شعار قسم مدونات

غزة.. إلى أين؟

إسرائيل تستأنف عدوانها على غزة
إسرائيل تستأنف عدوانها على غزة (مواقع التواصل)

غزة والعودة من جديد، غارات متتابعة، والشهداء ليسوا أرقامًا، بل عوائل وأحياء، وجيلًا، العدوان يتواصل، والكارثة تتعمق، والمنظومة الدولية لا تبالي كثيرًا فيما يبدو، إنه تكسر النصال على النصال.

الغزي وحده يسير فيما الطعنات تكثر، وتتابع، غزة المدماة من قبل، تدمى جراحها من جديد، تحاول المقاومة، يرجع النازحون ليبقوا وسط الركام، بلا ماء، ولا غذاء، والمفاوضات تجري لإنقاذ المدنيين وإخراج الرهائن..

لكن ما يحدث الآن يعكس المعادلة.

ليس لدى الغزي اليوم ما يخسره، بل ربما زادت رغبته في الانتصار، بأي شكل حتى لو كانت عملية استشهادية هنا أو هناك، وهذا ما يدركه الجانب الآخر، ويعرفه، فقد وصل الناس إلى الحافة، ويمكنهم القفز منها للجانب الآخر، والوصول لما يريدون شخصيًا بعد أن يتركوا بصمة في الجانب الآخر.

على المدى الطويل ثمة أجيال قادمة ستقاوم بكل الطرق، فالنهر يشق لنفسه طريقًا مختلفًا مهما ابتعد عن منبعه، وما يبدو انخفاضًا في مساره هو في الحقيقة فرصة لتعزيز قوة اندفاعه

لقد راح الغزيون يزرعون الأمل ويستبشرون بعد توقيع اتفاق الهدنة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، ودخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، حيث تسامى أهل غزة على آلامهم وجراحهم، وأخذوا ينبشون بين الركام عن حياة جديدة، بيد أن الاحتلال لم يدع لهم فرصة العيش بين الخراب الذي أحدثه في كل شبر وزاوية تفوح منهما رائحة الموت التي تزكم الأنوف وتخنق الأنفاس.

إعلان

فما كاد أهل غزة يلتقطون أنفاسهم حتى عادت بوارج الإجرام الإسرائيلي وطائراته لتحصد الأرواح، وتدمر ما تبقى من مقومات تعين الغزيين على التشبث بأرضهم، ومجابهة كل خطط التهجير.

إن غزة تدفع أثمانًا باهظة، فما زالت آلة الحرب الإسرائيلية تمارس جبروتها قتلًا وتدميرًا، فهي تهلك الحرث والنسل، لا تترك حجرًا على حجر، تحيل الأجساد رمادًا، وسط صمت دولي مريب، ومباركة أميركية، على حساب أرواح الأبرياء.

لم يعد لدى الغزيين ما يخسرونه، ولا أحد يدري ماذا تحمل الأيام في رحمها، فعندما يفقد الإنسان الأمل ويلفه اليأس ويتمكن منه الإحباط تصبح كل السيناريوهات مفتوحة على كل الاحتمالات، فهو قد بات في وضع الانفجار.

هذا السؤال الذي يخشى الجانب الآخر الإجابة عنه، فعلى المدى القصير يرتقي الشهداء متتابعين نحسبهم جميعًا مقبولين في شهر رمضان الكريم، وفي المقابل فعلى المدى الطويل ثمة أجيال قادمة ستقاوم بكل الطرق، فالنهر يشق لنفسه طريقًا مختلفًا مهما ابتعد عن منبعه، وما يبدو انخفاضًا في مساره هو في الحقيقة فرصة لتعزيز قوة اندفاعه.

هكذا الأنهار العظيمة.. وغزة نهر عظيم دلتاه عند النصر أو عند نهر بارق.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان