شعار قسم مدونات

ثقافة المقاومة في مواجهة ثقافة التطبيع (5)

الكاتب: التطبيع السياسي أو الدبلوماسي لن تكون له قيمة كبرى، ولن يكون له اعتبار، دون تطبيع إعلامي وثقافي (مواقع التواصل الاجتماعي)

مخاطر التطبيع الثقافي والإعلامي

التطبيع السياسي أو الدبلوماسي لن تكون له قيمة كبرى، ولن يكون له اعتبار، دون تطبيع إعلامي وثقافي؛ فالإعلام كما الثقافة، هما من آخر القلاع في معادلة الصراع مع الكيان والصهيونية.

والسر في ذلك لا يكمن فقط في كون التطبيع استلابًا (وهو كذلك دونما أدنى شك)، ولكن أيضًا لأنه -أي الإعلام- تعبير بالكلمة والصورة عن حرب سيميائية، سيكون للكيان الصهيوني بموجبها -إذا لم ننتبه وندقق في خلفيات اللغة – القدرة على استدراج منظومتنا الثقافية والإعلامية إلى القاع العميق في التحلل من الانتماء لثقافتنا وحضارتنا، لتصبح الأضعف والأقل قابلية للمقاومة.

في الوقت الذي تكاثرت وتعددت فيه ردود الفعل المرحبة بقرار الجنائية الدولية المشار إليه، ينبري "الشرعي" مدافعًا باستماتة عن عتاة مجرمي الحرب في الكيان الصهيوني

فحينما يتحدث "إعلاميو إسرائيل" (كما سياسيوها ومثقفوها سواء بسواء)، فهم يتحدثون بلسان إسرائيل وبلسان الصهيونية، كائنة ما كانت توجهاتهم و"تحفظاتهم" على طبيعة الدولة القائمة أو سلوكيات حاكميها.

ترحيب دولي بقرار الجنائية الدولية، ومعارضة من جماعة "كلنا إسرائيليون"

وهكذا، ففي الوقت الذي تكاثرت وتعددت فيه ردود الفعل المرحبة بقرار الجنائية الدولية المشار إليه، ينبري "الشرعي" مدافعًا باستماتة عن عتاة مجرمي الحرب في الكيان الصهيوني.

ودعونا أولًا نستعرض ردود الفعل التي صدرت على إثر صدور القرار المذكور، ليس لدى العرب والمسلمين، بل عند غيرنا من الدول والأمم، التي لا يمكن أن تصنف في خانة "الظلاميين" و"الرجعيين".

إعلان

القرار قوبل بتأييد واسع في عدد من الأوساط الدولية الحداثية الديمقراطية حقًا وصدقًا، حيث إنه من بين أكثر من 120 دولة موقّعة ومصادقة على ميثاق روما بشأن المحكمة الجنائية الدولية، أعلنت أغلب دول العالم عن التزامها بالقانون الدولي.

وبرز عدد من المواقف الأوروبية، أبرزها موقف جوزيف بوريل، منسق الشؤون الخارجية في الاتحاد، وأيضًا أيرلندا التي صرح رئيس وزرائها "سايمون هاريس" بأن دبلن مستعدة لاعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، إذا حل في أراضيها لأي سبب من الأسباب.

كما أعلن روبرت غولوب، رئيس وزراء سلوفينيا، أن بلاده ستمتثل لمذكرات الاعتقال التي أصدرتها الجنائية الدولية "بشكل كامل"، وكذلك كان الأمر بالنسبة لإيطاليا، التي أعلن وزير دفاعها أنها ستضطر إلى "توقيف رئيس الوزراء الإسرائيلي إذا زارنا".

كما أن وزير خارجية هولندا، كاسبر فيلدكامب، ألغى زيارة له إلى الكيان الصهيوني بعد صدور قرار المحكمة الجنائية الدولية، وأعرب عن استعداد بلادة لتنفيذ قرار المحكمة، ونقلت وكالة "رويترز" عن فيلدكامب قوله إن بلاده مستعدة لتنفيذ قرار المحكمة.

قبل صدور قرار المحكمة الجنائية الدولية سعى الكيان الصهيوني لترهيب قضاة المحكمة، وابتزاز المدعي العام عبر اتهامه في "قضية جنسية"، ليصل إلى خلاصة مفادها أنها صادرة عن جهة "فاسدة".

كما أكدت سويسرا أن سلطاتها ملزمة باعتقال نتنياهو وغالانت حال حلولهما بأراضيها، وأكد المتحدث باسم الوزارة أن "سويسرا تحترم استقلال المحكمة الجنائية الدولية، ولا تعلق على هذه القرارات".

وصرحت قبرص كذلك أنها تعد مذكرات اعتقال لرئيس وزراء الكيان الصهيوني، وأنها ملزمة من حيث المبدأ بتنفيذ المذكرة. وأعرب سيناتور أميركي مستقل عن تأييده قرار الجنائية الدولية، وقال في منشور على موقع إكس "إن الاتهامات تستند إلى أسس متينة"، وأضاف "إذا لم يمتثل العالم للقانون الدولي، فسننحدر إلى مزيد من الهمجية".

رئيس الوزراء الصهيوني وصف القرار بأنه "محاكمة درايفوس"، في إشارة واضحة لاعتباره قرارًا "لا ساميًا" ومعاديًا لليهود وللحضارة الإنسانية، ويومًا أسود في تاريخ الشعوب المتحضرة، حسب زعمه.

إعلان

ومعلوم أنه قبل صدور القرار سعى الكيان الصهيوني لترهيب قضاة المحكمة، وابتزاز المدعي العام عبر اتهامه في "قضية جنسية"، ليصل إلى خلاصة مفادها أنها صادرة عن جهة "فاسدة".

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان