تكساس ولاية أميركية "متمردة" على الحدود مع المكسيك

ولاية تكساس houston Texas الأميركية - الموسوعة
تعتبر هوستن أكبر مدن ولاية تكساس (غيتي)

ولاية تكساس تقع جنوب غرب الولايات المتحدة الأميركية، عاصمتها أوستن، يعيش فيها حوالي 30 مليون نسمة حسب تقديرات عام 2022، وهي ثاني ولاية من حيث الكثافة السكانية بعد كاليفورنيا وثاني أكبر الولايات مساحة بعد ألاسكا. 

تتمتع باقتصاد قوي حيث تمتلك موارد طبيعية غنية، فهي أكبر منتج للنفط الخام في الولايات المتحدة، وثالث أكبر منتج للغاز الطبيعي، كما تعد مركزا لصناعة السيارات والتكنولوجيا.

كانت جزءا من المكسيك إلى أن أعلنت انفصالها وتأسيس جمهورية تكساس المستقلة سنة 1936، غير أن الجمهورية لم تدم سوى 9 سنوات، حيث أعلنت رسميا الانضمام للولايات المتحدة الأميركية عام 1845 لتصبح الولاية الـ28.

شهدت تكساس خلال العقدين الأولين من القرن 21 تدفقا كبيرا للمهاجرين غير النظاميين عبر الحدود مع المكسيك، التي تمتد على طول 2018 كيلومترا، ما دفع سلطاتها إلى إقامة حواجز وجدار من الأسلاك الشائكة.

وأصدرت المحكمة العليا الأميركية في يناير/كانون الثاني 2024 أمرا يقضي بإزالة الأسلاك الشائكة، وهو الأمر الذي رفضه حاكم الولاية، ما أشعل انقساما كبيرا في المجتمع الأميركي.

الموقع والجغرافيا

تقع ولاية تكساس جنوب غرب الولايات المتحدة الأميركية، وتمتد على مساحة 696 ألفا و241 كيلومترا مربعا، تمثل حوالي 7% من إجمالي مساحة البلاد، وهي ثاني أكبر الولايات مساحة بعد ألاسكا.

عاصمتها مدينة أوستن وتحدها ولاية نيو مكسيكو في الشمال الغربي، وأوكلاهوما في الشمال والشمال الشرقي؛ وأركنساس ولويزيانا وخليج المكسيك في الشرق؛ والمكسيك في الجنوب الغربي.

تتميز بتنوع تضاريسها وبسواحلها الممتدة على طول 367 ميلا (590.6278 كيلومترا)، تشغل 10% من مساحتها الصحاري أما الباقي فهي عبارة عن مستنقعات ساحلية وغابات وسهول وتلال منخفضة وجبال، وتعد قمة غودالوبي أعلى قمة في الولاية بارتفاع 2667 مترا، ويوجد فيها 3700 نهر، منها 15 نهرا رئيسيا.

المناخ

يتميز مناخ تكساس بصيف حار وشتاء معتدل إلى بارد، وتتسم باختلافات كبيرة بين الشرق والغرب في نسبة هطول الأمطار، وتعاني من تغيرات مناخية شديدة ومتقلبة باستمرار، بما في ذلك الأعاصير والجفاف وموجات الحرارة وموجات البرد والأمطار الشديدة.

تتراوح درجات الحرارة الدنيا اليومية في شهر يناير/كانون الثاني عادة من حوالي 20 درجة فهرنهايت (نحو 6 درجات مئوية) في شمال بانهاندل إلى حوالي 50 درجة فهرنهايت (نحو 10 درجات مئوية) بالقرب من مصب نهر ريو غراندي.

هطول الأمطار متغير على نطاق واسع في جميع أنحاء ولاية تكساس، حيث تتراوح الكميات الطبيعية بين أقل من 254 مليمترا في أقصى الغرب وأكثر من 1524 مليمترا في أقصى الجنوب الشرقي.

خلال الفترة من 1900 إلى 2020، عانت ولاية تكساس من أكثر من 85 إعصارا وعاصفة استوائية (حوالي 3 عواصف كل 4 سنوات)؛ ومنذ عام 2000، شهدت 19 عاصفة أو إعصارا، من بينها 8 أعاصير مدمرة، أبرزها الإعصار هارفي (الفئة 4) والإعصار ريتا (الفئة 3)، والإعصار آيك (الفئة 2).

وتسبب الإعصار ريتا عام 2005 في أكبر عملية إخلاء في تاريخ الولايات المتحدة، إذ نزح بسببه حوالي مليون شخص من سواحل تكساس، أما الإعصار هارفي الذي ضرب الولاية عام 2017، فقد صنف بأنه الأكثر تدميرا في تاريخ الولاية، وقدرت خسائره بنحو 136 مليار دولار.

السكان

بلغ عدد سكان ولاية تكساس حسب تقديرات عام 2022 حوالي 30 مليون و500 ألف نسمة، وهو ما جعلها ثاني أكثر الولايات الأميركية كثافة سكانية بعد كاليفورنيا.

وقد تضاعف سكان 11 مقاطعة من مقاطعات تكساس -البالغ عددها 254- في الفترة ما بين 2000 و2022 وفقا للتقديرات الرسمية الصادرة عام 2022.

وزاد عدد سكان الولاية في هذه الفترة بـ9 ملايين نسمة، وهو ما يمثل قفزة بنسبة 43%، مما يجعلها رابع أسرع الولايات نموا في البلاد، بعد نيفادا ويوتا وأيداهو.

ونتج ما يقرب من نصف الزيادة السكانية عن الولادات (عدد الولادات أكثر من الوفيات) ونحو 29% نتيجة الهجرة الداخلية؛ و22% نتيجة الهجرة الدولية.

وتعد روكوول المقاطعة الأسرع نموا من حيث عدد السكان في تكساس والثانية في البلاد، وتم تصنيف 8 مقاطعات أخرى من بين المقاطعات الـ25 الأسرع نموا في البلاد بين عامي 2000 و2022، إذ تضاعف عدد سكانها.

يتنوع سكان الولاية بين السكان الأصليين والمهاجرين من جميع أنحاء العالم، ما أدى إلى امتزاج التقاليد والثقافات فيها، وهو ما يظهر جليا في الطعام والموسيقى والفنون والعمارة.

لكنها كانت موطنا للسكان الأصليين من قبائل الأباشي (من الهنود الحمر) والكومانشي في الغرب، والتنكاوا في الوسط، والكارانكاوا على طول خليج المكسيك، والكادو في الشرق.

التاريخ

وصل الإسبان إلى المنطقة في القرن الـ16، وضموها لإمبراطوريتهم ثم تزايدت أعداد الأوربيين الوافدين عليها في القرنين 18 و19.

عند استقلال المكسيك عن إسبانيا عام 1821 كانت تكساس جزءا منها، وشهدت في هذه الفترة توافد المستوطنين الأميركيين للاستقرار بها، لكن سرعان ما نشبت توترات بين هؤلاء المهاجرين وحكومة المكسيك عام 1825 بسبب الضرائب المرتفعة والتوجه لإلغاء العبودية.

تحوّل هذا التوتر إلى تمرد انتهى بإعلان تكساس استقلالها وتشكيل حكومة مؤقتة، وأعلن رسميا قيام جمهورية تكساس في 22 أكتوبر/تشرين الأول 1836، وكان سام هيوستن أول رئيس لها، واعترفت بها الولايات المتحدة بعد عام، أي 1837 ودول أوروبية مثل بريطانيا وفرنسا.

كان لجمهورية تكساس دستورها الذي يسمح بالعبودية وعلمها ولغتها الرسمية، وهي الإنجليزية، وعملتها الخاصة، وهي دولار تكساس، وانتقلت العاصمة من كولومبيا إلى هيوستن ثم أوستن، وضمت مناطق شملت ولايات تكساس وأوكلاهوما ولويزيانا حاليا.

لم تصمد هذه الجمهورية سوى 9 سنوات، إذ أعلن آخر رؤسائها أنسون جونز حلها والانضمام رسميا إلى الولايات المتحدة الأميركية من جديد، وفي 29 ديسمبر/كانون الأول 1845 صوّت الكونغرس الأميركي على انضمامها لتصبح الولاية الثامنة والعشرين ضمن الاتحاد رغم معارضة المكسيك ومناهضي العبودية.

أدت هذه الخطوة إلى اندلاع الحرب المكسيكية الأميركية، إذ هاجمت القوات المكسيكية في أبريل/نيسان 1846 القوات الأميركية واعتبرتها "غازية ومحتلة لأراض تطالب بها المكسيك"، وفي 13 مايو/أيار من العام نفسه أعلن الكونغرس الأميركي الحرب ضد المكسيك.

أسفرت هذه الحرب عن انتصار الولايات المتحدة الأميركية وتوقيع معاهدة غوادالوبي هيدالغو في فبراير/شباط 1848، وفضلا عن الاعتراف بحق الولايات المتحدة في ضم تكساس، تنازلت المكسيك بموجب هذه المعاهدة عن مساحة كبيرة من أراضيها بما فيها كاليفورنيا وأريزونا ونيومكسيكو حاليا.

في عام 1861 أعلنت تكساس انفصالها عن الاتحاد إلى جانب ولايات أخرى مثل فلوريدا وجورجيا ولويزيانا وتشكيل كونفدرالية أميركية بسبب رفضها عزم الحكومة إلغاء العبودية، لأن اقتصاد الولايات الجنوبية كان يعتمد بشكل أساسي على زراعة القطن وعلى العبيد قوة عاملة رئيسية.

وأدى ذلك إلى نشوب الحرب الأهلية الأميركية التي استمرت 4 سنوات وانتهت عام 1865 باستسلام القوات الجنوبية أو الكونفدرالية لجيش الاتحاد، وتم إلغاء العبودية رسميا بعد إجراء تعديل دستوري في ذلك العام.

أزمة المهاجرين

شهدت الولاية تدفقا كبيرا للمهاجرين غير النظاميين عبر حدودها مع المكسيك التي تمتد على طول 2018 كيلومترا، ما دفع حاكمها الجمهوري غريغ أبوت إلى إقامة سياج من الأسلاك الشائكة الضخمة على الحدود، وبناء حواجز لمنع دخول المهاجرين، الذين يقول إنهم يرهقون المدارس والمستشفيات والبنية التحتية للولاية بشكل يفوق إمكانياتها.

ومنع الحاكم مسؤولي أجهزة الهجرة الفيدرالية من دخول مناطق مجاورة لـ"إيغل باس" أكبر المعابر الحدودية في الولاية بدعوى تسهيلهم دخول المهاجرين.

لجأت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى المحكمة العليا لوقف هذه الإجراءات، وأصدرت هذه الأخيرة في 22 يناير/كانون الثاني 2024 أمرا أقرت فيه حق الحكومة الفيدرالية بنزع الأسلاك الشائكة وإزالة الحواجز.

ورفض حاكم الولاية القرار، وأعلن أن الحرس الوطني في ولايته لن يزيل الأسلاك، بل سيضع أخرى جديدة لحماية حدود ولايته مما أسماه "غزو المهاجرين". وطلب الدعم من الولايات الأخرى التي يقودها الجمهوريون، واستجاب لدعوته حكام 25 ولاية دعوا في بيان مشترك إلى تقديم جميع أنواع الدعم لتكساس في حماية حدودها الجنوبية، وتعهدوا بإرسال قوات من الحرس الوطني لدعمها.

وأدى تصاعد الخلاف بين ولاية تكساس والحكومة الفيدرالية بسبب إدارة الحدود إلى تصاعد المخاوف من اندلاع حرب أهلية، ومن تكرار سيناريو انفصال هذه الولاية وإعلان استقلالها.

الاقتصاد

تتمتع ولاية تكساس باقتصاد قوي وتتميز بغناها بالموارد الطبيعية مثل النفط والغاز الطبيعي والفحم، إذ تعتبر أكبر منتج للنفط الخام في الولايات المتحدة، وثالث أكبر منتج للغاز الطبيعي. كما تعد الولاية مركزا لصناعة السيارات والتكنولوجيا.

تبلغ قيمة الناتج المحلي الإجمالي لولاية تكساس حوالي 1.7 تريليون دولار، وهو ما يعادل 9.2٪ من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة.

وفيما يلي لمحة عن الوضع الاقتصادي للولاية للعام 2023:

  • معدل بطالة ثابت عند 4٪.
  • بلغ عدد القوى العاملة لديها حوالي 15.2 مليون شخص.
  • بلغ إجمالي إيرادات ضريبة مبيعات الولاية لشهر ديسمبر/كانون الأول 2023 حوالي 4.1 مليار دولار، بزيادة 3.2٪ عن الفترة نفسها من عام 2022.
  • في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، بلغ إجمالي صادرات تكساس 36.2 مليار دولار.
  • عرف اقتصاد الولاية نموا بمعدل 7.7% خلال الربع الثالث من عام 2023.
  • يعد اقتصاد تكساس رسميا ثامن أكبر اقتصاد في العالم، حيث تبلغ قيمته أكثر من 2.4 تريليون دولار.
  • تعرف بالاستثمار في تعليم القوى العاملة، إذ تضم أكثر من 300 مدرسة تجارية و125 برنامجا تقنيا.
  • تدعم تكساس الشركات الكبيرة والصغيرة، إذ يوجد بها أكثر من 100 من أكبر 1000 شركة عامة وخاصة في الولايات المتحدة، كما يوجد فيها 3 ملايين شركة صغيرة أخرى تدعم اقتصادها.
  • تنتج أكثر من 40% من النفط الأميركي وما يقرب من ربع الغاز الطبيعي في البلاد، وهي أيضا الولاية الأولى في إنتاج طاقة الرياح وثاني أكبر ولاية منتجة للطاقة الشمسية.
  • يوجد فيها رابع أعلى معدل لرواد الأعمال الجدد وفقا لتقارير مؤسسة كوفمان، حيث بدأ 410 من أصل 100 ألف بالغ أعمالا تجارية جديدة في الولاية.
  • تتوفر على أكبر شبكة مواصلات في البلاد، تتألف من أكثر من 313 ألف ميل من الطرق العامة، و10 آلاف ميل من السكك الحديدية، و380 مطارا و16 ميناء بحريا.

أهم المعالم

  • مبنى الكابيتول 

يقع مبنى الكابيتول في وسط مدينة أوستن، شيد في الفترة ما بين 1882 و1888، وصنف معلما تاريخيا وطنيا ضمن السجل الوطني للأماكن التاريخية.

  • موقع آلامو في سان أنطونيو 

حصن تاريخي شهير وقعت فيه معركة ألامو عام 1836، وهي من أهم المعارك التي خاضتها تكساس في حرب استقلالها ضد المكسيك.

  • حديقة بيغ بيند الوطنية 

تحتوي على أفضل المناظر الطبيعية في تكساس، بما في ذلك الأنهار والجبال والشلالات والكهوف، تتميز بانعدام وجود التلوث الضوئي فيها، مما يجعلها من أفضل الأماكن لرصد النجوم.

  • متحف الفضاء في هيوستن 

كان في الأصل مركز تحكم للعديد من المهمات الفضائية في فترة الستينيات، وتحول إلى متحف سنة 1992.

يحتوي على مجموعة من الأجهزة والمعدات الفضائية مثل البدلات الفضائية والكبسولات والمكوكات والصواريخ، ويعرض تاريخ الفضاء والتطور التكنولوجي في هذا المجال.

المصدر : الجزيرة