شعار قسم مدونات

إعادة تعريف الأمن الداخلي في سوريا

انتشار عناصر الأمن العام في ساحة الأمويين بدمشق حفاظاً على أمن وسلامة المواطنين أثناء الاحتفال في الذكرى الرابعة عشرة للثورة السورية المباركة
الكاتب: إلغاء شعبة الأمن السياسي لا يعني فقط إزالة جهاز، بل يشير إلى رغبة في إنهاء إرث أمني طويل من الرقابة القمعية (وكالات)

في وقت تتسارع فيه التحولات السياسية والاجتماعية في سوريا، برزت جلسة وزارة الداخلية الأخيرة كحدث مفصلي، يكشف عن نية جدية لإعادة تشكيل مفهوم "الأمن الداخلي" بما يتجاوز التعديلات الشكلية نحو تفكيك المنظومة الأمنية التقليدية، وإعادة بنائها وفق رؤية مدنية تعتمد على التكنولوجيا، والشفافية، والحوكمة.

التحول الرقمي في وزارة الداخلية قد يصبح أداة لكسر الاحتكاك المباشر بين المواطن والجهاز الأمني، ما يقلص فرص الفساد والمحاباة

من الأمن السياسي إلى الأمن المجتمعي

إلغاء شعبة الأمن السياسي لا يعني فقط إزالة جهاز، بل يشير إلى رغبة في إنهاء إرث أمني طويل من الرقابة القمعية، والتحول نحو مفهوم يركز على أمن المواطن لا أمن النظام.

هذه الخطوة، إن تُرجمت على الأرض، قد تعني بداية إنهاء استخدام الأجهزة الأمنية كأداة سياسية.

الرقمنة كوسيلة تفكيك للبيروقراطية

التحول الرقمي في وزارة الداخلية قد يصبح أداة لكسر الاحتكاك المباشر بين المواطن والجهاز الأمني، ما يقلص فرص الفساد والمحاباة. والتعاون مع شركات دولية يدل على اعتراف ضمني بعدم كفاية القدرات المحلية، وقد يشكل مدخلًا لاكتساب خبرات عالمية ضرورية لنجاح المشروع.

الكوادر وإعادة الهيكلة من الداخل

إعادة دمج عناصر سابقين بخبرة جيدة قد تسهم في حفظ التوازن بين التجديد والحفاظ على استقرار إداري؛ لكن الرهان الحقيقي يبقى في مدى قدرة الوزارة على اجتذاب كفاءات مدنية جديدة في مجالات البيانات، والعدالة الجنائية، والتواصل مع الجمهور.

إذا ما التزمت وزارة الداخلية السورية بخط الإصلاح الحقيقي، فإنها أمام فرصة تاريخية لإعادة صياغة دورها لتصبح جهازًا يخدم المجتمع لا يراقبه

التحديات الكامنة

رغم التوجه المعلن نحو التغيير، فإن مقاومة التغيير من داخل البنية الأمنية التقليدية تبقى تحديًا جوهريًّا. كذلك، فإن الانتقال نحو منظومة مدنية يتطلب بيئة قانونية داعمة وتشريعات تواكب التحول، وهو ما لم يتحقق بالكامل بعد.

إذا ما التزمت وزارة الداخلية السورية بخط الإصلاح الحقيقي، فإنها أمام فرصة تاريخية لإعادة صياغة دورها لتصبح جهازًا يخدم المجتمع لا يراقبه.. النجاح في ذلك يتطلب عدم الاكتفاء بقرارات مركزية فقط، إنه يتطلب العمل على بناء ثقافة جديدة داخل الوزارة وخارجها.

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان