يقول "رالف والدو إيرسون": هدف الحياة ليس أن تكون سعيدًا، بل أن تكون مفيدًا، أن تكون محترمًا، أن تكون متعاطفًا، أن تعيشها في إحداث بعض الفرق الذي يدل على أنك قد عشت، وعشت جيدًا..
خلق الله الإنسان لغاية.. امتلاك غاية لحياتنا، ووجود أهداف ذات مغزى لكل يوم، يُعطينا سببًا لمواصلة التقدم نحو الأمام.
تُعرَّف الغاية بأنها كل ما يمكن أن نعتبره مبدأً ساميًا عامًّا بعيد المدى، وفي الغاية تحدد النوعية، ويمكن الوصول لدرجات منها وليس كلها. ويُعرَّف الهدف بأنه إجراء ملموس قابل للقياس، يحدد كمية، متغيّر، ويمكن تحقيقه كاملًا .
فالغاية بحسب هذا التعريف هي الدافع والمحرك الأول لأي إنسان، أي إنها بمثابة المهمة الكبرى أو الرؤية التي من خلالها سيضع الإنسان أهدافه الخاصة، ويسعى إلى تحقيقها، والأهداف من ناحية أُخرى هي الخطوات التي تقطعها على مدى الطريق.
كلنا نحتاج إلى الإحساس بالغاية، وكلنا نريد لحياتنا أن تكون ذات مغزى، ومن القواعد الثابتة أنّ حس الغاية ضروري للصحة النفسية
يمتاز المسلمون بقوة الغايات؛ فالذي وضع هذه الغايات هو الله -عز وجل- خالق هذا الإنسان، وبهذا تصبح الغاية هي المقصد النهائي للمسلم في حياته، فكل أهدافه وآماله ومشاعره تتجه نحو تحقيق هذه الغاية، وهي مرضاة الله سبحانه وتعالى.
عندما تتوافق أهدافك اليومية مع غاية واضحة المعالم، ستتمتع براحة البال والشعور الرائع بأنك على قيد الحياة. وبمجرد أن تعرف هدف حياتك، يمكنك أن ترتب جميع أنشطتك بحيث تدور في فلكه.. وينبغي أن يكون كل شيء تفعله معبرًا عن هدفك.
من الأسباب الرئيسية التي تفسر عدم حصول معظم الناس على ما يريدونه أنهم لم يحددوا ما يريدون، لم يحددوا رغباتهم بتفصيل واضح دقيق.. أن تدع الحياة تحدث فحسب، منتظرًا أن تقرر الصدفة أين ينتهي بك الحال، وإلى أين يأخذك الطريق، هذا ليس السبيل للشعور بالسعادة والثقة. في إمكاننا دائمًا اختيار الاتجاه الذي نسير فيه.. بلا غاية، نحن ضائعون ونسير بلا وجهة.
عملية الوصول من المكان الذي أنت فيه إلى المكان الذي تريد أن تذهب إليه شبيهة باستخدام تقنية نظام تحديد المواقع العالمي؛ فلكي يعمل النظام يحتاج أن يعرف مكانك الآن، والمكان الذي تود أن تذهب إليه.. وهذا ما يحدث في الحياة، كل ما عليك فعله هو أن تقرر إلى أين تود أن تذهب بجعل رؤيتك واضحة، ثم تحديد وجهتك.
توفر الغاية رؤية واسعة وشاملة لما يُراد تحقيقه، أو النتيجة المرجوة التي تهدف إليها.. غالبًا ما تكون طويلة المدى، ويمكن أن تشمل مجموعة من المجالات في الحياة الشخصية أو المهنية؛ بينما الأهداف محددة وقابلة للقياس، وتساعد على تتبع التقدم نحو الغايات. تقوم الأهداف بتقسيم الغاية إلى خطوات أصغر قابلة للتنفيذ، تسهل إدارتها وتقييمها.
السر في التقدم هو البدء، والسر في البدء هو تقسيم مهامك المعقدة والمربكة إلى مهام أصغر يسهل التعامل معها، ومن ثم البدء بأولها
كلنا نحتاج إلى الإحساس بالغاية، وكلنا نريد لحياتنا أن تكون ذات مغزى، ومن القواعد الثابتة أنّ حس الغاية ضروري للصحة النفسية.. لكل منا غايته التي تختلف عن غايات الآخرين، وتعتمد على آفاقنا ومواهبنا وقدراتنا واهتماماتنا.
