شارع وطن.. شاهد على إعدام مندريس وانتصار أردوغان

دبابات في شارع وطن بمدينة اسطنبول خلال عرض في احتفالات يوم الظفر العام الماضي.
دبابات في شارع وطن بمدينة إسطنبول خلال عرض في احتفالات يوم الظفر (الجزيرة-أرشيف)

يعد شارع وطن المسمى رسميا "عدنان مندريس بوليفاري" أحد أهم شوارع تركيا، حيث يربط الكثير من محاور مدينة إسطنبول بشطريها الآسيوي والأوروبي، ويقع بمنطقة الفاتح التاريخية بالشطر الأوروبي لمدينة إسطنبول.

ويوصل إلى عدد كبير من المواقع السيادية التاريخية في قلب عاصمة العثمانيين، ومنه تدار كثير من مؤسسات الجمهورية التركية الحديثة، وعاش أحداثا مهمة ليلة المحاولة الانقلابية الفاشلة في 15 يوليو/تموز 2016.

الموقع
يقع شارع وطن في منطقة الفاتح التاريخية بالشطر الأوروبي لمدينة إسطنبول، ويربط بطوله الذي يبلغ 2.5 كيلومتر ميدان أكسراي المعروف بسور المدينة التاريخي، مرورا ببوابة توب كابي، التي توصله إلى وادي نهر بيرم باشا.

وتتفرع من الشارع عند منطقة أكسراي طرق تقود إلى مناطق بايزيد ومسجد آيا صوفيا والسلطان أحمد وجسر غلطة وميدان تقسيم، أما من جهة توب كابي، فيمتد الطريق إلى شارع مطار أتاتورك الدولي ومناطق أسنلر وباشاك شهير وغيرها.

في أكثر مواقعه اتساعا، يتكون من ثمانية مسارب للمركبات موزعة مناصفة على الاتجاهين اللذين تفصل بينهما جزيرة طويلة مزروعة بالورود غير مهيأة للمشاة، في حين تمتد أرصفة المشاة على جانبي الطريق، وتتصل به كثير من الشوارع الجانبية التي توصل إلى شوارع حيوية أخرى موازية له مثل شارع أكدنيز الشهير وشارع الخلجان "هليجلار" اللذين يصلانه بشارع فوزي باشا، وكذلك تفريعات تصله بشارع الأمة الرئيسي "ميلليت جادسي".

تاريخ الشارع
يعود تاريخ افتتاح شارع وطن إلى عهد رئاسة عدنان مندريس للحكومة التركية بين عامي 1950-1960، وصمم الشارع -الذي يعد من أعرض الشوارع التي كانت في عهده وأكثرها تسطحا- ليناسب تنفيذ احتياجات عسكرية حربية أو ظروف غير عادية كهبوط الطائرات الخفيفة والمروحيات وإقلاعها.

ظهر اسم شارع وطن -(vatan cadesi) باللغة التركية- مبكرا في ليلة المحاولة الانقلابية الفاشلة في 15 يوليو/تموز 2016، فقد شهد أول موجات خروج الأتراك إلى الشارع تلبية لدعوة الرئيس رجب طيب أردوغان، وهناك اصطدم المحتجون بقوات الانقلاب أمام مديرية الأمن العام الرئيسية في المدينة.

وشهد الشارع سقوط العديد من القتلى في تلك الليلة، لكنه كان أيضا من أول المواقع التي خرجت منها صور الانقلابيين وهم يسحبون من الدبابات والمركبات العسكرية مستسلمين للمدافعين عن الديمقراطية ومقدمين البشارات الأولى لزوال الانقلاب.

أهم المعالم
وعلى امتداد الشارع تقع مؤسسات حكومية إستراتيجية، من بينها مديرية الأمن العام، وشعبة الهجرة وشؤون الأجانب، وبيت المال (وزارة المالية)، ودائرة الضريبة، وبلدية الفاتح، والمحكمة، إضافة إلى أحد القصور الرئاسية، وضريح الرئيس التركي السابق تورغوت أوزال ورئيس الوزراء السابق عدنان مندريس.

كما تنتشر في الشارع عشرات المطاعم والفنادق والمنشآت التجارية والسياحية ومراكز الخدمات والبنوك، وفيه مستشفى وجامعة "بزمياليم" الطبية، وفيه ثلاث محطات رئيسية للقطار الأرضي، هي محطات أكسراي وأمنيات وتوب كابي، إضافة إلى المراكز الرياضية والثقافية ومقرات الأحزاب السياسية.

شارع الدولة
يعرف شارع وطن لدى الصحفيين وبعض العامة باسم شارع بروتوكولات الدولة، ففيه تنفذ العروض العسكرية السنوية في المناسبات المختلفة، كعيد الاستقلال وعيد الظفر، وسبق أن شهد أكثر من هجوم مسلح نفذته جهات مختلفة على المقرات الحيوية في الشارع، مثل هجوم انتحاري بالرصاص لمقاتلين من حزب العمال الكردستاني على مديرية الأمن العام في الشارع.

ويرتبط الشارع بتاريخ من العلاقات المتناقضة مع تاريخ الانقلابات العسكرية؛ فقد أسسه رئيس الوزراء السابق عدنان مندريس الذي أطيح به في أول انقلاب عسكري شهدته تركيا في العهد الجمهوري في 27 مايو/أيار 1960، ونفذ حكم الإعدام بمندريس أواسط سبتمبر/أيلول 1961.

وفي أواسط سبتمبر/أيلول 1990، نقل جثمان مندريس إلى ضريح أعدته له بلدية إسطنبول في منطقة توب كابي في امتداد شارع وطن، بعد صدور قانون رد الاعتبار لمندريس ورفاقه الذين أعدمهم الجيش بتهمة العمل على تغيير الهوية العلمانية للبلاد.

وبعد محاولة الانقلاب في يوليو/تموز 2016، تحول شارع وطن إلى ساحة احتفالية ظلت تؤمها جموع المتظاهرين الأتراك ليلا ونهارا ضمن فعاليات ما يعرف بمسيرات "صون الديمقراطية" التي استمرت منذ ليلة 15 يوليو/تموز إلى العاشر من أغسطس/آب 2016.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية