نتنياهو.. أي مصير ستلقاه سياسته؟

epa12185451 Israeli Prime Minister Benjamin Netanyahu speaks to the press as he visits the Soroka hospital complex, after it was hit by a missile fired from Iran, in Beer Sheva, Israel, 19 June 2025. Israel and Iran have been exchanging fire since Israel launched strikes across Iran on 13 June 2025 as part of Operation 'Rising Lion.' EPA-EFE/MARC ISRAEL SELLEM/POOL
بنيامين نتنياهو متحدثًا للصحفيين من أمام مستشفى سوروكا العسكري في بئر السبع بعد قصف إيراني استهدفه وأخرجه عن الخدمة (الأوروبية)

منذ تولّيه السلطة، كان بنيامين نتنياهو يدرك أن بقاءه السياسي مرهون بإدامة الأزمات وليس حلّها. لكن لم يتوقع أحد أن يتحوّل رئيس حكومة الاحتلال إلى ما يشبه نيرون، الإمبراطور الروماني الذي أحرق روما من أجل أن يُعيد بناء مجده. ومؤخرًا، أطلق نتنياهو شرارته التي أحدثت حالة تصعيد بين إيران و"إسرائيل"، ومع أن أحداثها الساخنة قد انتهت فإن ظلالها ما تزال ماثلة، وهي تدعونا إلى وقفات.

نتنياهو أشعل الشرق الأوسط، لا لحماية الإسرائيليين، ولا لردع "التهديد الإيراني"، بل فقط لضمان بقائه في الحكم، متذرّعًا بخطر وجودي مزعوم باتت حتى دول غربية تشكك في وجاهته.

ونتنياهو لم يتحرك من فراغ، بل من تراكم أزمة سياسية داخلية، وفشلٍ أمني ذريع بعد عملية 7 أكتوبر/ تشرين الأول، إضافة إلى ملاحقة قضائية من المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب في غزة. هذه الخلفية تعزّز الرأي القائل بأن الرجل لا يرى سوى نفسه، ولو على أنقاض تل أبيب نفسها.

الحرس الثوري الإيراني صرّح بأن "نتنياهو يقود إسرائيل نحو الفناء"، مؤكدًا أنه يقف وراء العدوان.. ووصف حكومته بالإرهابية، وأعلن أن زمن اللاعقاب قد انتهى

تصريحات الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون لم تكن عبثية، بل جاءت لتؤكد حقيقة لطالما تم تداولها في الكواليس: "نتنياهو لطالما أراد حربًا مع إيران، ليس لمنعها من امتلاك سلاح نووي، بل من أجل بقائه في السلطة إلى الأبد". كلينتون أضاف: "نحن لا نحتاج إلى هذا القتل المستمر للمدنيين الأبرياء"، موجهًا بذلك رسالة مزدوجة إلى الرأي العام الأميركي والإسرائيلي بأن هذا الرجل يقود الجميع إلى الهاوية.

في السياق ذاته، قال السيناتور الأميركي بيرني ساندرز: "لا يحق للرئيس مهاجمة إيران دون تفويض من الكونغرس، هذا استبداد"، وأضاف القول إن تلك الحرب لا تمثل المصالح الأميركية. أما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فاتهم نتنياهو بأنه يسير على خطى هتلر، محذرًا من كارثة إقليمية.

إعلان

حتى في الداخل الإسرائيلي، تعالت الأصوات المعارضة خلال التصعيد الذي حدث؛ فقد قال زعيم المعارضة يائير لبيد إن الرقابة الإعلامية المفرطة أثناء الهجمات الإيرانية تعرقل نقل الحقيقة، وتضعف التعاطف الدولي مع إسرائيل، في انتقاد مباشر لحكومة نتنياهو التي يبدو أنها فقدت السيطرة على الجبهة الإعلامية أيضًا.

الحرس الثوري الإيراني صرّح بأن "نتنياهو يقود إسرائيل نحو الفناء"، مؤكدًا أنه يقف وراء العدوان.. ووصف حكومته بالإرهابية، وأعلن أن زمن اللاعقاب قد انتهى.

أشارت تقارير مؤكدة إلى أن نتنياهو أرسل أسرته إلى ميامي، حيث يملك برجًا ومصالح تجارية مسجلة باسم زوجته وابنه.. فرّ بعائلته وترك الخراب لأهل غزة الأبرياء، ولأبناء شعبه الذين طالتهم صواريخ إيران

العالم بدأ يدرك أن إسرائيل تحت قيادة نتنياهو تحولت إلى دولة مارقة، متورطة في مجازر جماعية، وفقدت المظلومية التاريخية التي لطالما سوّقتها.

وفي المقابل، ارتفعت شعبية المرشد الأعلى للثورة الإسلامية، علي خامنئي، وتحوّلت صورته إلى رمز عالمي لمناهضة الهيمنة الصهيوأميركية، وبرز كمناضل مناصر لغزة، ومدافع عن شعبه.

التصعيد الذي أحدثه نتنياهو نتج عنه مشهد سريالي: هروب جماعي من داخل "أرض الميعاد"، عبر اليخوت والقوارب إلى قبرص، أو في الحافلات إلى طابا، في مشاهد تُذكّر بسقوط سايغون. وإلى جانب هذا آلاف الطلبات لتعويضات عن دمار المنازل والممتلكات، وإجلاء الدول لرعاياها مزدوجي الجنسية، في كيانٍ لطالما ادعى أنه الأقوى والأكثر أمنًا.

وسط كل هذا، أشارت تقارير مؤكدة إلى أن نتنياهو أرسل أسرته إلى ميامي، حيث يملك برجًا ومصالح تجارية مسجلة باسم زوجته وابنه.. فرّ بعائلته وترك الخراب لأهل غزة الأبرياء، ولأبناء شعبه الذين طالتهم صواريخ إيران. وحينما استجدى تدخلًا أميركيًّا كان الغرض حمايته وليس حماية إسرائيل كما ادّعى، بل أراد إنقاذ نفسه من السقوط.

العالم يقترب من نقطة اللاعودة، و"نيرون العصر الحديث" يواصل عزف لحن الهلاك. ولن يكون غريبًا أن يكون سقوطه بداية نهاية أسطورة "الجيش الذي لا يُقهر"

تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حين رفض حتى مناقشة فرضية اغتيال خامنئي قائلًا: "لا أريد أن أناقش حتى احتمالية حدوث هذا الأمر"، أظهرت أن نتنياهو تجاوز كل الخطوط الحمراء، وأن اغتيال رموز كبرى قد يؤدي إلى فتح ما وصفه الروس بـ"صندوق باندورا"، أي انهيار شامل يصعب احتواؤه.

نتنياهو ليس مجرد سياسي فاشل، بل مشروع ديكتاتور مستعد لإشعال حرب عالمية ثالثة كي لا يخسر الحكم. وكما أُسقط إسحاق رابين برصاص إسرائيلي بسبب التفاوض، قد يُسقَط نتنياهو على يد الداخل بسبب جنونه.

الخلاصة أن العالم يقترب من نقطة اللاعودة، و"نيرون العصر الحديث" يواصل عزف لحن الهلاك. ولن يكون غريبًا أن يكون سقوطه بداية نهاية أسطورة "الجيش الذي لا يُقهر"، ودولة الاحتلال التي تحوّلت من ضحية إلى جلاّد، ثم إلى فوضى تبحث عن مخرج.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان