كيف كان الربع الخالي قبل أن يتحول إلى صحراء؟

The Empty Quarter, or Rub al Khali, is the world's largest sand desert encompassing most of the southern third of the Arabian Peninsula.
صحراء الربع الخالي احتوت على بحيرة وأنهار على مدى 8 ملايين عام (غيتي)

كشف فريق دولي في دراسة نشرت أمس الأربعاء أن الربع الخالي، إحدى أكبر الصحاري في العالم، كان في يوم من الأيام بيئة خصبة وموطنا لبحيرة ضخمة ونظام أنهار، قبل أن تحصل تغيرات مناخية كبرى.

وأشارت الدراسة -التي نشرت في مجلة نيتشر- إلى أن تلك الصحراء الشاسعة في شبه الجزيرة العربية، التي تعد واحدة من أكبر الحواجز الجغرافية الحيوية على الأرض، خضعت مرارا وتكرارا لتغيرات بيئية ومناخية كبيرة، وقد حدّ وجودها من انتشار البشر والحيوانات الأوائل بين أفريقيا وأوراسيا.

وتوصلت الدراسة، التي قام بها باحثون من عدة اختصاصات، إلى أن صحراء الربع الخالي كانت تكتسب خضرة وخصوبة بانتظام على مدى 8 ملايين عام. وفي مرحلة ما، كانت تحتوي على أنهار وبحيرة تقارب ضعف مساحة بحيرة جنيف في سويسرا.

وأوضح قائد فريق البحث الدكتور عبد الله زكي من جامعتي جنيف بسويسرا وكاليفورنا بالولايات المتحدة أنه "بناء على سلسلة من التأريخ، يبدو أن البحيرة بلغت ذروتها قبل نحو 9 آلاف عام خلال فترة الجزيرة العربية الخضراء الرطبة، حيث غطت مساحة 1100 متر مربع، أي ما يقارب ضعف مساحة بحيرة جنيف، ووصل عمقها إلى 42 مترا".

Sand dunes near Liwa Oasis, UAE, in the Rub' al Khali , or "Empty Quarter", the largest sand desert in the world, it covers most of the Arabian Peninsula.
من غير المرجح أن تؤدي التحولات المناخية إلى عودة الأراضي العشبية في الربع الخالي (غيتي)

من جهته، قال البروفيسور كاستيلتورت سيباستيان من جامعة جنيف في سويسرا إنه "بسبب زيادة هطول الأمطار، انفتحت البحيرة في النهاية، ما تسبب في فيضان كبير ونحت وادي بطول 150 كيلومترا".

إعلان

وفي تلك الفترة، ساعدت الظروف المواتية في المنطقة على نشوء الأراضي العشبية والسافانا، مما سمح بهجرة البشر والحيوانات حتى بدأت موجة الجفاف.

وقال الباحث المشارك بالدراسة مايكل بيتراغليا من جامعة غريفيث في أستراليا وتكساس بالولايات المتحدة إن تشكيل المناظر الطبيعية للبحيرات والأنهار، إلى جانب الأراضي العشبية وظروف السافانا، كان سيؤدي إلى توسع مجموعات الصيد والجمع والمجموعات الرعوية عبر ما هو الآن صحراء جافة وقاحلة.

وأضاف أن ذلك "ما تؤكده الأدلة الأثرية الوفيرة في الربع الخالي وعلى طول شبكات بحيراته وأنهاره القديمة".

وأشار بيتراغليا إلى أنه قبل 6 آلاف سنة مضت، شهد الربع الخالي انخفاضا كبيرا في الأمطار، مما خلق ظروفا جافة وقاحلة، مما اضطر السكان للانتقال إلى بيئات أكثر ملاءمة وغير نمط حياة السكان.

وقال معدو الدراسة إن الأدلة الأحفورية من أواخر العصر الميوسيني تشير إلى وجود حيوانات تعتمد على المياه (مثل التماسيح والخيول والحيوانات ذات الأنياب والفيلة)، التي كانت تعيش في الأنهار والبحيرات الغائبة إلى حد كبير عن المناظر الطبيعية القاحلة اليوم.

أحداث كبرى

وتحول الربع الخالي من بيئة خصبة إلى صحراء يعود إلى تغيرات مناخية كبرى حدثت على مدى آلاف السنين.

وقد كانت المنطقة تعتمد على الأمطار الموسمية القادمة من أفريقيا، ولكن مع انزياح مسار الرياح الموسمية جنوبا قبل نحو 6 آلاف سنة، انخفضت كمية الأمطار بشكل كبير، مما أدى إلى جفاف البحيرات والأنهار.

وقبل حوالي 5 آلاف سنة، ارتفعت درجات الحرارة العالمية، مما زاد من معدلات التبخر، فجفت المسطحات المائية بسرعة.

وبعد جفاف الأنهار والبحيرات، أصبحت التربة أكثر عرضة للتعرية الريحية، حيث حملت الرياح الرمال وزحفت تدريجيا على المساحات الخضراء، مما حول المنطقة إلى بحر رملي شاسع.

إعلان

ويؤكد الباحثون أن التغير المناخي الحالي قد يؤدي إلى تغيرات في أنماط الطقس، لكن من غير المرجح أن تعود المنطقة إلى حالتها القديمة بسبب التغيرات الجيولوجية الدائمة. مع ذلك، فإن دراسة هذه التحولات تساعد العلماء على فهم مستقبل المناطق الجافة في ظل الاحتباس الحراري.

المصدر : الألمانية + الجزيرة

إعلان