امتلاك غاية في الحياة مهم جدًّا، لأن ذلك ما يعطي حياتنا مغزى، وحين نمتلك أهدافًا ونعمل على تحقيقها تصبح حياتنا أكثر ثراءً، ونشعر بالرضا عن أنفسنا.
إذا كنت تريد إحداث فرق، وعيش حياة ذات معنى، يجب أن تكتشف غايتك! تحتاج إلى البدء بالتفكير في هدفك.. إذا كنت تعرف غايتك وتركز على الذهاب إلى هناك بتصميم شديد، هذا يجعل الطريق أكثر وضوحًا (بمجرد أن تجد غايتك تتمكن من العثور على طريقك).. الخطوة الأولى الضرورية للحصول على الأشياء التي تُريدها في هذه الحياة هي تحديد ما تريد.
عندما تستعد لتدوين أهدافك المستقبلية، اسأل نفسك: "ما المهم لي بالفعل؟ ما الهدف من فعل ذلك؟ ما الذي أنا على استعداد للتخلي عنه لتحقيق ذلك؟". عملية التفكير هذه ستزيد من حالة الوضوح بالنسبة لك.. رسمك لأهدافك سيعطيك الدفعة والطاقة لتستيقظ في الصباح، حتى في تلك الأيام التي لا ترغب فيها بمغادرة سريرك!
"السر في التقدم هو البدء، والسر في البدء هو تقسيم مهامك المعقدة والمربكة إلى مهام أصغر يسهل التعامل معها، ومن ثم البدء بأولها".
الأهداف هي وسيلة لتحقيق غاية، وليست الغرض النهائي من حياتنا؛ فهي -ببساطة- وسيلة لتركيز بؤرة انتباهنا، ولتحريكنا في اتجاه معين. فتحقيق الأهداف في حدّ ذاته لن يجعلنا سعداء على المدى لطويل
قواعد رئيسية تساعدك في تنفيذ أهدافك:
- المبدأ الرئيسي من مبادئ تحقيق الأهداف هو أن تمضي في سبيلك إلى أبعد نقطة يستطيع بصرك رؤيتها، وأنك عندما تصل إلى هذه النقطة ستكون قادرًا على رؤية ما وراءها.
- الرغبة: الرغبة في الوصول إلى هدفٍ ما، أو تحقيق الحلم، تعتبر أول خطوات تحقيق الأهداف، وأكثرها أهمية.
- دوِّن أهدافك: تساعد كتابة الأهداف على بلورة الأشياء التي تريد تحقيقها، كما تساعد على تثبيتها في العقل.
- تحديد الهدف: قرارك لما تريد إنجازه، والسبب، بالإضافة لوضع أكبر قدر ممكن من التفاصيل، واحدة من أهم خطوات تحقيق الأهداف بدقة ووضوح.
- وضع خطة: لا يكفي تحديد الهدف للوصول إليه، بل يجب وضع خطة لتحديد الطرق والإستراتيجيات التي تُوصل إليه، والتفكير في جميع التفاصيل المتعلقة به، أو العوائق التي ستتم مواجهتها.
- تحفيز النفس: يجب على المرء تحفيز نفسه للوصول إلى أهدافه، وذلك من خلال تصوّر ذهني بتحقق هذا الهدف، وخلق صور ملهمة.
- التنفيذ: بعد تحديد الأهداف ووضع الخطط والإستراتيجيات لها، يجب البدء بالعمل والتنفيذ لما تم التخطيط له.
وأخيرًا.. الأهداف هي وسيلة لتحقيق غاية، وليست الغرض النهائي من حياتنا؛ فهي -ببساطة- وسيلة لتركيز بؤرة انتباهنا، ولتحريكنا في اتجاه معين. فتحقيق الأهداف في حدّ ذاته لن يجعلنا سعداء على المدى لطويل.. إنّ ما تصبح عليه بعد أن تتخطى العوائق التي تقف في وجه تحقيق أهدافك هو ما يمكن أن يعطيك أعمق وأطول إحساس بالإنجاز.
سوف تكتشف بينما تضع أهدافك وتفتح عقلك أن العالم سيفتح أمامك أبواب كنوزه ومكافآته. "للأفعال صوت أعلى من الأقوال، وسوف تبهر نفسك والآخرين".. بمجرد أنّ يتضح لك ما تُريده، وتبقي ذهنك مُركزًا باستمرار على هدفك، ستكتشف كيفية تحقيق الهدف تدريجيًّا؛ فـ"أيّ شيء يمكن أن يتصوره العقل ويؤمن به، يمكن أن يتحقق".
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.