الصوم عبادة الكرام ومن شيم الأحرار وهو أساس لكل خير، إنه سبيل لصهر النفس وإعادة تشكيلها من جديد، لبناء شخصية مستقيمة على قواعد متينة من الأخلاق والقيم، بعدما بقيت شهرًا كاملًا تهدم القديم البالي الذي أثقلها في طريقها إلى بارئها، لتتجلى أنوار الشهر الكريم عليها فتنبت نبتًا جديدًا وقد وضعت عنها أوزارها.
فما الغاية العظمى؟ وما أهم معاني الصيام ؟
الصوم من أهم مقومات ترك الشهوات، فالطعام شهوة، الشراب شهوة، ونداء الجسد للآخر شهوة، وعندما يكون الإنسان قادرًا على ترك تلك الشهوات فإنه سيكون أقدر على ترك جميع شهواته فيتأهل للتخلق بالكمال
الإخلاص عنوان الصوم الأكبر
وهو أحلى أعطيات وأغلى معانيه، والإخلاص لله خلاص وتجرد بعيدًا عن أوحال الأرض، فهو العبادة الوحيدة التي خصت بالنسبة إلى الله (إلا الصوم فإنه لي) "البخاري ومسلم".
ولهذا قال الإمام أحمد: "لا رياء في الصوم فهو يعلم الناس الإخلاص فما صام منافق قط قال تعالى: (قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي) [ الزمر 14 ] فما أحوجنا إلى الصيام والإخلاص!
التقوى حكمة الصوم العليا
قال تعالى: " ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [ البقرة 183].
إن الغاية الأولى هي إعداد القلوب للتقوى وهكذا تبرز الغاية الكبرى من الصوم إنها التقوى التي بها تستيقظ القلوب طاعة الله وإيثارًا لرضاه بل هي التي تحرس القلب من الخواطر الدنيئة والصوم أداة من أدواتها لعلكم تتقون، وطريق موصل إليها ولا خير في عبادة لا تقوم على تقوى الله.
الصيام إعداد للأمة
لقد كان من الطبيعي أن يفرض الصوم على الأمة التي يفرض عليها الجهاد في سبيل الله لتقرير منهجه في الأرض، فالصوم إرادة عازمة جازمة تدل على انقياد الجسد الله -عز وجل- فمن تحمل مشقات الجوع والعطش إيثارًا لما عند الله، فإنه أولى أن يحتمل تبعات الجهاد في سبيل الله لاحتمال مشقات الكفاح. وهو طريق مفروش بالعقبات يحتاج إلى التنازل عن الشهوات والمغريات.
لا يطلع على حقيقة الصوم إلا الله ولا يعلمه إلا هو سبحانه، فالصائم حال صيامه لا يرقب إلا الله وهو لا يهتم إلا بنظر الله إليه، ومن تكرار الإحساس بهذا النظر تتكون عنده ملكة الشعور بالمراقبة، وفي هذا استغراق في تعظيم الله
الصوم رياضة للنفس على ترك الشهوات
الصوم من أهم مقومات ترك الشهوات، فالطعام شهوة، الشراب شهوة، ونداء الجسد للآخر شهوة، وعندما يكون الإنسان قادرًا على ترك تلك الشهوات فإنه سيكون أقدر على ترك جميع شهواته فيتأهل للتخلق بالكمال.
إذ سيكون عنده دربة على تركها، فتكثر عنده الكمالات وعندما يترك المباح في رمضان طواعية واختيارًا، فإنه ولا شك سيترك الحرام في رمضان وغير رمضان.
الصوم تأديب مشروع وتهذيب بالجوع وخشوع لله
لا يطلع على حقيقة الصوم إلا الله ولا يعلمه إلا هو سبحانه، فالصائم حال صيامه لا يرقب إلا الله وهو لا يهتم إلا بنظر الله إليه، ومن تكرار الإحساس بهذا النظر، "أنه كان عليكم رقيبًا"، تتكون عنده ملكة الشعور بالمراقبة، وفي هذا استغراق في تعظيم الله، وهذا أكبر مؤهل لضبط النفس ومن ثم سعادتها، فالصيام بهذا أعظم مربٍّ للإرادة وكابح لجماح الأهواء فما أقدر الصائم أن يكون عبدًا الله لا عبدًا للشهوات!
وأين حال الصائم الحق ممن يفطرون في رمضان عمدًا يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم؟ لا شك أن بين الفريقين أبعد مما بين السماء والأرض.
وحقًا صدق القائل:
أتى رمضان مزرعة العباد لتطهير القلوب من الفساد
فأدّ حقوقه قولًا وفعلًا وزادك فاتخذه للمعاد
فمن زرع الحبوب وما سقاها تأوه نادمًا يوم الحصاد
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.