شعار قسم مدونات

احذروا الأرملة السوداء

الإدمان على مواقع الانترنت الإباحية يسبب مشاكل صحية كبيرة
الكاتب: لا تكن فريسة الأرملة السوداء لا تجعل الفضاء الرقمي يبتلعك قرر الآن وتحدَّ الشاشة الزرقاء (غيتي إيميجز)

يا صاحبي، إن في زحام حياتنا أسرًا وقضبانًا، فهل تفطنت للقيود التي تقيد المعاصم وتشل الأرواح والأبدان؟ إننا نتحدث عن هذه التقنية التي نفرح بها أشد من فرح ذلك الطفل بألعابه؛ فالطفل بعد حينٍ يرمي لعبته ويسأم منها، بينما نحن نزداد لها عطشًا وكأننا نغرف من ماء بحر!

في هذا العصر أصبحت التقنية قيدًا يلتف حول أعناقنا.. كانت في أول عهدها خادمة مطيعة، واليوم أصبحت علينا بلقيس ونحن جنود سبأ. إننا نغرق في إشعارات لا حَدّ لها ولا حصر، فقاقيع لا متناهية، نلهث كجائع وراء سراب، واللحظات الحقيقية تتلاشى وتتبخر دون أن نحسّ!

إذا كنت طالبًا فلا تكن كالطالب الذي ركز ثقله على انتصاراته الوهمية في ألعاب الإنترنت، وخسر درجاته ومنحته الدراسية!. إذا كنتِ أمًّا فلا تكوني كتلك الأم التي فرحت بتوالي الإعجابات في شبكات التواصل الاجتماعي، وفقدت أعزّ ما تملك

يا صاحبي، إن عالمنا الافتراضي يبتلعنا، فهل تدرك كيف يضيع منك العمر، وأنت لا تزال مسجونًا في قفص؟! إننا نؤجل العيش من أجل واقع لا يُلمس ولا يُحسّ، فهل نحن أحرار بالفعل؟ إنك  الآن تحتاج للحظة وعي وقرار، تحتاج الآن أن تعود إلى طبيعتك.. إلى إنسانيتك؛ لتسترجع نفسك قبل أن تلتهمك الشاشات الزرقاء وتغرقك في عالم الوهم. أين أنت الآن؟ أما زلت موجودًا في هذا العالم؟ أم إن العالم الافتراضي قد ابتلعك منذ دهر، ولست في عداد الأحياء وإن كنت حيًّا!!

يا صاحبي، هل سمعت بالأرملة السوداء؟ قد تقول إنها عنكبوت سامة خطرة، وأنا أقول إن هذه التقانة إن لم نقنّنها فستكون هي هذه العنكبوت التي يجدر بك الحذر منها.

إعلان

يا صاحبي، هل يسري السم في أصابعنا من هذه الأزرار؟ لقد تمردت الخادمة علينا وأضحت أرملة سوداء، نقرات تتكرر، وإشعارات تتلاحق، وسراب يغري، وسُمّ يسري، فمتى سنوقف الشلال؟

القارب نحو الهاوية يسير، ونحن في غفلة معرضون، أوقاتنا أمست ظلًّا عابرًا، ينثال من بين الأصابع كالرمال، نرى أكثر ونشعر أقل، إدمان التقانة يسيطر على العقول والجماجم، فمتى نفيق؟ إن حياتنا تتآكل، ولحظات أعمارنا تتهاوى كأوراق خريف، متى ستستيقظ يا صاحبي من هذا السبات؟ أما حان الوقت أن تتدارك ما تبقى لك من عمر، حتى لا تلقي بجهازك بحرًا ساعة الندم!

إذا كنت طالبًا فلا تكن كالطالب الذي ركز ثقله على انتصاراته الوهمية في ألعاب الإنترنت، وخسر درجاته ومنحته الدراسية!. إذا كنتِ أمًّا فلا تكوني كتلك الأم التي فرحت بتوالي الإعجابات في شبكات التواصل الاجتماعي، وفقدت أعزّ ما تملك.. فقدت أبناءها!. إذا كنت صاحب عمل فلا تكن مدمن إنترنت حتى لا تكن كذاك الموظف الذي فقد عمله!. إذا كنتِ متزوجة فلا تكوني كتلك الزوجة التي تركض وراء المحادثات الافتراضية حتى تخسر زوجها..

إنها غربة الروح في عالم متصل بالتقانات، نتواصل كثيرًا ويغيب عن صدورنا دفء اللقاء، وصدق الحديث، وابتسامة ولّت ولا ندري أين انزوى ذلك الإنسان

يا أبناء جلدتي، هناك إدمان مستشرٍ، أفلا نفيق؟ ألا يهتف فينا رجل رشيد، ليقول لنا: أوقفوا الإشعارات والتنبيهات وتخلصوا من الضوضاء. يا صاحبي، أغلق هاتفك الخلوي قليلًا واستمتع بحياتك الطبيعية، قبل أن تتصرم من بين يديك الأيام. دع عنك مئات الرسائل واقرأ هذه الرسالة: "إن وقتك يضيع فهل أدركت طعم الحياة؟".

يا صاحبي لا تؤجل يقظتك؛ إن لحظة الوعي تبدأ الآن.. استعد إحساسك بالعيش، بالكلمة الصادقة، بقربك من أقاربك، بقلبك النابض قبل أن يصبح فريسة تلك الأرملة التي ترديك. قد تكون هذه اللحظة هي اللحظة الحقيقية التي تستعيد فيها ألوان هويتك، حين تتخذ قرارًا حاسمًا يغير مجرى حياتك، تفطن جيدًا فإنه ما زال بإمكانك الاختيار.

إعلان

لأضع أصبعك على الجرح تمامًا، أنت تعيش الوحدة في وسط الزحام، فلماذا رحلت عن الحياة يا بقايا إنسان؟! هذا زحام الاتصالات، وأطنان الصفحات والصور، أصابعك تعبت وعيناك لا تزال تطلب المزيد، عزلة تغمرك، تعرف الكثير عن الغير، وتجهل ذاتك.. تعليقات وردود سريعة، إعجابات متناثرة، ومحادثات دون طائل، شاشات عقيمة وواقع لا يوصف إلا بكونه أجوف!

إنها غربة الروح في عالم متصل بالتقانات، نتواصل كثيرًا ويغيب عن صدورنا دفء اللقاء، وصدق الحديث، وابتسامة ولّت ولا ندري أين انزوى ذلك الإنسان.. أنزوى خلف قناع رقمي؟ لم يبقَ منه إلا اسمه ورسمه، أين تلك اللمسة الحانية التي كانت تُشعِرنا بأننا لسنا وحدنا في هذا العالم؟ الآن يا صديقي حان وقت البحث عن الوجه الحقيقي، عن التواصل الذي يلامس الروح لا الشاشة البلهاء فقط.

إذا نبض في إرادتك الآن عرق، فاحسم أمرك الآن لتستعيد ما تبقى من حياتك، لا تقل دقيقة ولن تضر، إن الحياة دقائق، فلمَ لا تجرب قوتك الآن لتكسر الأسطوانة وتفقأ عين تلك الأرملة؟.. حينها ستستمتع بلحظاتك

هل تذكر آخر مرة شعرت فيها أن شخصًا ما يستمع إليك حقًا؟ هل شعرت بحضور فعلي للآخرين في حياتك؟ هل تبخّرت تلك اللحظات الجميلة من حياتنا؟

لقد غابت عنا خلف زجاجٍ باردٍ لا يقطنه إلا الصقيع! لقد ولّت عن مجالسنا حكايات الماضي البسيط، لقد استبدلنا بمجالس الأنس والسمر شعارات "اللايكات" وطنين الإشعارات، وزخمًا باردًا من التعليقات التي لا تغني ولا تسمن. لقد ضاع من أيدينا زمن الطيبين، وتشبثنا بزمن التصفح المملّ، لماذا لا نأسر اللحظة ونستمتع بتفاصيل الحياة الواقعية؟

لا تكن فريسة الأرملة السوداء، لا تجعل الفضاء الرقمي يبتلعك، قرر الآن وتحدَّ الشاشة الزرقاء، وخصص لنفسك وقتًا نفيسًا بلا تقنية، استثمر بعض لحظاتك في تذوق الحياة، اجعل تواصلك حقيقيًّا واترك هاتفك لبعض الوقت، امنحه إجازة بين الحين والحين وتمرد على هيمنته.. تذكر أن الدقيقة التي تسرقها منك هذه الشاشة لا تعود، فلا تتجرع سم العنكبوت!

سم الأفعى أهون عليك 15 مرة من سم هذه الأرملة الحيزبون، فلماذا تتملاها وتقع في شباكها اللعينة؟. لا تجعل حياتك تهرب منك، اكبح انزلاقات الفوضى الرقمية واصنع أمجادك، إن أول خطوات توازنك دقيقة بلا هاتف، تحاشَ الإدمان المقيت وسترى الفرق!

إعلان

إذا نبض في إرادتك الآن عرق، فاحسم أمرك الآن لتستعيد ما تبقى من حياتك، لا تقل دقيقة ولن تضر، إن الحياة دقائق، فلم لا تجرب قوتك الآن لتكسر الأسطوانة وتفقأ عين تلك الأرملة؟.. حينها ستستمتع بلحظاتك.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان