المدينة المنورة.. موطن الهجرة النبوية وأول عاصمة إسلامية

المسجد النبوي 241060945
المسجد النبوي أحد ثلاثة مساجد تشد إليها الرحال في الإسلام (شترستوك)

الموقع
تقع المدينة المنورة في غرب السعودية، وتبعد حوالي 400 كلم شمال شرق مكة المكرمة، و150 كلم شرق البحر الأحمر. وأقرب الموانئ إليها هو ميناء ينبع الذي يقع في الجهة الغربية الجنوبية منها، ويبعد عنها 220 كلم.

وتبلغ مساحتها حوالي 589 كلم²، منها 99 كلم² تشغلها المنطقة العمرانية، أما باقي المساحة فهي خارج المنطقة العمرانية، وتتكون من جبال ووديان ومنحدرات سيول وأراض صحراوية وأخرى زراعية.

وتتميز بالمناخ الصحراوي الذي يتسم بالجفاف وقلة سقوط الأمطار، ودرجات حرارة عالية تتراوح بين 30 و45 درجة مئوية في فصل الصيف، أما في فصل الشتاء فيكون الجو ممطرا، ويكثر هطول المطر في شهر أبريل/نيسان مع إمكانية هطوله في شهور الشتاء.

السكان
بلغ عدد سكان المدينة حوالي مليوني نسمة عام 2022 حسب الهيئة العامة للإحصاء في المملكة السعودية، وينتمون إلى قبائل وأعراق مختلفة بعضهم من أهل المدينة المقيمين فيها منذ قرون طويلة، وبعضهم من الوافدين إليها من أنحاء المملكة العربية السعودية ومختلف دول العالم لاستيطانها، وبعضهم من القادمين من البلاد العربية والإسلامية للعمل فيها.

وإضافة إلى المقيمين الدائمين في المدينة، يفد إليها أعداد كبيرة من الزوار في موسمي الحج والعمرة، وخاصة في شهر رمضان وموسم الحج، ويبلغ متوسط عددهم قرابة المليون، يمكثون فيها على دفعات متتالية أياما وأسابيع قليلة، ثم يعودون إلى بلدانهم.

التاريخ
يرجع تأسيس المدينة المنورة -التي عرفت قديما بـ"يثرب"- إلى حوالي 1600 سنة قبل الهجرة النبوية، وقد تعاقب السكان عليها منذ إنشائها، فقد سكنها العماليق، ومن بعدهم قبائل المعينيون من اليمن، ومن ثم اليهود الذين وصلوا إليها أول مرة خلال القرن الثاني الميلادي.

وكان من أبرز القبائل اليهودية التي سكنت المدينة: بنو قينقاع وبنو قريظة وبنو النضير، وفي وقت لاحق وعلى إثر انهيار سد مأرب في اليمن، وصلت عدة قبائل عربية كان منها قبيلتا الأوس والخزرج اللتان استقرتا فيها مع وجود اليهود، حيث تحالف الطرفان واتفقوا على التعاون لحماية المدينة من الغزو الخارجي، والتزموا بذلك مدة من الزمن ازداد خلالها عدد الأوس والخزرج ونمت ثرواتهم.

تحول الأوس والخزرج إلى عدوين لدودين بعد سنوات من وصولهم يثرب، وتذكر المصادر أن اليهود خافوا من اتساع سلطة ونفوذ القبيلتين، فقاموا بالتفريق والإيقاع بينهما.

في القرن السابع الميلادي ظهر الإسلام في مكة على يد رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وكانت دعوته للدين الجديد سببا في إغضاب سادة قريش الذين كانوا يسكنون مكة، فأعدوا له كافة الأساليب لإحباط دعوته، فهاجر إلى يثرب بعدما اتفق مع وفد من الأوس والخزرج كان التقاه في موسم الحج، وآمن بالنبي وصدق بالإسلام.

انطلقت من المدينة جميع غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم، وتعرضت للحصار في غزوة الخندق، ومنها كان الرسول يبعث رسله وكتبه إلى الممالك والأمصار ويستقبل فيها الوفود، وكان لها الدور نفسه في عهد أبي بكر ومن بعده، لذلك اعتبرت المدينة عاصمة لدولة الخلافة الراشدة، حتى أسس معاوية بن أبي سفيان الدولة الأموية واتخذ دمشق عاصمة لها.

المعالم
تضم المدينة المنورة المسجد النبوي وهو ثاني أقدس دور العبادة بالنسبة للمسلمين بعد المسجد الحرام في مكة المكرمة، وهو أحد ثلاثة مساجد تشد إليها الرحال في الإسلام: المسجد الحرام في مكة، والمسجد الأقصى في القدس، والمسجد النبوي في المدينة.

ويقع المسجد النبوي في قلب المدينة، وأقيم في المكان الذي بركت فيه ناقة النبي عندما جاء إلى المدينة مهاجراً. ويضم المسجد النبوي العديد من المعالم، من أبرزها قبره صلى الله عليه وسلم الذي يوجد تحت القبة الخضراء، ومنبره الذي قال عنه إن ما بينه وبين قبره روضة من رياض الجنة.

كما يوجد في المدينة مسجد قباء، وهو أول مسجد بني في الإسلام، ويقع جنوب المدينة ويبعد عن المسجد النبوي حوالي خمسة كيلومترات. وفيها أيضا مسجد القبلتين، وسبب تسميته أن الصحابة صلوا فيه صلاة واحدة إلى قبلتين، وذلك أن القبلة كانت آنذاك إلى بيت المقدس، وعندما نزلت آية تحويل القبلة إلى المسجد الحرام، أرسل النبي من يبلغ المسلمين في أطراف المدينة، فجاء الخبر المصلين في هذا المسجد وهم يصلون إلى القدس، فتحولوا وهم في صلاتهم إلى القبلة الجديدة.

ومن معالم المدينة المنورة أيضا مقبرة البقيع، وهي المقبرة الرئيسية منذ العهد النبوي، ومن أقرب الأماكن التاريخية إلى المسجد النبوي، إذ تقع في مواجهة القسم الجنوبي الشرقي من سور المسجد، وتبلغ مساحتها الحالية نحو 180 ألف متر مربع، وتضم رفات الآلاف من أهل المدينة ومن توفي فيها من المجاورين والزائرين، وفي مقدمتهم الصحابة، حيث تضم ما يقارب عشرة آلاف صحابي دفنوا فيها.

وفي المدينة أيضا مقبرة شهداء أحد، وتقع شمال المسجد النبوي على بعد خمسة كيلومترات عند سفح جبل أحد (الذي يعد من أهم المعالم الطبيعية والدينية في المدينة) وبجوار جبل الرماة، سُميت بهذا الاسم لأنها تضم رفات سبعين من الصحابة استشهدوا في غزوة أحد، ومنهم حمزة بن عبد المطلب، عمَّ النبي صلى الله عليه وسلم.

المصدر : الجزيرة