شعار قسم مدونات

لا تجعل الإحباط يهزمك

1-التركيز في العمل من قواعد النجاح المهني الأساسية للمدير والموظف-(بيكسلز)
الإحباط معول هدم لكل المراحل والجهود المبذولة، ويحتاج منا إلى وقفة صريحة وشجاعة (بيكسلز)

هل لديك حلم تتمنَّى تحقيقه؟ احذر من مطب الإحباط، فهو الخريف الذي ينزع عن شجرة أحلامك أوراقها، والشتاء الذي يجمد أغصانها.

إنّ الإحباط هو لِصّ يتغلغل في عروقك، فينهب كل إرادة ويمتص منك كل بادرة، إنه سوسة بشرية كسوسة النخيل تنخر عظام قواك، وتلقيك عاجزًا دون حراك.. هذه الكلمات ليست تصاوير أدبية صاغها فنان، بل هي واقع نلمسه وتعيشه الأجيال. فمتى نحبط الإحباط؟

ماذا تقول عمن يمتلك مقود سيارة ويسير بها نحو هدفه، فإذا أوشك على الوصول، فتح زجاج نافذته وألقى مفتاح السيارة إلى البعيد؟ هل هو ضرب من الجنون؟ البعض يسميه جنونًا، لكنه في الحقيقة انفجارات نفسية وزلازل وجدانية وبراكين داخلية، حيث يسلب منك الإحباط أثمن ما أنجزت. فكيف نتغلب على الإحباط؟ هناك من وقع فيه، وهناك من تخلص منه، فلنتأمل دروس الحياة ونستنتج منها العبر.

كلنا مرّ بمشكلة ما قد تكون ثقيلة الوطء عند الصدمة الأولى، إلا أن المواجهة والمثابرة تذلل الصعاب، والميدان يثبت صحة هذا القول، فلمَ الإحباط؟

1- الإحباط في عالم الفن:

هل يستمر إبداع الفنان حينما يقع فريسة الإحباط؟ بلا شك لن يستمر، وإليك هذه الحكاية:

ينقل أن فتاة تمتلك موهبة الرسم وتعشق التلوين، تذوقت هذه الفتاة طعم الإحباط حين أخفقت في مسابقة فنية، هذا الإحباط سبب لها صدمة نفسية لعدة أيام، حيث كرهت ممارسة هوايتها وأغلقت على أدواتها الأدراج، حتى التقت بمعلمة قديمة شجعتها على مزاولة الشغف وقالت لها: "لا تجعلي الغضب يوقف شغفك، وما الإحباط إلا محطة"، وحثتها على المشاركة في مسابقة محلية، كان الفوز حليفها وحصلت رسمتها على إعجاب الجميع! من هنا كانت البداية، حتى أصبحت بعد ذلك فنانة معروفة لا يشق لها غبار.

إعلان

2- الإحباط في عالم الوظائف:

لماذا نحبس أنفسنا في زنازين الظروف، ولا نفكر خارج الصندوق؟

يروى أنّ أحد الموظفين فقد وظيفته، وسُرّح من عمله لظروف الشركة، كاد هذا الموظف أن يجن جنونه في بداية الأمر، إلا أنه وقف على قدميه بتشجيع صديق، وبدأ مشروعًا صغيرًا طرح الله فيه البركة، بعد عام واحد حقق أرباحًا غير متوقعة، وشعر بالسعادة والامتنان.

3- الإحباط في عالم التأليف:

الإحباط كارثة مدمرة للكتّاب والأدباء، وقد يحرق أحدهم إبداعاته في الصفحات الأخيرة، أو يقيد معصميه رغم تملك ناصية الموهبة، تنقل إحدى الروائيات تجربتها في الكتابة، حيث قدمت عملها الأول لمجموعة كبيرة من دور النشر، ظنت أن الجميع سيحتفل بإنجازها العظيم، إلا أنها عاشت الإحباط بكل ألوانه حين تلقت رسائل الرفض.

وبينما هي تضع يدها على خدها قررت أن تقرأ الرواية بعين الناقد البصير، وأعادت كتابة روايتها من جديد، بعد أن حذفت وأضافت وغيرت وبدلت، وحين انتهت من تنقيحاتها نشرت روايتها، وأصبحت الركيزة الأولى لانطلاقتها الأدبية، تعلمت أنها تحتاج لبذل جهد وصبر ومكافحة مستميتة، وأن تتجاهل شيئًا اسمه الفشل أو الإحباط.

4- الإحباط في عالم المشاريع:

إذا أردت أن تبدأ مشروعك إياك والإحباط، وضع محاربته شرطًا أساسيًّا لانطلاقتك، وإليك هذه التجربة:

تمنت إحدى الفتيات أن تفتتح مشروعها الخاص في بيع الحلوَيَات، ظنت أنّ مشوارها بسيط، لكن خطتها المكتوبة على ورق لم تنجح، ومزقتها وأصبحت في سلة المهملات. بسبب الإحباط، فهي في كل مرة تفشل في إعداد الوصفة، فإما أن تحترق أو تظهر بصورة غير مثالية، سمعت نصح أمها بالاستمرار وتجنبت الأخطاء، حتى تمكنت بجدارة وفتحت مشروعها الذي وقف على رجليه، وبلغت أرباحًا لم تتوقعها.

كثيرون هم من بدؤوا مشاريعهم ثم دخلوا ضمن دوائر الإحباط، وبعد الأخذ بنصائح الخبراء، وتغيير بعض الإستراتيجيات، نجحوا في مشاريعهم.

5- الإحباط في عالم الرياضة:

كم من شاب تطلع للنجومية ولم يبلغ مناه بسبب الإحباط؟ تأمل هذه التجربة فقد تلامس واقعك:

إعلان

ينقل أحد مدربي كرة القدم حكاية لاعب كان يحلم بالاحتراف، لكنه تراجع عن حلمه حين لم ينجح في الاختبار، وأصابه إحباط شديد بسبب هذا الإخفاق والفشل، رغم الموهبة التي كان يمتلكها. يقول المدرب إنه جلس معه جلسة واحدة فقط، وتبدل حاله حين أكد له أنّ الفشل مجرد درس، وحثه ألا يسمح لهذا الإحباط أن يهزمه؛ وهكذا واصل اللاعب التدريب ونجح في الامتحان، والتحق بالفريق الذي يحلم به!

لاحظ أنه كان يمتلك الامتيازات، وقد لا يحتاج إلا بعض التمارين، لكن الإحباط جعله صفرًا وكأنه لا شيء، وفي جلسة تغيرت المعادلات ووضعت أمام هذا الصفر العديد من الأرقام، حتى أصبح أحد النجوم.

فماذا عنك وعن أحلامك؟ هل سمعت ما يحبط همتك؟ هناك من يثني عزيمتك بقصد أو دون قصد، لا تلتفت إليه، بل تقمص دور الضفدع الأصم، وتوهم أن المحبط يمارس تشجيعك، والأفضل أن تشجع نفسك بنفسك، فإذا انتابتك لحظة ضعف فصفق لنفسك، واهتف باسمك مشجعًا، وتخيل نفسك بطلًا لامعًا، ولا تسمح لشنشنة المثبطين بإرغامك على التراجع، فأنت بطل بالقوة وبقي أن تكون بطلًا بالفعل.

كلنا مرّ بمشكلة ما قد تكون ثقيلة الوطء عند الصدمة الأولى، إلا أن المواجهة والمثابرة تذلل الصعاب، والميدان يثبت صحة هذا القول، فلم الإحباط؟ أو لنقل لماذا نجعل الإحباط يوقفنا؟ لماذا لا ننتزع فتيل قنابله من حياتنا؟ لماذا لا نمتلك يد السيطرة على الظروف، ونحقق أعلى المراتب؟

قد تكون المسافة بين النجاح والإحباط خطوة بسيطة، لهذا علينا أن نتجرد ونتناول الأمور بموضوعية، ونعرف أين نقف الآن في خارطة التقدم نحو الهدف

البعض يقبل التحدي، ويجعل الإحباط دافعًا ويرفض الاستسلام، فماذا عنك؟ أتستسلم لأقل صدمة، أم تتغلب على الأوجاع والمنزلقات، وترتدي لباس البطل الخارق وتحطم جميع التحديات؟ إن الإخفاق في بعض الأمور أمر طبيعي، ولكن لا ينبغي التوقف، فلماذا لا نعيد طرق باب المحاولة؟ من يدري؟. ربما انفتح الباب المستعصي ذات يوم.

لنجعل من الصعوبات نقطة بداية ومحطة انطلاق، فلقد رأيت بأم العين طالبًا مخفقًا حقق التفوق حين شمر عن ساعديه، الأمور لا ترتبط بالحظوظ فقط، بل في أي مضمار تضع فيه قدميك.

إعلان

التجربة الأولى قد تفشل، المهم ألا يسيطر الإحباط عليك، من المهم أن نتحمل انتقادات المنتقدين اللاذعة، وأن نبحث عن الوجوه الإيجابية؛ فهناك من يتمنى لك الخير، كما أنّ هناك من لا يرجو لك النجاح. قد تكون المسافة بين النجاح والإحباط خطوة بسيطة، لهذا علينا أن نتجرد ونتناول الأمور بموضوعية، ونعرف أين نقف الآن في خارطة التقدم نحو الهدف.

الإحباط مؤلم فعلًا حينما تكتمل معظم الأركان، ولا يتبقى على إتمام المشروع إلا الخطوات الأخيرة، ثم يتوقف الإنجاز بسبب إحباط طارئ.

إنّ هذا الإحباط معول هدم لكل المراحل والجهود المبذولة، ويحتاج منا إلى وقفة صريحة وشجاعة، علينا ألا نسمح لهذا الإحباط أن يوقف الجهود والأموال والأوقات التي بذلت بسبب شعور نفسي غير مسؤول، يلزم أن نتداوى نفسيًّا من الجراحات لنستكمل الطريق، وألا نسمح لقاطع الطريق أن يصادر منا كل ما نملك.

لنحذر من مسببات الإحباط: الفشل المتكرر، وعدم وجود خطة، والمقارنة بالآخرين؛ فإن النتائج وخيمة، منها ضعف الثقة بالنفس، والاستسلام للواقع، وفقدان الحافز. وإليك بعض القواعد لتفادي الإحباط: تبني التفكير الإيجابي، وضْع أهداف واقعية، طلب الدعم عند الحاجة، التعلم من الآخرين.

فإليك يا من تكتوي بنيران الإحباط، وتلسعك عقاربه: لا تخف ولا تجفل، فما الإحباط إلا محطة تعلُّم، ودرس يطالبك بإعادة رسم خارطتك من جديد، فأوقد شمعتك وابتسم للحياة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان