شعار قسم مدونات

إيقاف حرب غزة واستشراف المستقبل: توحيد أم انقسام؟

النازحون الفلسطينيون يبدؤون بالعودة إلى منازلهم بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ (الأناضول)

شهدت غزة حربًا مدمرة أدت إلى تدمير شامل للبنية التحتية، وتشريد مئات الآلاف من الأبرياء، وقتل وإصابة عشرات الآلاف بجروح.

جاءت نهاية هذه الحرب بعد أكثر من عام من الإبادة التي قادها نظام نتنياهو المتطرف، بدعم غربي وأميركي سياسي واقتصادي وعسكري. هذا النزاع كشف النقاب عن العديد من المفاهيم والمواقف، خصوصًا فيما يتعلق بالنظام الدولي، وازدواجية المعايير الغربية.

برزت قطر كفاعل رئيسي في محاولات إيقاف الحرب، حيث أخذت دور الوسيط النزيه الذي اكتسب ثقة المجتمع الدولي. كانت جهودها حاضرة في جميع المحافل الدولية

إعادة النظر في المفاهيم الغربية

أظهرت الحرب أن المبادئ الغربية المتعلقة بالديمقراطية وحقوق الإنسان ليست سوى أدوات تُستخدم انتقائيًا؛ ازدواجية المعايير الغربية تجلت في الانحياز الفاضح لإسرائيل، ما يثير تساؤلات حول قدرة الدول العربية على الضغط الفعّال في مواجهة مثل هذه الأزمات.

إلى جانب ذلك، أبرزت الحرب هشاشة الاعتماد الكلي على النظام الاقتصادي الغربي، ما يضع الدول العربية في موقف ضعف خلال الأزمات، ويُقلل من قدرتها على التأثير السياسي والاقتصادي.

الوساطة القطرية: نموذج للقيادة الفعّالة

برزت قطر كفاعل رئيسي في محاولات إيقاف الحرب، حيث أخذت دور الوسيط النزيه الذي اكتسب ثقة المجتمع الدولي. كانت جهودها، بقيادة سمو الأمير، حاضرة في جميع المحافل الدولية، وخاصة في الأمم المتحدة، حيث دعت باستمرار إلى وقف الحرب، وحل الدولتين.

إعلان

لقد تفوقت قطر -رغم صغر مساحتها- في استخدام أدواتها الدبلوماسية لتحقيق تقدم ملموس في القضية الفلسطينية، ما يعكس قدرتها على تخفيف المعاناة عن الشعب الفلسطيني.

ما بعد الحرب: سيناريوهات المستقبل

لا يمكن الوثوق في الجانب الإسرائيلي، إذ لطالما تنصلت إسرائيل من العديد من الاتفاقيات الدولية. لكن استشراف مستقبل القضية الفلسطينية يعتمد بشكل كبير على وحدة الفصائل الفلسطينية، ورسم خارطة طريق لدولة موحدة ذات سيادة، تقوم على نظام مؤسسي.

إسرائيل تعمل على فصل الضفة الغربية عن غزة، وتسعى إلى إضعاف المقاومة وتفكيكها بهدف الاستيلاء على ما تبقى من الأراضي الفلسطينية.

على الجانب الآخر، يتطلب الأمر تحركًا عربيًّا موحدًا يمارس ضغطًا حقيقيًّا على القوى الدولية، للتأكيد على أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي، وعدم تحقيق حل الدولتين، قد يؤدي إلى اندلاع صراعات جديدة.

أما السلطة الفلسطينية، فإن مواقفها السياسية الحالية تشكل خطرًا كبيرًا؛ إذ إنها تميل أحيانًا إلى إقصاء المقاومة، ما قد يُعطي إسرائيل فرصة لتمرير مكاسب سياسية على حساب الحقوق الفلسطينية.

إيقاف الحرب في غزة لا يعني نهاية الأزمة؛ بل هو بداية مرحلة جديدة من التحديات. يعتمد مستقبل القضية الفلسطينية على تحقيق الوحدة الوطنية، وتفعيل الضغوط العربية والدولية، وفضح السياسات الإسرائيلية

المشهد الداخلي في إسرائيل: انقسامات متزايدة

داخل إسرائيل، يشهد المشهد السياسي انقسامات كبيرة، خاصة في حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة. زادت هذه الانشقاقات مع الموافقة على وقف إطلاق النار، ما أثار غضب وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، الذي وصف هذه الخطوة بأنها إهدار للإنجازات العسكرية (المزعومة).

هذه الانقسامات تعكس حالة الاضطراب الداخلي، ما قد يؤثر على استقرار الحكومة الإسرائيلية، وقدرتها على التعامل مع تبعات الحرب.

بين التحديات والفرص

إيقاف الحرب في غزة لا يعني نهاية الأزمة؛ بل هو بداية مرحلة جديدة من التحديات. يعتمد مستقبل القضية الفلسطينية على تحقيق الوحدة الوطنية، وتفعيل الضغوط العربية والدولية، وفضح السياسات الإسرائيلية.

في الوقت نفسه، يجب الحذر من الانقسامات الداخلية، سواء في الجانب الفلسطيني أو الإسرائيلي، لأن تأثيرها قد يمتد ليحدد مسار الصراع في المستقبل.

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان