ليست مجرّد كلمات يقولها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على منبر الأمم المتحدة كلّ مرّة، إنما أصبحت هذه الكلمات شعارًا مرتبطًا به، وهذا الشعار خلفه رؤية كبيرة يتمنى أردوغان لو أنها تتحقق.
ترديد عبارة "العالم أكبر من خمسة"، في أكثر من مناسبة، قد يكون محاولة أولية لتشكيل اتجاه جديد ضمن الرأي العام الدولي.
كتاب (نحو عالم أكثر عدلًا) يوضح رؤية أردوغان حول إصلاح الأمم المتحدة، الأمر الذي أعاد تكراره وترديده في الكتاب أكثر من مرة
الدول الخمس صانعة القرار الدولي
دائمًا ما يشار إلى الدول التي لديها حق النقض (الفيتو).. وبشكل مختصر، فهذا الحق هو رفض قرار يقدم لمجلس الأمن أو الاعتراض عليه، وهذه الدول هي: الولايات المتحدة الأميركية، والصين، وروسيا، وبريطانيا، وفرنسا.
ولنا في هذه الأوقات الأخيرة الكثير من الأمثلة على رفض دولة قرارًا أيدته دول؛ ففي نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 أيدت 14 دولة مشروع قرار يدعو لوقف إطلاق النار في غزة، لكن الولايات المتحدة الأميركية استخدمت حق النقض، وبذلك أُجهض مشروع القرار برفعة يد فقط!
أعمق من مجرد شعار
في عام 2017 صدر كتاب للرئيس التركي رجب طيب أردوغان تحت اسم "العالم أكبر من خمسة"، ويدعو إلى ضرورة إصلاح هيكلية الأمم المتحدة، وتحديدًا مجلس الأمن، لكن في عام 2021 صدر كتاب جديد للرئيس التركي بعنوان "نحو عالم أكثر عدلًا"، وتُرجم الكتاب لعدة لغات أخرى، وحقق انتشارًا واسع النطاق.
كتاب "نحو عالم أكثر عدلًا" يوضح رؤية أردوغان حول إصلاح الأمم المتحدة، الأمر الذي أعاد تكراره وترديده في الكتاب أكثر من مرة.
لعل أبرز قطب صاعد هو القطب الذي بدأت الصين بإنشائه باستخدام عدة أدوات، منها مجموعة بريكس ورؤية الحزام والطريق، الذي انضمت له عدة دول أبرزها باكستان وإيران وتركيا
الأقطاب الدولية
في الوقت الحالي وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي -الذي ترك فراغًا كبيرًا بعد سقوطه- بدأت تتشكل أقطاب جديدة محل القطب العملاق الذي انهار، ولعل أبرز أثر خلّفه انهيار الاتحاد السوفياتي هو أن العالم لم يعد ثنائي القطب، أي من قطب غربي ممثل بالاتحاد الأوروبي وتقوده الولايات المتحدة الأميركية، وآخر شرقي يقوده الاتحاد السوفياتي الذي انهار وانهارت معه دول كألمانيا الشرقية.
لعل أبرز قطب صاعد هو القطب الذي بدأت الصين بإنشائه باستخدام عدة أدوات، منها مجموعة بريكس ورؤية الحزام والطريق، الذي انضمت له عدة دول أبرزها باكستان وإيران وتركيا.
الدعاية التركية لعالم أكبر من خمسة
في سبتمبر/ أيلول 2024، دارت أعمال الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في مقرها الدائم في نيويورك، لكن اللافت أن شاحنة تحمل صورة للرئيس التركي، مكتوبًا عليها مقولته: "العالم أكبر من خمسة"، كانت تجوب شوارع نيويورك.
ولعل هذا شيء بسيط يدل على مدى إصرار أردوغان على تحقيق رؤيته، أو على الأقل كسب تأييد بعض الدول لمقترحه حول إصلاح الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
إن مقترح أردوغان يدور حول إزالة حق النقض، وتوسيع صلاحيات الجمعية العامة، وفرض المسؤولية على الدول العظمى التي تريد التمتع بما تمتلكه من امتيازات في مجلس الأمن
مقترح قابل للتنفيذ
بهذا العنوان ختم أردوغان كتابه "نحو عالم أكثر عدلًا"، وأوضح أن صعوبات تنفيذ إصلاح الأمم المتحدة كثيرة، لعل أبرزها معارضة متوقعة من الدول التي تمتلك حق النقض.
ختامًا، فإن مقترح أردوغان يدور حول إزالة حق النقض، وتوسيع صلاحيات الجمعية العامة، وفرض المسؤولية على الدول العظمى التي تريد التمتع بما تمتلكه من امتيازات في مجلس الأمن.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.