والله لا أدري!! أأفرح بهذا الخبر أم أزعل؟!
أأفرح لأن الوشق هاجم جنودًا إسرائيليين على أرضه (مصر)؟ وكأنه أدرك أنهم دخلاء أعداء محتلين غاصبين، وأراد الهجوم عليهم وإلحاق الأذى بهم، وطردهم من أرض مصر، بسبب إصرارهم على اغتصاب مصر والهلال الخصيب، وادعائهم الكاذب وافترائهم بأنه وطنهم.. أو لتحقق النبوءة التي أخبرنا بها النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- عن قتال المسلمين لليهود، كإحدى علامات الساعة؛ عندما يبدأ الشجر والحجر بالإخبار أن يا مسلم ورائي يهودي تعالَ فاقتله.
وها قد بدأها الوشق المصري.. "لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود؛ فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم يا عبدالله هذا يهودي خلفي، فتعالَ فاقتله، إلا الغرقد، فإنه من شجر اليهود".
وبعد أن انقشعت العتمة، خلافًا لطبيعته وفطرته التي فُطِر عليها منذ خليقته، وخلافًا لطباعه وأساليب معيشته؟ هل أذِن ربي بأن خرْق السنن الكونية قد حان تمهيدًا لقيام الساعة؟!
أم أغضب لأن هذه إشارة بأن الله يستبدل الوشق بالبشر المسلمين؟!. أيحس الوشق ويفهم أكثر من العرب.. الإخوة البشر، أم لديه حَمِيَّة وطنية خالصة فطرية؟! لأن حميتنا شابها تفضيل الدنيا وحب المادة والتهالك عليها، حتى ماتت وطنيتنا الفطرية وتشوهت وانطفأت.
كنت أظن أن الاستبدال سيكون بأناس مسلمين أفضل منا! يقاتلون اليهود فيقتلهم المسلمون (الجدد) حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم يا عبدالله هذا يهودي خلفي، فتعال فاقتله، إلا الغرقد، فإنه من شجر اليهود.. وقد يكونون أناسًا أصولهم من الغرب أسلموا وحَسُنَ إسلامهم.. لا أدري، أهو الوشق أم الوشب؟!
من الغريب أنَّ الوشق المصري (Caracal) يتغذى بشكل أساسي على الأرانب البرية والقوارض الصغيرة والطيور، قد يصطاد أيضًا فرائس أكبر حجمًا مثل الغزلان الصغيرة والثعالب في بعض الأحيان.
الوشق عادةً لا يقترب من الإنسان البتة، هو في الواقع يتجنب الاحتكاك بالبشر، وحذر وخجول أمام الإنسان، ويُفضل البقاء في المناطق غير المأهولة، ومن الطريف أنه من النادر أن يهاجم الإنسان ما لم يشعر بالتهديد الشديد أو إذا كان مصابًا أو محمومًا.
ويتصف الوشق بأنه حيوان انفرادي بلا منازع، ويعيش ويصطاد بنفسه، فضلًا عن أنه ينشط بشكل رئيسي في الليل وعند الفجر والغسق لتجنب حرارة النهار.
إذن؛ كيف نُفسر هجومه على بشر في وضح النهار، دون أن يأكلهم أو ينهش لحمهم، يعني لم يكن جائعًا، ولا مصابًا بالحمى، عضهم فقط، وزارهم كذا مرة على كذا جولة، يعني الأخ مصممًا!
ماذا يريد الوشق أن يخبرنا؟ كيف نُفسر تواجده في معسكر مأهول وليس على أرض عشبية، ولا في غابة ولا سافانا ولا صحراء.. وبعد أن انقشعت العتمة، خلافًا لطبيعته وفطرته التي فُطِر عليها منذ خليقته، وخلافًا لطباعه وأساليب معيشته؟ هل أذِن ربي بأن خرْق السنن الكونية قد حان تمهيدًا لقيام الساعة؟! أبدأنا عصر الشقلبة والتضادية، أم دخلنا عصر الصحوة والوعي الأممي؟
سأزيدك استغرابًا أنه كان للوشق مكانة خاصة في الحضارة المصرية القديمة، وكان رمزًا للقوة والشجاعة والذكاء، حتى إنه ارتبط بالإله "رع" إله الشمس والنظام
لماذا يظهر الوشق في هذه الأيام في معسكر مأهول، ولم يفترس أحدًا، فقط هاجم، ولم يظهر في الليل، بل أصر على زيارة المعسكر عدة مرات وكان يهرب في كل مرة؟ لماذا يقترب من هؤلاء البشر وهم بشر وليسوا أرانبَ ولا فئرانًا ولا حتى فراشات؟
وما يزيد الحدث غرابةً أن الوشق على وشك الانقراض، يعني ليس أهل غزة وفلسطين وحدهم على وشك الانقراض بسبب الإبادة الجماعية والتجويع الممنهج وقطع المساعدات الطبية والغذائية والسكنية.. هل ظن الوشق أن السبب وراء انقراضه هو الغاشم المحتل لا المزارعون وصيادو الفراء؟
وسأزيدك استغرابًا أنه كان للوشق مكانة خاصة في الحضارة المصرية القديمة، وكان رمزًا للقوة والشجاعة والذكاء، حتى إنه ارتبط بالإله "رع" إله الشمس والنظام.
وكانت صوره منتشرة في المعابد والمقابر كحارس ومحارب ضد قوى الفوضى والظلام.. الله الله يا وشق! إذن، أنت لست مخلوقًا عاديًا، أنت رمز المجاهد، أنت قاشع الظلام، ألم يعتبرك المصريون القدماء رمزًا لقدرة النور على هزيمة الظلام؟
الآن فهمت لماذا لم تظهر في المعسكر وقت الفجر ولا وقت السحر، أردتَ القول إنك أتيت لإنهاء الاحتلال، ووقف الفوضى، وإحلال العدل والحرية، ووقف الهجوم والاعتداء على الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين.
ومن المعروف عن الوشق أن له دورًا محوريًا في الحفاظ على توازن النظام البيئي من خلال التحكم في أعداد الفرائس، مثل الأرانب والقوارض، وهنا أراد أن يؤدي دورًا محوريًا لا لأجل القضية الفلسطينية فقط، إنما لإعادة توازن القوى العالمية، ويقول لنا: عليكم الأخذ بالقوة والوحدة لتعيدوا نظام تعدد القطبية، ولتحتلوا مكانًا مسؤولًا عالميًا له ثقله كما يجب.
يا ترى مَنْ مِنَ المخلومات بعده سيحقق نبوءة الرسول- صلى الله عليه وسلم- ويُكْمل مسيرة المقاومة؟ يا ترى.. أين الإخوة العرب؟! لا أدري، أهو الوشَق أم الفَسَق؟!
الوشق رغم تمتعه بالقوة يتصف بالغموض في أحايين كثيرة، وهذه صفات الحاكم الراشد، يستخدم حدسه Tuition، وهو مؤمن كيِّس فطِن، لا يكشف كل أوراقه لا للعدو ولا للصديق، بل يتلاعب بها ومعها، ويستخدمها بإستراتيجية عالية وبدبلوماسية لائقة، وبحسب ما تقتضيه المصالح، وباستخدام قوى ناعمة متطورة، يتفنن في استخدام الأدوات في مناطق ملونة متدرجة بفوارق دقيقة وبسيطة، كلٌّ بحسب الحاجة، هو ماهر في التواصل من حيث الدقة والحذر.
وكما أن الوشق رمز للقوة والغموض، فعلى الأمة أن تفطن للوحدة والقوة، تحرك الوشق وقاوم واعتُقل، لأنه كان وما زال رمزًا للحماية والقوة الإلهية. وها هو الوشق يحتل عناوين الأخبار على أنه رمز للمقاومة في ظل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
يا ترى مَنْ مِنَ المخلومات بعده سيحقق نبوءة الرسول- صلى الله عليه وسلم- ويُكْمل مسيرة الجهاد؟ يا ترى.. أين الإخوة العرب؟! لا أدري، أهو الوشَق أم الفَسَق؟!
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.