شعار قسم مدونات

هل اليأس نهاية الطريق؟

هل تريدين لأطفالك النجاح؟
النجاح ليس حدثًا عابرًا، بل رحلة مستمرة تتطلب الإصرار والمرونة (غيتي)

النجاح كلمة تحمل في طياتها معاني الطموح والأمل، وتجذب إليها قلوب البشر بمختلف مشاربهم.. كل إنسان في أعماقه يتوق إلى أن يكون ناجحًا في حياته؛ فالنجاح أشبه بلذة لا تضاهى، نسعى وراءها بكل ما أوتينا من قوة وجهد.

نقضي سنوات طويلة على مقاعد الدراسة نطلب العلم، ونسعى لاكتساب المعرفة، لعلها تكون الجسر الذي يعبر بنا إلى أحلامنا. ومع ذلك، فإن النجاح في التعليم شيء، والنجاح في ميادين الحياة شيء آخر تمامًا.

من المؤسف أن نرى أشخاصًا تفوقوا أكاديميًا وحصلوا على شهادات مرموقة، لكنهم عندما دخلوا معترك الحياة العملية عجزوا عن تحقيق الإنجاز.. ربما وجدناهم يقفون عند عتبة النجاح الحقيقي، غير قادرين على المضي قدمًا، أو حققوا قدرًا ضئيلًا منه لا يلبي تطلعاتهم. الحياة مليئة بمثل هؤلاء الأشخاص الذين لم ينجحوا في التكيف مع متطلبات الحياة العملية.

النجاح لا يأتي صدفة، بل يحتاج إلى تصميم وعمل متواصلين.. الناجحون يدركون ذلك؛ فيضعون خططًا واضحة، ويعملون بلا كلل لتحقيقها. على النقيض، الفاشلون يتوقعون أن تأتيهم الفرص جاهزة، دون أن يبذلوا جهدًا يُذكر

هناك أمثلة كثيرة تعبّر عن هذه المعضلة.. الرجل الذي يمضي سنوات طويلة في وظيفة يكرهها، ويعلن قائلًا: "لم أخلق لهذا العمل!"، لكنه مع ذلك يستمر فيها لأنه لا يرى بديلًا؛ أو الشاب الذي أنهى تعليمه الجامعي بحماس وانطلق يبحث عن وظيفة، وعندما وجدها اكتشف أنها لا تتناسب مع ميوله أو طموحاته، لكنه بقي فيها خوفًا من البطالة؛ وحتى المرأة التي اختارت شريك حياة لم يكن متوافقًا مع أحلامها وتطلعاتها، فعاشت في زواج لا يحقق لها السعادة.

إعلان

هذه الحالات تعكس فشلًا في إدراك الذات، وفهم الاحتياجات والطموحات الشخصية، ما يؤدي إلى اختيارات خاطئة في مراحل حياتية حاسمة.

يمكننا أن نشبه النجاح بطائر صغير يقبع في عشّ فوق شجرة عالية محاطة بسور شاهق.. الجميع ينظرون إليه ويريدونه، لكنْ قليلون هم الذين يملكون الجرأة والقدرة على تسلق السور للوصول إليه. الفرق بين الناجحين والفاشلين يكمن هنا، فالفاشلون يكتفون بالنظر، متوقعين أن الطائر سيأتي إليهم، بينما الناجحون يسعون بجهد ومثابرة لتحقيق أهدافهم.

النجاح لا يأتي صدفة، بل يحتاج إلى تصميم وعمل متواصلين.. الناجحون يدركون ذلك؛ فيضعون خططًا واضحة، ويعملون بلا كلل لتحقيقها. على النقيض، الفاشلون يتوقعون أن تأتيهم الفرص جاهزة، دون أن يبذلوا جهدًا يُذكر.

لكي يحقق الإنسان النجاح، عليه أولًا أن يعرف نفسه؛ فمعرفة الذات هي المفتاح الأول لأي إنجاز عظيم. إذا أخذنا وقتًا للتأمل والتفكير في مواهبنا وميولنا، وفي نقاط قوتنا وضعفنا، فسنجد الطريق نحو النجاح أكثر وضوحًا.

والبحث عن الذات ليس مهمة معقدة كما يعتقد البعض؛ يمكننا أن نخصص بضع ساعات أسبوعيًا للتفكر في أحلامنا وأهدافنا، ونقيم مسار حياتنا، وهذا التأمل البسيط قد يفتح لنا أبوابًا لم نكن ندرك وجودها.

قد يتأخر النجاح أحيانًا، لكنه يأتي دائمًا لمن يعمل ويثابر!. المهم ألا ندع لليأس مكانًا في قلوبنا، وأن نثق بأن جهودنا ستثمر في النهاية

من أبرز سمات الناجحين أنهم لا يعرفون اليأس، الفشل بالنسبة لهم ليس نهاية الطريق، بل مجرد محطة للتعلم والاستفادة.. هناك أمثلة عديدة تؤكد هذه الحقيقة.

"فريدريك ويليام هيرشل"، عالم فلك وملحن بريطاني من أصل ألماني، وهو يعد أبًا للفلك الحديث، صنع أعظم تلسكوب عرفه العالم بعد أكثر من مئتي محاولة فاشلة. لم يكن عمله سهلًا، فقد أمضى شهورًا طويلة في تنظيف المرايا وصقل العدسات، لكنه وجد متعة في كل خطوة، حتى وصل في النهاية إلى هذا الإنجاز العظيم.

أما "جوستاف فلوبير"، الروائي الفرنسي الذي درس الحقوق لكنه عكف على التأليف الأدبي، كان أول مؤلف مشهور له: "التربية العاطفية"، ثم أعقبه بمؤلفه الرواية الشهيرة "مدام بوفاري"، فقد استغرق عشر سنوات كاملة ليكتب روايته ويصقلها، حتى أصبحت واحدة من أعظم الأعمال الأدبية!. لم يكن الزمن الطويل عائقًا أمامه، بل كان جزءًا من رحلته نحو الإبداع.

إعلان

ليس المهم متى يتحقق النجاح، بل المهم أن يتحقق.. النجاح ليس حدثًا عابرًا، بل رحلة مستمرة تتطلب الإصرار والمرونة، والناجحون يدركون أنه لا توجد حدود لما يمكن تحقيقه، ما دامت لديهم العزيمة والقدرة على التطوير.

قد يتأخر النجاح أحيانًا، لكنه يأتي دائمًا لمن يعمل ويثابر!. المهم ألا ندع لليأس مكانًا في قلوبنا، وأن نثق بأن جهودنا ستثمر في النهاية.

النجاح حالة إنسانية تعبّر عن تحقيق الذات والطموحات، ويتطلب النجاح معرفة دقيقة بالنفس، والعمل الجاد، والمثابرة في وجه الصعوبات. الحياة مليئة بالتحديات، لكنها أيضًا مليئة بالفرص، وإذا تعلمنا كيف نستغلها ونحول إخفاقاتنا إلى دروس، فسنجد أنفسنا على طريق النجاح.

لذا، لا تيأس مهما كانت العقبات، وتذكر دائمًا أن النجاح ليس حكرًا على أحد، بل هو متاح لكل من يملك العزيمة والصبر، والرغبة أولًا لمن قبل التحدي والإصرار على تحقيق الهدف، وهو النجاح.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان