ما إن بدأ وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتمَّت عملية التبادل ضمن الصفقة التي أفرج خلالها عن عدد من الأسيرات والأسرى، أضافت "إسرائيل" هدفًا جديدًا إلى قائمة أهداف حربها المستمرة: تعزيز الأمن في الضفة الغربية، وبدأت في عملية عسكرية على جنين أطلق عليها اسم " السور الحديدي".
يعيد مشهد جنين إلى الأذهان ما حدث في قطاع غزة، ويبدو أن أسلوب " إسرائيل " في التعامل مع المناطق الفلسطينية يكرر نفسه مع تغيير المكان فقط
العملية في جنين التي أعلن عنها رئيس وزراء الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بهدف القضاء على المناطق التي تصنف (خطرة)، جاءت بعد انتهاء العمليات في غزة (اتفاق وقف إطلاق النار)، مما أتاح " لإسرائيل " التفرغ ونشر قوات أكبر في الضفة الغربية.
يعيد مشهد جنين إلى الأذهان ما حدث في قطاع غزة، ويبدو أن أسلوب " إسرائيل " في التعامل مع المناطق الفلسطينية يكرر نفسه مع تغيير المكان فقط، حيث يتجلى اجتياح عسكري، يعكس نفس النهج المستخدم في القطاع كاستهداف البنية التحتية.
تعيش جنين اليوم أيامًا من الرعب بسبب الاقتحامات العسكرية الإسرائيلية والمشاهد في غزة تتكرر في المخيم، منازل مدمرة وأصوات استغاثة ونزوح من المنازل إلى مناطق أخرى وألم يمتد إلى كل زاوية.
الضفة الغربية التي يقطنها نحو 3.3 ملايين فلسطيني، تعيش واقعًا مشابهًا لغزة في الآونة الأخيرة، وخاصة عقب الإفراج عن الأسرى المحكومين بالسجن المؤبد، من خلال تدمير البنية التحتية وفرض قيود التنقل وفقدان الإحساس بالأمان، مما جعل العيش حياة عادية حلمًا يتحول إلى كفاح يومي من أجل البقاء.
المرحلة المقبلة تتطلب رؤية وطنية شاملة تضع الضفة الغربية والقدس في صلب أي مفاوضات تتعلق بوقف إطلاق النار
ورغم كل هذا الألم والمعاناة يظل الفلسطيني متمسكًا بالأمل كأنه زيتونة لا تقتلعها رياح الحرب، الفلسطينيون في جنين وغزة وطولكرم يعيدون بناء ما تهدم وينبتون الحياة وسط الدمار، فالإرادة الفلسطينية التي استمرت لأجيال ستظل قادرة على المواجهة.
المقارنة بين ما يحدث في جنين وما جرى في قطاع غزة ليست مبالغة، فالاحتلال يستهدف الكل الفلسطيني ورغم ذلك فإن شعبنا يثبت في كل مرة أن اليأس ليس خيارًا ، فلا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر، وبالصمود والأمل يتجدد الأمل.
ما يحدث في جنين هو تكرار لمأساة غزة، حيث يغيب الحل السياسي، ويظل الخيار العسكري هو الحاضر، المرحلة المقبلة تتطلب رؤية وطنية شاملة تضع الضفة الغربية والقدس في صلب أي مفاوضات تتعلق بوقف إطلاق النار.
فلا تقل معاناة أهالي الضفة عن معاناة قطاع غزة، ومع ذلك يظل الشعب الفلسطيني متمسكًا ًبحقوقه الوطنية وأحلامه، مصممًا على بناء مستقبله وصنع الحياة من جديد ليحيا كما يطمح أي أنسان في هذا العالم بأمان وحرية.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.