يزخر كتابنا الكريم -القرآن العظيم-، بلغته العربية وإعجازه اللغوي، بكثير من الوصايا، وفي مختلف المجالات في حياة الإنسان، لا سيما الوصايا الأخلاقية التي لا غنى عنها في حياة الإنسان السوي، المتطلّع إلى الحياة الكريمة التي ينشدها بلا منغصات ..
وصايا شخصية للإنسان
إن من أعظم وصايا القرآن العظيم تذكير الإنسان بأن مقامه في هذه الدنيا قليل، وأنه راحل لامحالة إلى الخلود الأبدي، قال سبحانه: {إنّك ميِّتٌ وإنَّهم ميِّتون}؛ وقال سبحانه في موضع آخر: {قل متاع الدنيا قليلٌ والآخرة خيرٌ لمن اتَّقى}. وقد أوصى الله الإنسان بالإكثار من أعمال الخير والصلاح، وهذا سبب الخلق، ودل على ذلك قوله تعالى: {وما خلقت الجنَّ والإنس إلّا ليعبدون}.
إن تتبع الناس وأخبارهم وشؤونهم هو أكثر الأمراض انتشارًا في المجتمعات، وقد يستهين المرء بذلك ويكون له عادة يتسلى بها أول الأمر، ثم يصبح ذلك سلوكًا يلازمه وهو لا يدري
وصايا اجتماعية
إن أعظم وصايا تنظيم العلاقات الاجتماعية وهي التي بين أيدينا في القرآن العظيم، وإن أعظم آفاتنا وأمراضنا الاجتماعية -وفي كافة العلاقات- أننا لم نلتزم بوصايا القرآن الكريم.. وهذه أهم وصاياه:
1- عدم السؤال عما لا يعني المرء، وهذا باب مهم، وفيه راحة الإنسان القلبية وما إليها، وقد عبّرت عن ذلك آية عظيمة لمن وعاها وأدرك معناها. قال سبحانه: {لا تَسْأَلوا عن أشياء إن تُبْدَ لكم تسُؤْكم}.. في هذه الآية الكريمة علاج عظيم لأكثر آفاتنا الاجتماعية.
2- وأما الوصية الثانية فهي شاملة لأكثر من مرض اجتماعي واسع الانتشار؛ إنها النهي عن الظن السيّئ، والتجسس على الآخرين والتطفّل عليهم وعلى خصوصياتهم، وكذلك عن الغيبة، التي لا يخفى على أحد سوؤُها وذنبها. قال سبحانه: {يا أيُّها الَّذين آمَنوا اجتَنبوا كَثِيرًا من الظَّنِّ إنَّ بعض الظَّنِّ إثمٌ ولا تجسَّسوا ولا يغتب بعضكم بعضًا أَيحبُّ أحدكم أَن يأكل لحم أخيه ميتًا فكرهتموه واتَّقوا اللَّه إنَّ اللَّه توَّابٌ رحيمٌ} [الحجرات: 12].
إن كثيرًا من أمراضنا الاجتماعية أصبحت للآسف سلوكًا مستمرًا، وربما يعتقد البعض أنه نوع من الفطنة والحذر، وكل ذلك وهم من الأنفس الفارغة
إن تتبع الناس وأخبارهم وشؤونهم هو أكثر الأمراض انتشارًا في المجتمعات، وقد يستهين المرء بذلك ويكون له عادة يتسلى بها أول الأمر، ثم يصبح ذلك سلوكًا يلازمه وهو لا يدري، ويلي ذلك ما يسببه له من المشاكل الاجتماعية ووغر الصدور والتحاسد، وربما القطيعة.
إن كثيرًا من أمراضنا الاجتماعية أصبحت للآسف سلوكًا مستمرًا، وربما يعتقد البعض أنه نوع من الفطنة والحذر، وكل ذلك وهم من الأنفس الفارغة.
إن التزامنا بهذه الوصايا الواضحة الجليّة فيه خير لنا ولمجتمعنا ولأنفسنا قبل كل ذلك.. وإنك متى انشغلت بنفسك وهذّبتها وأصلحت عيوبها وجاهدتها على الصبر عن المعاصي وفعل الطاعات، فقد أفلحت وكففت نفسك عن كثير من القيل والقال، مما لا يزيدك إلا همًا وغمًا وكيدًا.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.