شعار قسم مدونات

خارطة طريق لتحول البلاد إلى مركز عالمي للازدهار

الوصف: جموع المحتفلين بتحرير سوريا وسط مدينة حمص، المعروفة بساحة الساعة، والتي شهدت أولى المظاهرات المناهضة لنظام الأسد في ربيع 2011.
سوريا تمتلك كل المقومات لتحقيق النجاح مع ميزة إضافية هي غناها بالموارد الطبيعية والثقافية (الجزيرة)

مع نهاية حقبة من التحديات التي عصفت بسوريا لعقود، تتجه الأنظار إلى مرحلة جديدة تتطلب إرادة صلبة ورؤية إستراتيجية طموحة!

والسؤال الأكبر الذي يطرحه السوريون والعالم اليوم: كيف يمكن لسوريا أن تستعيد مكانتها، بل أن تتحول إلى واحدة من أغنى دول العالم، فيها أعلى دخل فرد، ومستوى معيشي يليق بطموحات شعبها؟

لتحقيق هذا الحلم، يمكن لسوريا أن تستفيد من تجارب دول مثل سنغافورة واليابان، اللتين استطاعتا التغلب على تحديات كبرى، وبناء اقتصادات متقدمة رغم محدودية مواردهما الطبيعية.

استعادة الأمن وترسيخ سيادة القانون يتطلب وقتًا وجهدًا، كما أن بناء الثقة مع الداخل والخارج هو مفتاح النجاح لأي خطة تنموية

التحديات الكبرى في الطريق

  • إعادة الإعمار والبنية التحتية: الحرب التي دامت سنوات خلفت دمارًا هائلًا في البنية التحتية؛ فالطرق والجسور، وشبكات المياه والكهرباء، والمدارس، كلها بحاجة إلى إعادة بناء عاجلة. هذه المهمة ليست فقط جسيمة من حيث الحجم، لكنها تحتاج إلى مصادر تمويل هائلة.
  • الاقتصاد المتهالك: سوريا اليوم تواجه اقتصادًا هشًا، حيث تعاني القطاعات الإنتاجية من شلل شبه تام، وتفتقر الدولة إلى احتياطات النقد الأجنبي الضرورية لتشغيل الاقتصاد.
  • هجرة العقول السورية: سنوات الحرب دفعت كثيرين من أصحاب الكفاءات والمهنيين إلى الهجرة بحثًا عن أمان ومستقبل أفضل، ما أدى إلى تراجع رأس المال البشري الذي يُعتبر أساسًا لأي نهضة.
  • الفساد الإداري: الفساد كان ولا يزال أحد أبرز معوقات التنمية.. إعادة بناء المؤسسات يتطلب اجتثاث هذا السرطان من جذوره، وهو أمر يحتاج إلى إرادة سياسية وإصلاحات جذرية.
  • البيئة السياسية والأمنية: استعادة الأمن وترسيخ سيادة القانون يتطلبان وقتًا وجهدًا، كما أن بناء الثقة مع الداخل والخارج هو مفتاح النجاح لأي خطة تنموية.

تمتلك سوريا ثروات طبيعية هائلة، وموقعًا جغرافيًا إستراتيجيًا، وإرثًا ثقافيًا وحضاريًا غنيًا.. هذه المقومات تمنحها فرصًا أكبر لتحقيق التحول إذا ما تمت إدارتها بذكاء

استفادة سوريا من تجارب عالمية ناجحة

  • التجربة السنغافورية
إعلان

سنغافورة مثال بارز لدولة صغيرة بدون موارد طبيعية، لكنها تحولت إلى مركز مالي عالمي وصناعي متقدم. اعتمدت على الاستثمار في التعليم، وبناء البنية التحتية، وجذب الاستثمارات الأجنبية عبر سياسات شفافة وفعالة. الأهم من ذلك كان القضاء على الفساد.. حجر الزاوية في نجاحها.

  • التجربة اليابانية

اليابان التي عانت من دمار هائل بعد الحرب العالمية الثانية، تمكنت من النهوض بفضل الاستثمار في التكنولوجيا والصناعات المتقدمة. اعتمدت اليابان على العمل الجماعي، والبحث العلمي، والتركيز على جودة التعليم.

  • مقومات النجاح في سوريا

على عكس سنغافورة واليابان، تمتلك سوريا ثروات طبيعية هائلة، وموقعًا جغرافيًا إستراتيجيًا، وإرثًا ثقافيًا وحضاريًا غنيًا.. هذه المقومات تمنحها فرصًا أكبر لتحقيق التحول إذا ما تمت إدارتها بذكاء.

سوريا تمتلك كل المقومات لتحقيق النجاح، مع ميزة إضافية، هي غناها بالموارد الطبيعية والثقافية، ما يجعل الطريق نحو النجاح أقصر إذا ما تم استثمار هذه المقومات بحكمة

خطة التحول: مراحل التنمية والازدهار

المرحلة الأولى: الاستقرار وإعادة الإعمار (0-5 سنوات) وأهدافها:

  • إعادة بناء البنية التحتية الأساسية.
  • استعادة الأمن والاستقرار.
  • بناء الثقة مع المجتمع الدولي.

الخطوات:

1. إعادة الإعمار:

  • إنشاء صندوق دولي لإعادة الإعمار بمشاركة دول صديقة ومنظمات دولية.
  • إطلاق مشاريع كبرى لإعادة بناء شبكات الطرق والمواصلات.
  • تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص لتسريع عملية الإعمار.

2. تعزيز الأمن:

  • إعادة بناء الأجهزة الأمنية على أسس مهنية وشفافة.
  • تدريب قوات أمنية بإشراف خبراء دوليين لضمان احترام حقوق الإنسان.
  • تعزيز العدالة الانتقالية لضمان محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.

3. تحفيز الاقتصاد المحلي:

  • تقديم قروض ميسرة لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
  • تأسيس مناطق اقتصادية خاصة لجذب الاستثمارات.
  • إعادة تأهيل الزراعة والصناعات الأساسية.

4. عودة العقول السورية:

  • تقديم حوافز مالية ووظيفية لجذب الكفاءات السورية المهاجرة.
  • دعم برامج تعليمية ومهنية تستهدف بناء المهارات.

لا يمكن النجاح إلا من خلال العمل الدؤوب، والشفافية، والإصرار على تجاوز التحديات

المرحلة الثانية: التنمية الاقتصادية والتوسع (5-15 سنة) وأهدافها:

  • بناء اقتصاد متنوع ومستدام.
  • زيادة الإنتاجية الوطنية.
  • تعزيز القدرة التنافسية في الأسواق الدولية.

الخطوات:

1. إصلاح النظام الاقتصادي:

  • تحديث القوانين الاقتصادية لخلق بيئة جاذبة للاستثمار.
  • مكافحة الفساد من خلال إنشاء مؤسسات رقابية مستقلة.
  • تشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
إعلان

2. استثمار الموارد الطبيعية:

  • استغلال الموارد مثل النفط والغاز بشكل شفاف ومستدام.
  • تعزيز الطاقة المتجددة كمصدر بديل.
  • تطوير الصناعات المرتبطة بالطاقة.

3. النهوض بالصناعات والزراعة:

  • تحديث التقنيات الزراعية لزيادة الإنتاج وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
  • دعم الصناعات ذات القيمة المضافة مثل الصناعات التكنولوجية.

4. التركيز على التعليم والابتكار:

  • زيادة الإنفاق على التعليم والبحث العلمي.
  • دعم الشركات الناشئة في مجالات التكنولوجيا.
  • إنشاء مراكز أبحاث عالمية.

تحقيق هذه الرؤية يعتمد على الإرادة السياسية والشراكات الدولية والمحلية، إضافة إلى إشراك الشعب السوري في صياغة المستقبل

المرحلة الثالثة: التحول إلى مركز عالمي (15-30 سنة) وأهدافها:

  • جعل سوريا مركزًا اقتصاديًّا عالميًّا.
  • تحقيق مستويات دخل فردي تضاهي الدول المتقدمة.
  • بناء سمعة دولية قوية.

الخطوات:

1. الاندماج في الاقتصاد العالمي:

  • توقيع اتفاقيات تجارة حرة مع كبرى الأسواق العالمية.
  • إنشاء مراكز مالية متطورة لجذب الاستثمارات الدولية.

2. تعزيز السياحة:

  • استثمار المواقع التاريخية والثقافية لجعل سوريا وجهة سياحية عالمية.
  • تطوير البنية التحتية السياحية الحديثة.

3. الصناعات التكنولوجية:

  • الاستثمار في الصناعات المستقبلية مثل الذكاء الاصطناعي.
  • تعزيز الابتكار وريادة الأعمال.

4. زيادة الدخل الفردي:

  • تحسين إنتاجية العمل.
  • وضع سياسات ضريبية شفافة تحقق العدالة الاجتماعية.

كما أثبتت سنغافورة واليابان، يمكن للأزمات أن تكون نقطة انطلاق نحو مستقبل مشرق. سوريا تمتلك كل المقومات لتحقيق ذلك

ضمانات النجاح

تحقيق هذه الرؤية يعتمد على الإرادة السياسية والشراكات الدولية والمحلية، إضافة إلى إشراك الشعب السوري في صياغة المستقبل. لا يمكن النجاح إلا من خلال العمل الدؤوب، والشفافية، والإصرار على تجاوز التحديات.

كما أثبتت سنغافورة واليابان، يمكن للأزمات أن تكون نقطة انطلاق نحو مستقبل مشرق. سوريا تمتلك كل المقومات لتحقيق ذلك، مع ميزة إضافية، هي غناها بالموارد الطبيعية والثقافية، ما يجعل الطريق نحو النجاح أقصر إذا ما تم استثمار هذه المقومات بحكمة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان