من شمران إلى سلامي.. 45 عاما من الدم والاختراق

قائد استخبارات الحرس الثوري الإيراني اللواء محمد كاظمي وكالة تسنيم للأنباء
إسرائيل اغتالت قائد استخبارات الحرس الثوري الإيراني اللواء محمد كاظمي ونائبه (وكالات)

في صبيحة يوم الجمعة، 13 يونيو/ حزيران الجاري، أفاق الإيرانيون على خبر مقتل عدد من قيادات الصف الأول العسكري والنووي في البلاد، فيما بدا إيذانًا بإعلان الحرب الإسرائيلية عليهم.

تلا ذلك إعلان إسرائيل، يوم الأحد 15 يونيو/ حزيران الجاري، اغتيالها رئيسَ استخبارات الحرس الثوري الإيراني، محمد كاظمي، ونائبَه ومسؤولًا آخر، في غارة وصفتها بالدقيقة.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل أعلنت بعد ذلك بيومين فقط، في صبيحة يوم الثلاثاء الموافق 17 من ذات الشهر، اغتيال رئيس هيئة الأركان المعين حديثًا، علي شادماني.

هذه العمليات المتتالية والمترابطة، والتي احتفت بها إسرائيل وأعلنت أنها "ضربة في الصميم" موجهة إلى النظام الإيراني، أعادت إلى الواجهة جملة من الحوادث وعمليات الاغتيال، التي شهدتها إيران منذ الإطاحة بالشاه ومجيء نظام الثورة الإسلامية، وتحديدًا منذ 1980، تاريخ بدء الحرب الإيرانية العراقية، حيث توالت سلسلة من الحوادث العسكرية والاغتيالات، أسفرت عن مقتل شخصيات بارزة من قيادات الصف الأول، سواء من السياسيين أو العسكريين، أو حتى العلماء النوويين.

وقد أثار تتابع هذه الأحداث الكثير من الجدل حول طبيعة الإجراءات الأمنية لدى النظام الإيراني، والتي قد تبدو مفقودة أو متجاهَلة، بينما أرجع البعض ما جرى إلى ما سُمي بـ"الاختراقات" التي طالت الصفوف الأولى في القيادة، وعملت منذ ذلك الحين على استهدافها وتصفيتها.

هذا "الاختراق" لم يشمل عمليات الاغتيال والاستهداف الفردية فقط، بل تطور إلى درجة تهريب الأسلحة إلى إيران، بل وإنشاء قاعدة لإطلاق المسيرات الانتحارية من داخل البلاد.

وبنظرة على تاريخ هذه الحوادث والاستهدافات، يتكشف لنا أن ما ذكرناه من خلل قد لا يخرج بالفعل عما ذُكر من أسباب.

علي صیاد شیرازي: قائد القوات البرية للجيش الإيراني خلال الحرب مع العراق، اغتالته منظمة مجاهدي خلق أمام منزله في 10 أبريل/ نيسان 1999، ردًا على دوره في ضرب المنظمة خلال الحرب

التسلسل الزمني لمقتل واغتيال القادة والرموز في إيران  (1980-2025)


أولًا: خلال الحرب الإيرانية العراقية (1980-1988)

  • مصطفى شمران، وزير الدفاع وقائد قوات الحرس الثوري، قُتل بقصف عراقي أثناء تفقده للجبهات في منطقة دهلاوية يوم 21 يونيو/ حزيران 1981.
  • محمد منتظري، رجل دين، وأحد مؤسسي الحرس الثوري، استُهدف من قبل منظمة مجاهدي خلق المعارضة، يوم 28 يونيو/ حزيران 1981، بتفجير مقر الحزب الجمهوري الإسلامي بطهران، وأسفر الانفجار عن مصرع العشرات كذلك.
  • جواد فكوري، في 29 سبتمبر/ أيلول 1980، تحطمت طائرة نقل عسكرية إيرانية من طراز "سي-130" أميركية الصنع، بعد وقت قصير من إقلاعها، ما أسفر عن مقتل جواد فكوري، وزير الدفاع آنذاك، ونائب رئيس هيئة الأركان ولي الله فلاحتيان، وقائد التعبئة والدعم العسكري يوسف كلاهيان، ووزير الدفاع بالوكالة سيد موسى نامجو. وظلت التحقيقات حول الحادث غامضة حتى اليوم.
  • حسن باقري، نائب قائد القوات البرية للحرس الثوري، قُتل في 29 يناير/ كانون الثاني 1983 بنيران الجيش العراقي في منطقة فكه، أثناء قيادته لإحدى العمليات العسكرية.
  • محمد إبراهيم همت، قائد فرقة محمد رسول الله التابعة للحرس الثوري، قُتل في معركة جزيرة مجنون يوم 17 مارس/ آذار 1984.
إعلان

ثانيًا: بعد الحرب وحتى 2009

علي صیاد شیرازي، قائد القوات البرية للجيش الإيراني خلال الحرب مع العراق، اغتالته منظمة مجاهدي خلق أمام منزله في 10 أبريل/ نيسان 1999، ردًا على دوره في ضرب المنظمة خلال الحرب.

ثالثًا: سلسلة اغتيالات العلماء النوويين (2010-2012)

  • مسعود علي محمدي، أستاذ فيزياء الجسيمات والفيزياء النووية، اغتيل بتفجير دراجة نارية مفخخة يوم 12 يناير/ كانون الثاني 2010 قرب منزله في طهران.
  • مجيد شهرياري، عالم نووي في برنامج تخصيب اليورانيوم، متخصص في نقل النيوترونات، اغتيل في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2010 بانفجار قنبلة لاصقة بسيارته بطهران.
  • داريوش رضائي نجاد، عالم نووي في الإلكترونيات الدقيقة، اغتيل في 23 يوليو/ تموز 2011 بإطلاق نار مباشر أمام منزله في طهران. مصطفى أحمدي روشن، عالم الهندسة الكيميائية، وكان يشغل منصب نائب مدير منشأة نطنز النووية، اغتيل في 11 يناير/ كانون الثاني 2012 بانفجار قنبلة مغناطيسية في سيارته.

محمد رضا زاهدي، قائد رفيع في فيلق القدس في سوريا ولبنان، استُهدف من قبل إسرائيل يوم 3 أبريل/ نيسان 2024 بضربة دقيقة على مقر القنصلية الإيرانية بدمشق، وقتل معه عدد من قيادات الحرس الثوري

رابعًا: المرحلة النووية والسياسية الحساسة (2020-2022)

  • قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، اغتيل في 3 يناير/ كانون الثاني 2020 باستهداف موكبه قرب مطار بغداد بأمر من الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
  • محسن فخري زاده، رئيس منظمة الأبحاث والابتكار الدفاعي وكبير العلماء النوويين، وقد اغتيل في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020 باستخدام رشاش آلي مزود بوسيلة تحكم عن بعد.
  • صياد خدايي، ضابط رفيع في فيلق القدس، قُتل يوم 22 مايو/ أيار 2022 بإطلاق نار مباشر أمام منزله في طهران.

خامسًا: مرحلة التصعيد في سوريا (2023-2024)

  • محمد رضا زاهدي، قائد رفيع في فيلق القدس في سوريا ولبنان، استُهدف من قبل إسرائيل يوم 3 أبريل/ نيسان 2024 بضربة دقيقة على مقر القنصلية الإيرانية بدمشق، وقتل معه عدد من قيادات الحرس الثوري، منهم محمد هادي حاج رحيمي.
  • سقوط طائرة الرئيس إبراهيم رئيسي: وفي 20 مايو/ أيار 2024، أعلنت السلطات الإيرانية رسميًا مصرع كل من رئيس البلاد إبراهيم رئيسي، ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، إلى جانب عدد آخر من المرافقين، نتيجة سقوط المروحية التي كانت تقلهم قرب منطقة جبلية شمالي غربي البلاد أثناء عودتهم من محافظة أذربيجان الشرقية.

وأشارت الرواية الأولية إلى أن الحادث وقع نتيجة لسوء الأحوال الجوية، لكن حتى الآن لم يتم الإعلان رسميًا عن أسبابه النهائية.

 التسريبات الغربية والتقارير الإيرانية أشارت إلى أن الاغتيالات المرتبطة بالبرنامج النووي في إيران، ومعظم حوادث اغتيال القادة، نُسبت إلى إسرائيل، دون صدور اعتراف رسمي بذلك

سادسًا: أضخم ضربة نوعية حتى الآن (13 يونيو/ حزيران 2025)

وهي التي نفذتها إسرائيل وافتتحت بها الحرب ضد إيران، وأسفرت عن اغتيال:

  • القائد العام للحرس الثوري الإيراني حسين سلامي.
  • رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية محمد باقري.
  • قائد مقر خاتم الأنبياء غلام علي رشيد.
  • قائد القوة الجوفضائية للحرس الثوري، ورئيس برنامج الصواريخ أمير علي حاجي زاده.
  • نائب رئيس هيئة الأركان الإيرانية للعمليات، مهدي رباني والذي قتل مع عائلته.
  • عدد من القيادات النووية البارزة، منهم فريدون عباسي، الذي نجا من محاولة اغتيال سابقة، ومحمد مهدي طهرانجي.

ورغم أن التسريبات الغربية والتقارير الإيرانية أشارت إلى أن الاغتيالات المرتبطة بالبرنامج النووي في إيران، ومعظم حوادث اغتيال القادة، نُسبت إلى إسرائيل، دون صدور اعتراف رسمي بذلك، وبينما كانت إيران تشير عن ثقة إلى تورط "الموساد" في العمليات المشار إليها، فإنها أيضًا أثبتت عجزها عن التحسن في ضبط الإجراءات الأمنية إلى الحد الذي يسمح بالحماية الضرورية، والتصدي للعمليات الداخلية "الناجحة" والمؤسفة في آن معًا.

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان