تُعتبر القضية الفلسطينية والصراع العربي- الإسرائيلي من أعقد القضايا التي ما زالت قائمة إلى يومنا هذا، من خلال النزاعات المستمرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
بدأ هذا الصراع منذ مطلع القرن الـ19، وكان للانتداب البريطاني دور كبير فيه، خاصة مع إصدار وعد بلفور المشؤوم سنة 1917، الذي نص على إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.
ولعبت الطبقة البرجوازية اليهودية- وفي مقدمتها عائلة ثيودور هرتزل- دورا مهما في الدفع نحو هذا المشروع، بدعم بريطاني مقابل خدمات قدّمتها الحركة الصهيونية لبريطانيا في الحرب العالمية الأولى.
رغم وجود منظومة قانونية دولية، فإنها لم تُفعل بشكل مؤثر في القضية الفلسطينية. فقد كشفت أحداث7 أكتوبر/ تشرين الأول عن ضعف آليات الرقابة والتطبيق، سواء للقانون الدولي الإنساني أو القانون الدولي الجنائي
بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، كثّفت بريطانيا من تهجير اليهود إلى بلاد الشام، خصوصا فلسطين، التي كانت تحت الحكم العثماني قبل انهياره، ثم أصبحت خاضعة للاستعمار البريطاني.
ومع ارتفاع موجات الهجرة اليهودية، تصاعدت المناوشات بين الحركة الصهيونية من جهة والجيش البريطاني من جهة أخرى، وصولا إلى إعلان قيام دولة إسرائيل 1948.
لم يتقبل الشعب الفلسطيني هذا الوعد وإقامة دولة لليهود على أرضه التاريخية الممتدة منذ عهد الكنعانيين، معتبرا الأمر اغتصابا للأرض.
كما رفضت الشعوب والدول العربية هذا الإعلان، فاندلعت معارك ومقاومة عنيفة، شاركت فيها جيوش مصر، وسوريا، ولبنان، والعراق وغيرها.
ورغم المقاومة العربية، نجحت إسرائيل- بدعم دولي- في فرض وجودها، ما أدى إلى تهجير أعداد كبيرة من الفلسطينيين، وخلق أزمة لاجئين ما زالت قائمة حتى اليوم.
زاد من تعقيد موقف تركيا انتماؤها إلى حلف الناتو وصراعاتها مع الأكراد واليونان، وإن ظل الرئيس رجب طيب أردوغان يعلن دعما للقضية الفلسطينية في خطاباته
تطور الصراع العربي- الإسرائيلي
ظل النزاع قائما لعقود طويلة، وبلغ ذروته في حرب 1967 التي غيرت موازين القوى، خصوصا مع الدعم الأميركي والغربي لإسرائيل.
ومنذ ذلك الحين، تبنّى المجتمع الدولي فكرة حل الدولتين على حدود 1967، إلا أن هذا الحل ظل حبيس الخطابات دون تطبيق فعلي، مع استمرار الاستيطان الإسرائيلي وتفاقم الانقسامات.
الولايات المتحدة- بفضل نفوذ اللوبي الصهيوني- تمارس دورا منحازا لإسرائيل، رغم وجود جماعات ضغط أميركية تدعم الحقوق الفلسطينية.
أما تركيا، فقد ظلت مواقفها متأرجحة بين الاعتراف المبكر بإسرائيل سنة 1949، وبين محاولات متكررة للحفاظ على توازن مصالحها الاقتصادية والسياسية.
الانقسامات بين القوى الكبرى، خاصة بين المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة والمعسكر الشرقي بقيادة روسيا والصين، عطّلت جهود المجتمع الدولي، وسمحت لإسرائيل بمواصلة سياساتها
وزاد من تعقيد موقف تركيا انتماؤها إلى حلف الناتو وصراعاتها مع الأكراد واليونان، وإن ظل الرئيس رجب طيب أردوغان يعلن دعما للقضية الفلسطينية في خطاباته.
من جانب آخر، تلعب دولة قطر دورا بارزا في دعم القضية الفلسطينية عبر المساعدات المالية والإنسانية، ورفضها الصريح، التطبيع من دون حل عادل وشامل، إضافة إلى التأثير الإعلامي الكبير لقناة "الجزيرة" ودورها في تبيان الرأي العام العربي والإسلامي.
القانون الدولي والنزاع الفلسطيني- الإسرائيلي
رغم وجود منظومة قانونية دولية، فإنها لم تُفعل بشكل مؤثر في القضية الفلسطينية. فقد كشفت أحداث7 أكتوبر/ تشرين الأول عن ضعف آليات الرقابة والتطبيق، سواء للقانون الدولي الإنساني أو القانون الدولي الجنائي.
الانقسامات بين القوى الكبرى، خاصة بين المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة والمعسكر الشرقي بقيادة روسيا والصين، عطّلت جهود المجتمع الدولي، وسمحت لإسرائيل بمواصلة سياساتها.
على المستوى الشعبي، يواصل المغاربة التعبير عن تضامنهم القوي مع فلسطين، وهو ما تؤكده المظاهرات والفعاليات المستمرة، ودبلوماسيا، ظل المغرب داعما ثابتا لفلسطين
الموقف المغربي التاريخي
للمغرب علاقة تاريخية وثيقة بالقضية الفلسطينية؛ فقد شارك المغاربة في تحرير القدس مع صلاح الدين الأيوبي، وتركوا بصماتهم هناك مثل باب المغاربة وحارة تطوان.
كما شارك المغرب عسكريا في حرب 1967 في فلسطين والجولان إلى جانب الجيوش العربية.
دبلوماسيا، ظل المغرب داعما ثابتا لفلسطين داخل جامعة الدول العربية والمحافل الدولية، ويُعتبر الملك محمد السادس من أبرز المدافعين عن الحقوق الفلسطينية، بصفته رئيس لجنة القدس، مُكرّسا نهج والده الراحل، الملك الحسن الثاني.
على المستوى الشعبي، يواصل المغاربة التعبير عن تضامنهم القوي مع فلسطين، وهو ما تؤكده المظاهرات والفعاليات المستمرة.
كما أن استقبال ولي العهد، الأمير مولاي الحسن، الأطفال الفلسطينيين في المغرب يُجسد عمق العلاقات الأخوية، رغم التطبيع الرسمي الأخير مع إسرائيل.
وختاما؛ يعرض هذا المقال مسار القضية الفلسطينية منذ وعد بلفور 1917، مرورا بالانتداب البريطاني وتأسيس إسرائيل 1948، وحروب 1967 وما بعدها.
كما يُبرز الدور السلبي للقوى الكبرى في تعطيل القانون الدولي، عبر استخدام الفيتو والانقسامات العالمية.
ويُسلّط الضوء على الموقف المغربي التاريخي الداعم لفلسطين، رسميا وشعبيا، منذ العصور الوسطى وحتى اليوم، مع تأكيد مستمر على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
