شبه جزيرة إيبيريا.. زمان الوصل بالأندلس

إسبانيا 1600

شبه جزيرة إيبيريا تقع جنوب غرب أوروبا، تحدها جبال البرانس شمالا، وتشكل إسبانيا جزءها الأكبر، بينما تحتل البرتغال المنطقة الغربية منها، كما تضم كلا من أندورا ومنطقة جبل طارق، وتزيد مساحتها على 582 ألف كيلومتر مربع. 

الموقع
إيبيريا شبه جزيرة تقع في أقصى جنوب غربي أوروبا، يحدها من الشرق والجنوب الشرقي البحر المتوسط، ومن الجنوب والغرب المحيط الأطلسي، ومن الشمال سلسة جبال البرانس التي تفصلها عن فرنسا، أما جنوبا فتطل شبه جزيرة إيبيريا على القارة الأفريقية عبر مضيق جبل طارق الذي يفصلها عن مدينة طنجة المغربية، وتزيد مساحتها على 582 ألف كيلومتر مربع.

التضاريس
يحد شبه الجزيرة الإيبيرية من الشمال جبال البرانس التي تبلغ ارتفاعاتها القصوى أكثر من ثلاثة آلاف متر فوق مستوى البحر، وتتكون هذه الجبال -التي تُشكل حاجزا طبيعيا بين أوروبا القارة، خاصة فرنسا، وشبه الجزيرة الإيبيرية- من صخور جيرية قديمة التكوين ومتشعبة المسالك ومتنوعة السطح والمظهر.

وتمتد جبال البرانس غربا إلى شواطئ المحيط الأطلسي مع انحدارٍ ملحوظ باتجاه الساحل، حيث تنتصب جبال البرانس الكالابرية، وهي أقل ارتفاعا من الأجزاء الشرقية: البرانس الباسكية والكاتلانية.

ومع ذلك، فإن منطقتي كتالونيا والباسك يُوجد بهما منخفض سحيق يدعى منخفض "إيبْر"، يفصل البرانس عن سهل "الميزيتا" الشهير الذي يشكل الجزء الأهم من جغرافية مملكة إسبانيا، وتوجد به أهم مدنها، وعلى رأسها العاصمة مدريد، ومنطقة كاستيا دلامانشا مهد إمارتي قشتالة وأراغون اللتين أنهى تحالف ملكيهما فرديناند وإزابيلا الوجود الإسلامي في الأندلس أواخر القرن 15 الميلادي، وشكلتا النواة السياسية والعرقية لإسبانيا الحديثة.

وتتوسط سهل الميزيتا جبال شاهقة تُسمى "سييرا دي غواديراما" وتُطل على العاصمة مدريد، ويبلغ ارتفاعها أكثر من 2500 متر، أما في أقصى الغرب فتوجد امتدادات منخفضة لسهل الميزيتا خاصة على سواحل البرتغال، كما يمتد شرقا وجنوبا إلى منطقة الأندلس ومنطقة أستورياس.

وتشتهر السواحل الشرقية والجنوبية الشرقية بسواحلها الرملية الجميلة والمشمسة في أغلب فترات السنة، مما جعلها قبلة عالمية للسياحة، وتتخلل شبه جزيرة إيبيريا أنهر تُعد بالعشرات، تتوزع أساسا بين إسبانيا والبرتغال، وأشهرها نهر إيبر وليما وإسكافا، فضلا عن مئات الأودية والروافد، منها الوادي الكبير الذي احتفظ إلى اليوم بتسميته التي تعود للعصر الإسلامي، ويُعد الوادي الكبير خامس مجرى مائي في إسبانيا، ويمتد على طول ستمئة كيلومتر من منبعه في جبال "سييرا دي كازورلا" وسط البلاد إلى مصبه بالمحيط الأطلسي إلى الغرب من مضيق جبل طارق، مرورا بعدد من المدن، أهمها إشبيلية.

المناخ
يتميز مناخ شبه الجزيرة الإيبيرية بالتنوع حسب المناطق، ونظرا لتأثير المسطحات المائية المحيطة، ففي المناطق الشمالية (غاليسيا وأراغون) يُهيمن تأثير المحيط الأطلسي وتتميز التساقطات المطرية بالغزارة، ويسود الطقس الغائم في فتراتٍ طويلة من السنة.

وفي الجنوب والشرق يسود المناخ المتوسطي بطقسه المشمس وحرارته المرتفعة وتساقطاته المطرية المحدودة التي تؤدي في أحيان كثيرة إلى سيادة المناخ الجاف وحتى شبه الصحراوي في بعض الأحيان. وفي أقصى الغرب، تتميز الشواطئ البرتغالية بتأثير أطلسي قوي سمته البارزة تساقطات مطرية قوية مع نوبات شديدة من الشمس.

وفي المجمل، يتميز طقس شبه الجزيرة بصيفٍ قصير وحار مقابل شتاء طويل وقارس، وجعل الطقس المشمس من إسبانيا بلدا رائدا في مجال الطاقة الشمسية في أوروبا والعالم نظر لتوجهها المبكر إلى الاستثمار في هذا القطاع، وتَتمتع الشركات والمختبرات الإسبانية في هذا القطاع بسمعة عالمية مشهودة.

السكان
يُقدّر عدد سكان شبه الجزيرة الإيبيرية بأكثر من ستين مليون نسمة يوجد أغلبهم في إسبانيا والبرتغال، وهما البلدان المشكلان أساسا لشبه الجزيرة إلى جانب أندورا (وهي دولة صغيرة تقع على التخوم بين إسبانيا وفرنسا)، ومنطقة الباسك الفرنسية وتُشكل 1% من مساحة شبه الجزيرة، هذا فضلا عن المنطقة الخاضعة لحكومة جبل طارق البريطانية في أقصى جنوب إسبانيا.

التاريخ
أغلب سكان إيبيريا من الإسبان الذين يعود أصلهم إلى القوط وهم مجموعة قبائل ذات أصول جرمانية تعود جذورها إلى مناطق شرق أوروبا، ويعود حكم القوط لإيبيريا إلى فترة حروب الاسترداد التي أنهت الوجود الإسلامي في الأندلس بعد قرون سبعة من الازدهار المعرفي والاقتصادي.

من المجموعات المشكلة لسكان شبه الجزيرة الإيبيريون وهم السكان الأصليون، ويُعتقد بأنَّهم وفدوا في العهد الروماني، وتوجد في إيبيريا كذلك أقلية من أحفاد الأندلسيين ويُسمون المورسكيين.

ورغم حملات الاستئصال التي قام بها القوط بعد سقوط غرناطة، وتحديدا منذ 1515 ميلاديا، فإن المورسكيين حافظوا على خصوصيتهم رغم إجبار كثيرٍ منهم على ترك الإسلام. واليوم، يجد السائر في شوارع الأندلس سحنا ناطقة بأصولها العربية الإسلامية، كما يتجلى تأثير الحقبة الإسلامية في المآثر التاريخية بغرناطة وإشبيلية وقرطبة وطليطلة وقادس بلنسية وملقة وغيرها، كما يجده في أسماء الناس والبلدان.

وفضلا عن كل ذلك، فإن مخارج حروف اللغة الكاستيانية (وهي اللغة المسيطرة في إسبانيا) تكشف حضورا قويا للعربية في التراث الذي نشأت وتطورت في كنفهِ هذه اللغة.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية