دوما.. عروس الغوطة المستهدفة بالحصار وبالغازات السامة

People walk past a damaged site after an airstrike in the besieged rebel-held town of Douma, eastern Ghouta in Damascus, Syria November 2, 2016. REUTERS/Bassam Khabieh
آثار دمار تعرضت له دوما بالغوطة الشرقية في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 (رويترز)

دوما مدينة سورية تعد عروس الغوطة الشرقية بريف دمشق، تتميز بموقع استراتيجي هام، ظلت عرضة للقصف المستمر وللحصار الخانق الذي فرضه عليها نظام الرئيس بشار الأسد منذ سيطرة المعارضة المسلحة عليها عام 2012، استهدفت في أبريل/نيسان 2018 بالغازات السامة.

الموقع
تقع مدينة دوما في الغوطة الشرقية بمحافظة ريف دمشق، وهي المركز الإداري للمحافظة، وتقع إلى الشمال الشرقي من العاصمة دمشق وتبعد عنها بنحو 14 كيلومترا.

وحسب التقسيم الإداري فإن منطقة دوما تضم بالإضافة إلى دوما المدينة، الكتير من المدن والبلدات كحرستا والريحان والشيفونية والعبادة.

وتحتل دوما موقعا مميزا في محافظة الريف، فهي تمتد من الحدود الأردنية إلى دمشق، وهذا يعطيها أهمية كبيرة بالنسبة لجميع المناطق والضواحي المجاورة. مع العلم أن محافظة ريف دمشق تحتل موقعا جغرافيا استراتيجا، فهي تحيط بدمشق من جميع الجوانب وتبلغ مساحتها أضعاف مساحة مدينة دمشق، كما أنها تمتد من الحدود السورية الأردنية من الجنوب إلى الحدود السورية اللبنانية في الشمال.

وتختلف الروايات عن أصل تسمية دوما، وتنسبها إحداها إلى شجر الدوم، وهو من فصيلة النخليات ويستخرج منه نوع من الدبس وهو ينبت في شبه الجزيرة العربية وفي مصر والسودان.

المساحة والسكان  
تبلغ مساحة دوما الإجمالية ثلاثة آلاف هكتار، أما عدد السكان فيبلغ  200 ألف شخص وفق تقديرات سابقة للمجلس المحلي، وذلك بحسب ما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.

التاريخ
تعد دوما من أقدم مدن بلاد الشام، وكانت قد سكنت بعد انحسار بحيرة دمشق الكبرى، وخضعت المدينة لحكم العديد من المماليك التي حكمت بلاد الشام، أبرزها المملكة الآرامية التي أقامت هيئة حكم مصغرة لإدارة شؤون المملكة الزراعية. وكانت المدينة محاطة بالأنهار والاقنية المائية.

ونظرا لحبهم للبناء والتعمير، قام الآراميون – وهم وثنيون يعبدون الشمس- ببناء العديد من الأبنية والآثار التي تمثل معتقداتهم.

كما ترتبط دوما بالتاريخ العريق لمدينة دمشق، وتنتشر فيها دور العبادة والمساجد ويصل عددها إلى أكثر من 80 مسجداً وجامع، منها مساجد تاريخية معروفة، حتى أنها سميت بمدينة المآذن، إضافة للعديد من المباني والمدارس والخانات الأثرية. ولكثرة مساجدها سميت دوما بمدينة المآذن.

وعرفت دوما أيضا في التاريخ المعاصر بأنها حاضنة الثورة ضد الاستعمار الفرنسي.

الاقتصاد  
تعتبر دوما منطقة زراعية، وتحيط بها المزارع والكروم وأشجار الزيتون، وتشتهر بلحم الجمال التي لها قيمة غذائية كبيرة.

وتدهور الوضع الاقتصادي جراء الدمار الذي لحق بالمدينة الواقعة في الغوطة الشرقية، حيث ارتفع عدد العاطلين عن العمل، وتوقفت العديد من المهن. وشهدت منذ بداية العام 2017  نقصا في المواد الغذائية الطبية كافية، ما تسبب في وفيات  للرضع والأطفال، وذلك بحسب المنظمات الدولية والتقارير الصحيفة.

مجازر النظام 
تأتي دوما في مقدمة المدن السورية التي أعلنت الثورة ضد نظام بشار الأسد في مارس/آذار 2011 ، وبعد سيطرة المعارضة المسلحة عليها في أكتوبر/تشرين الأول 2012 ، فرضت قوات النظام حصارا مطبقا عليها وارتكبت بحقها مجازر حصدت أرواح الآلاف من المدنيين.

وشن النظام السوري حملات عسكرية مستمرة على دوما منذ عام 2012، وصفها بمختلف أنواع الأسلحة؛ ببرميل متفجرة وبقنابل فراغية، وتعرض أبناؤها للاعتقال والتعذيب، وللحصار الخانق وللتجويع الذي ظهرت علاماته على الأطفال على غرار الطفل محمد فياض الذي تحول جسده النحيل إلى هيكل عظمي يتحرك, وضعف جهازه المناعي بسبب فقدان الغذاء اللازم.

وارتكب نظام الأسد مجازر في دوما استخدم في بعضها أسلحة محرمة دوليا، ففي فبراير/شباط 2015 تعرضت المدينة لهجوم كثيف شنه جيش النظام، حيث استهدفها بعشرات الصواريخ والبراميل المتفجرة، مما أدى إلى مقتل مئات المدنيين.

وفي 16 أغسطس/آب 2015 استهدفت قوات النظام بهجمات صاروخية سوقا شعبية استخدمت فيها قنابل فراغية، أسفرت عن مقتل أكثر من 100 شخص.

ولم يسلم حتى الجامع الكبير الذي يتوسط مدينة دوما ويعد من أبرز معالمها من قصف قوات النظام السوري، فقد قصفه في نوفمبر/تشرين الثاني 2012.

وبقيت دوما عرضة للقصف الذي تشنه باستمرار قوات النظام والحليف الروسي، وفي 18 فبراير/شباط  2018 كان للمدينة النصيب الأكبر من الغارات الجوية التي أسقطت المزيد من الضحايا المدنيين، وذلك ضمن حملة عسكرية استهدفت الغوطة الشرقية، وانتهت بسيطرة جيش النظام على نحو 90% من المساحة التي كانت تسيطر عليها فصائل المعارضة قبل العملية.

وبعدما بقيت دوما تحت سيطرة جيش الإسلام، استهدفتها قوات النظام  في 7 أبريل/نيسان 2018 بغارات جوية بصواريخ يرجح أنها تحتوي على غاز الكلور السام وأخرى تحتوي على غاز السارين المحرمين دوليا تبعا للأعراض الظاهرة على المصابين، وذلك بحسب الدفاع المدني في الغوطة الشرقية.

وأسفر القصف عن مقتل 150 مدنيا على الأقل أكثرهم من الأطفال والنساء، ورجح مراسل الجزيرة ارتفاع أعداد الضحايا نظرا لوجود ضحايا في مساكنهم لم يصل إليهم وحصرهم.

يذكر أن النظام السوري هاجم الغوطة الشرقية بالأسلحة الكيميائية 46 مرة منذ بدء الحرب في البلاد. وقُتل في الهجوم الكيمياوي الكبير الذي استهدف المنطقة من قبل النظام يوم 21 أغسطس/آب 2013، أكثر من 1400 مدني. ومع بداية العام 2018 استخدم النظام في ثلاث مناسبات غاز الكلور السام.

 

المصدر : الجزيرة + وكالات + مواقع إلكترونية