في غزة، يشرق فجر نصر جديد، سارت فيه جموع الفاتحين المحررين، يدوسون بكل خطوة رموز التواطؤ والخذلان ويحبطون مخططات التشريد ويبددون أوهام التهجير، كالعنقاء عادوا جميعًا جمرًا ولهيبًا من تحت رماد الحرب يحرقون صكوك التآمر ويبطلون سردية الخيانة.
يعودون، ترفرف فوقهم روح حاديهم وقائد طوفانهم يحيى السنوار، الذي ما خذلهم، كان في مقدمة الصفوف يدق باب الحرية بقبضته المضرّجة
هذه قيامة غزة التي طالما انتظروها هم، وراهن عليها الجميع، قيام مهيب ساروا فيه حجيجًا صعودًا إلى شمالهم المقدس بأجسادهم التي أنهكها الجوع والنزوح والبرد، وأعمل فيها المحتل الغازي سلاح القتل والدمار.
عبروا أفواجًا هادرة للقاء رفات أحبتهم وبقايا ركام من منازلهم المدمرة، يجمعون بعض ذكرياتهم المتناثرة بين هذا الحطام العظيم، ويمسحون على جراحاتهم النازفة.
رحلة شاقة ومعاناة تخر منها الجبال، لكنها تهاوت أمام صمودهم، فكان صبرهم وعزيمتهم أقوى، كما هم في أول يوم، يجددون الولاء للمقاومة والأيادي القابضة على السلاح، ويعلنون وفاءهم لقوافل الشهداء الممتدة منذ قبل عزالدين القسام إلى الطوفان، ينسجون حكاية الصمود وقصة العودة التي ما غابت يومًا عن مخيالهم.
يعودون، ترفرف فوقهم روح حاديهم وقائد طوفانهم يحيى السنوار، الذي ما خذلهم وما هان وما سلم وما نكص وما تراجع، كان في مقدمة الصفوف يدق باب الحرية بقبضته المضرجة، ويرسم صورة النصر بخاتمة خالدة أسطورية.
على امتداد حدود الوطن الكامن في قلوب المغتربين، وعلى امتداد خريطة عالم الأحرار، وقف المناصرون يرقبون جلال المشهد، تطير بهم أشواقهم المحلقة إلى فضاءات غزة التي أحبوا، غزة الملهمة بكل تفاصيلها
جموع المناصرين
على امتداد حدود الوطن الكامن في قلوب المغتربين، وعلى امتداد خريطة عالم الأحرار، وقف المناصرون يرقبون جلال المشهد، تطير بهم أشواقهم المحلقة إلى فضاءات غزة التي أحبوا، غزة الملهمة بكل تفاصيلها، غزة التي حفظوا أسماء قادتها وشهدائها ومستشفياتها ومخيماتها ومعابرها.
غزة، التي تعلقت بها أفئدة المحبين وطارت مع كل قذيفة شواظ أو ياسين، تعلن رغم عجزها أنها مع الحق وأهله، ربما كانت مرارة الحرمان من شرف المشاركة في المعركة، أشد على قلوبهم من أنهار الدماء النازفة في غزة.
حال دونهم ودون عز المشاركة، أولئك الذين يحرسون خنادق الغرباء ومستوطناتهم، وينكلون بكل عزيز شريف يشعرهم بعجزهم.
ينصب الغزاة سرادق العزاء وخيام المآتم، يرقبون الموقف مذهولين، يتساءلون عن جيشهم المأزوم، ماذا فعل على مدار 15 شهرًا، غير القتل والتدمير والإبادة وسفك دماء الأبرياء
رحيل الغزاة
على الطرف المقابل، ينصب الغزاة سرادق العزاء وخيام المآتم، يرقبون الموقف مذهولين، يتساءلون عن جيشهم المأزوم المهزوم، ماذا فعل على مدار 15 شهرًا، غير القتل والتدمير والإبادة وسفك دماء الأبرياء والمدنيين، بلا أخلاق.
قد علموا من قبل، وتأكدوا في صباح يوم الطوفان أن حارسهم وحاميهم نمر مهين من كرتون، وزاد يقينهم أنه طال الوقت أم قصر فقد آن الرحيل، وأن لا مكان لهم على هذه الأرض التي تلفظ الغرباء.
تراودهم في كل مرة كوابيس الرحيل والهزيمة، ويزيد رعبهم من الآتي القريب، فمن سيحميهم من طوفان آخر؟ ومن سيقف في وجه من سيأتيهم كالقدر، يخرجهم من حصونهم وبطون دباباتهم.
هم يعلمون أن لا نصر تحقق، بل آلة قتل تفننت في سفك دماء الأبرياء وتمزيق أجساد الأطفال والنساء، ويعلمون حق اليقين أن مسامير كثيرة دقت في نعش كيانهم، وأن طوفانًا آخر عما قريب سيجرفهم.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.