شعار قسم مدونات

خصائص الجزاء في القاعدة القانونية

جانب من احتجاجات سابقة للقضاة والمحامين للمطالبة باستقلال القضاء/المحكمة الابتدائية بتونس/يونيو/حزيران 2023 (خاصة)
الكاتب: العدالة الناجزة، التي توقع الجزاءات في أسرع وقت ممكن، وبأقل الإجراءات، تؤدي حتمًا إلى الأمان (الجزيرة)

يتسم الجزاء في القاعدة القانونية بعدة خصائص، تضمن من خلالها تحقيق الأهداف التي يسعى إليها القانون. وتتمثل تلك الخصائص في أن الجزاء مادي، وحال، ومنظم:

1- الجزاء في القاعدة القانونية جزاء مادي: أي إنه يتخذ مظهرًا ماديًّا محسوسًا وملموسًا، يشعر به المخالف، ويراه المتأثر من هذه المخالفة.

وهذا الجزاء يصيب بدن الفرد (شخصه)، فيحبس المدين، ويعدم الجاني، علاوة على أن الجزاء قد يلحق الذمة المالية للإنسان (ماله)، فيغرم قاطع الإشارة، ويلتزم الدائن بالتعويض عن الضرر الذي أحدثه، بالإضافة إلى أن الجزاء قد يمس حقًا من الحقوق التي يتمتع بها الشخص، فيمنع من السفر أو مزاولة مهنة معينة.

العدالة الناجزة، التي توقع الجزاءات في أسرع وقت ممكن، وبأقل الإجراءات، تؤدي حتمًا إلى الأمان، والشعور بأن الحقوق محفوظة، وأن الحق مسترد لا محالة، ومن ثم تزداد مهابة القانون

2- الجزاء في القاعدة القانونية جزاء حال: أي إنه جزاء غير مؤجل بل معجل في الحياة الدنيا، فبمجرد أن تتحقق شروط الفرض الذي تتضمنه القاعدة القانونية، أو أن تثبت المخالفة، فإن الحكم يكون واجب التطبيق، والحكم كما قلنا يحتوي على الجزاء، هذا الجزاء هو الذي يجعل القاعدة في المجتمع واجبة الاحترام، فلا يتعدى الأفراد على مشروعيتها. فمعنى أن الجزاء حالٌ أي إنه يقع فورًا، أو يُبدأ في إجراءات تنفيذه منذ أن يُعتدى على الحالة التي احتوتها.

إعلان

بيد أن العدالة الناجزة، التي توقع الجزاءات في أسرع وقت ممكن، وبأقل الإجراءات، تؤدي حتمًا إلى الأمان، والشعور بأن الحقوق محفوظة، وأن الحق مسترد لا محالة، ومن ثم تزداد مهابة القانون.

ولو قلبنا الأمور رأسًا على عقب، فصار إيقاع الجزاء بطيئًا، وزادت إجراءات توقيعه، فإن الأفراد سيشعرون بأنهم في غير مأمن، لا يوجد من يأخذ بحقوقهم المنتهكة، وهكذا نرتد إلى شريعة الغاب، القوي يسحق الضعيف، ويصبح أمر القانون بلا هيبة أو رهبة.

الجزاء ذاته محدد ومقيد، فله صور عدة تناسب كل فعل مخالف، ولا يحق للقاضي أن يحكم بغيرها، ولذلك تتباين جزاءات القوانين، فالعقوبة الجنائية أقسى من الجزاء المدني

3- الجزاء في القاعدة القانونية منظم: يأخذ تنظيم الجزاء جانبين:

  • الأول أن الجزاء يقع على مخالفي القانون من قبل السلطة العامة المنوطة بتنفيذ الجزاء وإيقاعه. وفي الحقيقة، لم نصل إلى هذه الصورة – أن من يوقع الجزاء عبارة عن سلطة عليا من سلطات الدولة- إلا بعد المرور بمراحل عدة، تطوَّرت فيها كيفية إيقاع الجزاء حتى أخذ شكله المنظم اليوم.
  • الجانب الثاني أن الجزاء ذاته محدد ومقيد، فله صور عدة تناسب كل فعل مخالف، ولا يحق للقاضي أن يحكم بغيرها، ولذلك تتباين جزاءات القوانين، فالعقوبة الجنائية أقسى من الجزاء المدني.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان