شهدت انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي منافسة شرسة، بلغت حد التوتر ومحاولات الاغتيال، حيث تصادم أهم حزبين في الولايات المتحدة: الحزب الجمهوري بترشح دونالد ترامب، والحزب الديمقراطي بترشح جو بايدن، الذي خلفته كامالا هاريس لاحقًا.. وسارع المترشحان إلى التركيز على الولايات المتأرجحة والقضايا الساخنة.
المتوقع أن يعيد رجل الحزب الجمهوري أجندته السابقة، التي تعكس أيديولوجيات حزبه، التي قد تشمل سياسات داخلية وخارجية تعكس رؤيته السياسية، المبنية على المحافظة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية
وبالوصول إلى يوم الانتخابات، فاجأ ترامب الجميع بفوزه برئاسة ثانية، بعد حصوله على 77 مليون صوت أميركي، رغم الملفات المثيرة للجدل التي ما زالت تلاحقه. لكن السؤال الأهم: ماذا سيفعل دونالد ترامب بعد توليه كرسي الحكم عند بداية ولايته الثانية في 20 يناير/ كانون الثاني الجاري؟
من المتوقع أن يعيد رجل الحزب الجمهوري أجندته السابقة، التي تعكس أيديولوجيات حزبه، التي قد تشمل سياسات داخلية وخارجية تعكس رؤيته السياسية، المبنية على المحافظة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وبناءً على تصريحاته السابقة، يمكن التطرق إلى المحطات البارزة التالية:
- أكبر عملية ترحيل للمهاجرين في التاريخ، من خلال تعزيز السياسات المتشددة ضد الهجرة غير الشرعية، كاستكمال بناء الجدار الحدودي مع المكسيك.
- إحياء قانون 1798، المعروف بقانون الأعداء الأجانب، الذي يمنح الرئيس صلاحيات واسعة لاحتجاز وترحيل الأجانب الذين تشكل بلدانهم خطرًا على أميركا، خوفًا من أي تصعيد داخلي.
أما في الاقتصاد، فيُعتقد أن الحكومة الجديدة ستفرض تخفيضات ضريبية بهدف تحفيز الاستثمار، وهو ما ظهر بوضوح في الحملة الانتخابية التي شارك فيها إيلون ماسك، بعدما جاء تداول أسهمه بشكل واسع بعد فوز ترامب. كذلك، ستحاول أميركا التركيز على تقليل اعتماد اقتصادها على الصين من خلال إعادة الصناعات الحيوية إلى الداخل.
سيعمل ترامب على تعزيز العلاقات مع روسيا، رغم التوترات السابقة، وعلى رأسها ما سببته الحرب الأوكرانية
وفي القضايا الاجتماعية، التي هي محل اهتمام كبير للشعب، فإن ترامب يخطط لمعارضة الحركات التقدمية المتعلقة بتغير المناخ وحقوق الأقليات، ومحاولة الحد مما يُعرف بـ"السياسات الثقافية" في المؤسسات التعليمية، كدعم المثليين والمتحولين جنسيًا. وهو ما لاقى رفضًا كبيرًا من المجتمع الأميركي، خصوصًا مع إطلاق حملة B4 من النساء، للتعبير عن رفضهن سياسات الحزب الجمهوري، مثل معارضة الإجهاض.
أما على الصعيد الدولي، فسيعمل ترامب على:
- تعزيز العلاقات مع روسيا، رغم التوترات السابقة، وعلى رأسها ما سببته الحرب الأوكرانية.
- دعم أوثق لإسرائيل، والدفع باتجاه تطبيع الدول العربية مع دولة الاحتلال.
- إعادة النظر في مسألة تمويل الولايات المتحدة لحلف الناتو، مع الضغط على الدول الأعضاء لدفع المزيد من التكاليف.
- تبني سياسات أكثر استقلالية عن الأمم المتحدة والهيئات الدولية الأخرى.
إن فوز ترامب بفترة رئاسية ثانية يعكس تحولات جذرية في المزاج العام الأميركي، وسط انقسامات سياسية واجتماعية عميقة. ويبقى السؤال مفتوحًا: أتعزز هذه السياسات مكانة الولايات المتحدة، أم ستزيد من الانقسامات والتوترات؟
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.