شعار قسم مدونات

الانقلاب الفاشل: التاريخ يعيد نفسه في آذار

الاشتباكات في اللاذقية وطرطوس في الساحل السوري وكالة سانا
استهدفت الهجمات المجرمة قوات الأمن السورية ما أدّى إلى استشهاد العديد منها في الساحل السوري (وكالات)

شهد الساحل السوري في 6 مارس/ آذار 2025، في اللاذقية وطرطوس وجبلة وبانياس، هجمات مُنسقة نفذها مسلحون موالون لنظام المخلوع بشار.

وقد استهدفت هذه الهجمات المجرمة قوات الأمن السورية، ما أدّى إلى استشهاد العديد من قوّات الأمن في تلك المناطق. وردًا على ذلك أطلقت السلطات السورية عملية أمنية واسعة النطاق لملاحقة فلول النظام المخلوع، حيث تم إرسال تعزيزات عسكرية وأمنية إلى المنطقة، وفرض حظر تجول في اللاذقية وطرطوس وبانياس وجبلة.

وفي 15 يوليو/ تموز 2016، شهدت تركيا محاولة انقلابية نفذتها مجموعة من الضباط المنتمين لمنظمة "غولن"، بهدف الإطاحة بالحكومة المنتخبة ديمقراطيًا.

بدأت المحاولة بإغلاق جسور رئيسية في إسطنبول، والسيطرة على مبنى التلفزيون، وقصف مواقع إستراتيجية كالبرلمان ومقر الاستخبارات؛ إلا أن تدخّل المواطنين الأتراك الذين نزلوا إلى الشوارع استجابة لدعوة الرئيس "أردوغان"، بالإضافة إلى موقف الأحزاب السياسية الرافض للانقلاب، أدّى إلى فشل المحاولة في أقل من 24 ساعة.

كانت الفئة الانقلابية في تركيا عناصر من الجيش والأمن تابعة لمنظمة "غولن"، بالتعاون مع أقلّيّات من وحدات كردية، وبعض الجهات الخارجيّة من بينها إسرائيل

أوجه الشبه بين الحادثتين

  • استهداف النظام القائم: في كلتا الحالتين كانت هناك محاولات للإطاحة بالنظام الحاكم؛ ففي تركيا حاولت مجموعة انقلابيّة الإطاحة بالحكومة المُنتخبة، بينما في سوريا شنّ موالون للنظام السابق والشبيحة هجمات ضدّ قوات الأمن، للنيل من الاستقرار الذي تحقق بعد الإطاحة بنظام المخلوع بشار الأسد.
  • الاستجابة السريعة: في كلتا الحادثتين استجابت السلطات بسرعة لمحاولات زعزعة الاستقرار؛ ففي تركيا قامت القوّات الحكومية من جيش وأمن بالتصدّي للهجوم ودعم الحكومة، بينما في سوريا أطلقت السلطات عملية أمنية واسعة لملاحقة فلول وعصابات النظام السابق.
  • العامل الشعبي: في كلتا المحاولتين كان سبب الفشل الرئيس استجابة الشعب؛ ففي تركيا قام الشعب التركي بالنزول إلى الشوارع لحماية حكومته ورئاسته، والشيء نفسه حصل في سوريا، حيث نزل الشعب السوري بأسره إلى الشوارع يتظاهر لحماية قيادته الجديدة، والدفاع عن وطنه، بل تطوّع الآلاف من شبان سوريا لمحاربة عصابة الانقلابيين.

تركيا وسوريا ليستا دولتين جارتين فحسب، بل هناك العديد من أوجه التشابه تجمع بينهما تاريخيًا وثقافيًا واجتماعيًا ومصيريًا، وقد وصلت أوجه التشابه إلى وحدة الروح الشعبية المتمسّكة بسلطتها العادلة، وكذلك كون العدو واحدًا في البلدين

  • الانقلابيون: كانت الفئة الانقلابية في تركيا عناصر من الجيش والأمن تابعة لمنظمة "غولن"، بالتعاون مع أقلّيّات من وحدات كردية، وبعض الجهات الخارجيّة من بينها إسرائيل. وكذلك في سوريا كان الانقلابيون من الأقلّيات النصيرية، بالتعاون مع وحدات pkk الكرديّة (قسد)، وهناك أخبار تقول إنّ قادة الانقلاب اجتمعوا شمالي شرقي سوريا مع عناصر "قسد" في القامشلي، وحضرت يد الداعم الخارجي من إيران وإسرائيل.
  • فرض حظر التجول: ففي سوريا فرضت السلطات حظر تجوّل في المناطق المتأثرة لضمان الأمن، وهو إجراء مشابه لما قد تتخذه الحكومات خلال محاولات الانقلاب لضبط الأمن.
  • تقوية السلطة الحاكمة: في كلتا المحاولتين أدّت المحاولة الانقلابية إلى تقوية السلطة الحاكمة داخليًا وخارجيًا، وكذلك صدور تصريحات مستنكرة قومية ودولية للمحاولة، وكذلك إخماد صوت المعارضين للحكومة الرسمية.
إعلان

تركيا وسوريا ليستا دولتين جارتين فحسب، بل هناك العديد من أوجه التشابه تجمع بينهما تاريخيًا وثقافيًا واجتماعيًا ومصيريًا، وقد وصلت أوجه التشابه إلى وحدة الروح الشعبية المتمسّكة بسلطتها العادلة، وكذلك كون العدو واحدًا في البلدين. وبعد هذه التوأمة بين البلدين فلا غرابة في مدّ تركيا يدَ العون لسوريا وحكومتها، وكذلك تعاطف الشعب السوري بأسره مع تركيا في ليلة 15 يوليو/ تموز.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان