شعار قسم مدونات

الإدارة كلمة السر نحو النجاح

Document Management System, online documentation database and process automation to efficiently manage files, knowledge and documentation in enterprise with ERP. Corporate business technology, DMS; Shutterstock ID 2253532505; purchase_order: aljazeera ; job: ; client: ; other:
الإدارة بالأهداف مفهوم معاصر يشكل مفتاحًا للنجاح المؤسسي ومعناه أن تقوم الإدارة بوضع أهداف تسعى لتحقيقها (شترستوك)

يقول المفكر الإسلامي المعروف، الدكتور محمد عمارة (رحمه الله)، في إحدى محاضراته الثقافية: "الإرادة والإدارة عاملا النهضة للأمة الإسلامية"؛ ويعرف فريدريك تايلور الإدارة على أنها المعرفة الدقيقة لما تريد من الرجال أن يقوموا به، ثم التأكد من أنهم يقومون بعمله بأحسن طريقة وأرخصها.

والإدارة مدارس؛ فهناك المدرسة الكلاسيكية التي تركز على الإجراءات، وهناك المدرسة السلوكية التي تركز على العلاقات، وهناك مجموعة من المدارس الحديثة، منها مدرسة الإدارة بالأهداف.

الإدارة بالأهداف -باختصار- هي باروميتر الإنجاز الفعلي ضمن أولويات وموارد شتى، تستند إلى خطط إدارية سابقة، وذلك بإنجاز مهام يوم بيوم، لتصب في النهاية في بوتقة الهدف المنشود ضمن رؤية شاملة

والإدارة بالأهداف مفهوم هام ومعاصر، يشكل مفتاحًا للنجاح المؤسسي إذا طبق عمليًا على أرض الواقع؛ ومعناه أن تقوم الإدارة بوضع أهداف تسعى لتحقيقها، مثل أن تخطط إدارة مؤسسة تعليمية لتحقيق أعلى درجات التنافسية في المجالات الأكاديمية والبحثية والثقافية والرياضية و…، ومن ثم توجه طاقات المؤسسة لإنجاز تلك الأهداف؛ أو أن يضع المدير في منشأة تجارية أهدافًا عريضة، تتعلق بالحصص السوقية وأحجام المبيعات وجودة المنتجات والربحية.

ومن ثم تقوم الإدارة على ضوء تلك الأهداف بمتابعة المنجزات وتقويم الانحرافات عن الخطط، لتحقيق أعلى مستويات الكفاءة والفاعلية. وحتى على المستوى الشخصي يمكن تطبيق مفهوم الإدارة بالأهداف؛ يمكن ذلك على المستوى المالي -مثلًا – بترتيب أولويات الإنفاق من مصادر الدخل، وفي غير ذلك من الاهتمامات.

إعلان

إذن، الإدارة بالأهداف -باختصار – هي باروميتر الإنجاز الفعلي ضمن أولويات وموارد شتى، تستند إلى خطط إدارية سابقة، وذلك بإنجاز مهام يوم بيوم، لتصب في النهاية في بوتقة الهدف المنشود ضمن رؤية شاملة.

لكن هل للإدارة مستويات من الفاعلية في تحقيق الأهداف؟ الجواب: نعم؛ وحتى تكون الإدارة فاعلة من الأفضل مراعاة عدة أمور؛ منها إدارة الوقت مع كثير من مرونة لا تُخلّ بالإنجاز، فالأيام ساعات والساعات دقائق، والدقائق ثوانٍ، فإن أنت قصرت في القليل فستقصر حتمًا في الكثير، فالوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك.

يأتي في المقام الثاني إدارة الأولويات، التي تختلف من شخص إلى آخر حسب الأهمية النسبية لكل أمر خاص أو عام؛ فالترتيب بين الأولويات المتعلقة بالمهام والمسؤوليات أمر ضروري، وقرار ذلك الترتيب يجب أن يكون سريعًا وتلقائيًا بعيدًا عن الجمود أو حب الدعة والراحة.

إدارة التقنية، كالحاسوب الشخصي ومواقع الإنترنت والجوال والبريد الإلكتروني وبرامج الإدارة الإلكترونية، كل ذلك هام في عالم الإدارة المعاصرة لتحقيق أفضل الأهداف

إدارة المعلومات كذلك مهمة في الإدارة الفاعلة فيما يخص المعلومات المالية والتقنية والثقافية والمهنية، إدارة تلك المعلومات ضمن مهارة السكرتارية الذاتية في تخصيص ملفات شخصية أو مؤسسية، حسب طبيعة العمل، مما يسهل مهمة الوصول إلى المعلومة عند الحاجة، ولا نغفل أهمية تقنية المعلومات والاتصالات في تسهيل مهمة الوصول إلى المعلومات وتخزينها وإرجاعها.

إدارة المشكلات تحتاج للاهتمام في حلِّها من خلال الخبرة الشخصية، واستطلاع المعلومات من الآخرين، بشكل يضمن الحلول الفاعلة للمشكلات عند حدوثها.

كل إنجاز أو مشكلة بحاجة إلى حل أو تقنية للتواصل؛ بحاجة إلى مال في تسهيل الإجراءات الكفيلة بإدارة الذات أو الأسرة أو منشأة العمل، أو كل ذلك معًا؛ فالمال يشكل الزيت الذي يلين عجلة الحياة، والمال قد يكون على شكل نقد ورقي وبطاقات ائتمان، أو شيكات مصرفية، أو ذهب خالص، أو ذمم دائنة لم يتم تحصيلها من الآخرين، أو موجودات عينية ذات قيمة قابلة للتحويل بسهولة إلى نقود متداولة كالإلكترونيات.

إعلان

وإدارة الأموال من المهارات الضرورية للمدير الناجح، ويدخل في ذلك التخطيط المالي بتخصيص نسب لكل مخصص إنفاق حسب أهميته ووفرة الموارد القابلة للصرف، ولا ننسى فن التفاوض عند الشراء، الذي يوفر هوامش سعرية تزيد من الموارد الذاتية أو المؤسسية.

إدارة التقنية، كالحاسوب الشخصي ومواقع الإنترنت والجوال والبريد الإلكتروني وبرامج الإدارة الإلكترونية، كل ذلك هام في عالم الإدارة المعاصرة لتحقيق أفضل الأهداف.

من الضروري الاهتمام بالإدارة لتحقيق التنمية الشخصية لكل فرد، وكذلك على مستوى المجموع لتحقيق التنمية الشاملة للمجتمع

ولا نغفل عن ضرورة الحفاظ على العلاقات الشخصية والمهنية في قالب حيوي فريد، يضمن انسيابية العلاقة الإدارية مع جميع الأطراف لتحقيق الأهداف، بالاستناد إلى تكنولوجيا المعلومات من فهارس رقمية للعناوين وأنظمة سكرتارية إلكترونية.

كما رأينا؛ ليست الإدارة حكرًا على أحد أو جهة ما، فكما هي فنّ يتخلله الكثير من الموهبة، هي أيضًا علم يتقاطع مع كثير من العلوم، كالرياضيات والحاسوب وعلم النفس، والإحصاء وعلم الاجتماع والفلسفة، والقانون والاقتصاد وغير ذلك؛ والإدارة يمارسها الرجل والمرأة، والصغير والكبير، والشخص الطبيعي والشخص الاعتباري، والقطاع العام والقطاع الخاص.

لذلك، من الضروري الاهتمام بالإدارة لتحقيق التنمية الشخصية لكل فرد، وكذلك على مستوى المجموع لتحقيق التنمية الشاملة للمجتمع.

فدولة مثل سنغافورة عندما أرادت النهوض، بدأت بإدارة فاعلة للتعليم حتى حققت نهضة شاملة، واليابان بعد الحرب العالمية الثانية ومعاناتها في ذلك ركزت على الإدارة، حتى أصبح لها مدرسة خاصة بها -كما أسلفنا – تسمى بالإدارة اليابانية، تركز على الاحترام العائلي سواء داخل الأسرة الواحدة أو المؤسسة، على اعتبار أن كل فرد فاعل ومهم في إحداث التغيير المنشود بروح الفريق الواحد المتشارك.

تشكل الإدارة مفتاح الحل لأي مشكلة، وأداة الوصول إلى الهدف المنشود، وكلمة السر للولوج إلى النجاح

من هنا برز مصطلح إدارة الذات، الذي يركز على الإدارة الذاتية لأي شخص في قوالب مختلفة، منها الاقتصادي ومنها المهاري ومنها التقني ومنها الديني؛ لتشكل في تنوعها شخصية الفرد، وما تحمله من قواعد ومبادئ وسلوكيات يستند لها في تحقيق أهدافه، لتصب في بوتقة الجماعة التي ينتمي إليها ذلك الفرد.

إعلان

من الجيد الغوص في غمار التاريخ الإسلامي قليلًا، لنرى كيف راعى المسلمون الأوائل -بعد نشأة الإسلام ومرحلة تجذير الدولة بعد تأسيسها – فنَّ الإدارة، حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه من فتوحات عادلة!

المستشرق الأسكتلندي "ويليم موير" في كتابه "حياة محمد وتاريخ الإسلام حتى عصر الهجرة" ذكر الفاروق عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، قائلًا: "كانت البساطة والقيام بالواجب من أهم مبادئ عمر، وأظهر ما اتصفت به إدارته وهو عدم التحيّز".. وهناك صلاح الدين الأيوبي، الذي انتهج الإدارة لتحقيق هدف تحرير بيت المقدس، بمزيج من إدارة للعلاقات والوقت والمال والأفراد وغير ذلك.

ختامًا؛ تشكل الإدارة مفتاح الحل لأي مشكلة، وأداة الوصول إلى الهدف المنشود، وكلمة السر للولوج إلى النجاح.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان