من الممكن أن يقوم به هذا الشخص لولا اعتقاله.

وسُجلت -إلى حدود عام 2014- أكثر من 50 ألف حالة اعتقال إداري، من بين نحو 805 آلاف حالة اعتقال، حسب معطيات وزارة شؤون الأسرى.

وبينما يغيب تعريف الاعتقال الإداري عن القوانين والأوامر العسكرية، يعرفه مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة والمعروف اختصارا باسم "بتسيلم" بأنه "اعتقال يستند إلى أمر إداري فقط، دون حسم قضائي، وبدون لائحة اتهام وبدون محاكمة".

ووفق بتسيلم فإن هناك ثلاثة قوانين مختلفة تتيح لإسرائيل الاحتفاظ بالفلسطينيين في الاعتقال الإداري، ويأتي في مقدمة هذه القوانين الأوامر العسكرية وخاصة أمر تعليمات الأمن رقم 1651 لعام 2009، وهو الأخير والبديل لسلسلة أوامر عسكرية منذ عام 1967، وجزء من التشريعات العسكرية السارية في الضفة الغربية.

ويتيح هذا القانون لقائد المنطقة أن يأمر باعتقال الشخص للفترة التي تذكر في الأمر، ولا تزيد على ستة أشهر قابلة للتجديد، وعرضه على محكمة عسكرية بثلاثة مراتب، ولا يتاح للمعتقل الدفاع عن نفسه.

أما القانون الثاني فهو قانون الصلاحيات الخاص بالطوارئ الساري في إسرائيل، والذي استبدل الاعتقال الإداري الذي كان ساريا في أنظمة الطوارئ خلال فترة الانتداب البريطاني لعام 1945.

وأخيرا قانون سجن المقاتلين غير القانونيين الذي سرى مفعوله عام 2002. ووفق بتسيلم فإن إسرائيل تستعمل هذا القانون من أجل اعتقال فلسطينيين من سكان غزة دون تقديمهم للمحاكمة. كما يوضح بتسيلم أن ذلك يتم رغم إلغاء التشريعات العسكرية بخصوص قطاع غزة مع تطبيق خطة الانفصال في شهر أيلول/سبتمبر 2005.

وطبقا لما أوضحه نادي الأسير الفلسطيني، تكون مدة الأمر لفترة أقصاها ستة أشهر قابلة للتجديد عدة مرات. وخلال ثمانية أيام من صدور الأمر، يعرض الأسير على محكمة عسكرية بدائية للمصادقة على الاعتقال، وبدون الكشف للمتهم ولمحاميه عن التهمة وفحوى مواد الأدلة.

وحسب نشرة أصدرها نادي الأسير الفلسطيني وتلقت الجزيرة نت نسخة منها، فإن سلطات الاحتلال استخدمت هذه السياسة بشكل متصاعد منذ السنوات الأولى لاحتلالها الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967، وشهدت سنوات الاحتلال الأولى ارتفاعا ملحوظا في عدد المعتقلين إداريا.

وبعد عام 1977 سجل الاعتقال الإداري انخفاضاً ملموسا، ولكن في الانتفاضة الأولى عام 1987 أعادت إسرائيل سياسة الاعتقال الإداري بوتيرة أكبر.

وفي عام 1997 خاض الأسرى معركة ضد الاعتقال الإداري وانخفض عددهم بشكل ملموس حتى بدأت انتفاضة الأقصى عام 2000، فشرعت سلطات الاحتلال مجدداً في الزجّ بآلاف الفلسطينيين في السجون، وصدر بحق عدد كبير منهم أوامر اعتقال إدارية.

ووفق ذات المصدر فقد صدر خلال سنوات الانتفاضة الأولى (1987- 1994) نحو 19 ألف أمر إداري، كما صدر خلال سنوات الانتفاضة الثانية (2000- 2007)، قرابة 18 ألف أمر آخر.

وتعهدت إسرائيل بإعادة النظر في سياسة الاعتقال الإداري عدة مرات، كان أهمها الوعد الذي شمله الاتفاق الذي جرى بعد الإضراب الذي خاضه الأسرى عام 2012، ولكن ذلك لم يتم.

ومع إمعان قوات الاحتلال في اعتقال المزيد من الفلسطينيين إداريا، اضطر الأسرى للقيام بخطوات نضالية عدة منها مقاطعة المحاكم العسكرية الإسرائيلية، والإضراب عن الطعام.

المصدر : الجزيرة