شعار قسم مدونات

غزة.. وانتصرت عصا السنوار

صور استشهاد يحيى السنوار منصة اكس- @umm_qari
عصا السنوار ليست مجرد مواجهة بين طرفين. إنها قصيدة تتحدث عن الروح التي تقف أمام الحديد والنار (مواقع التواصل الاجتماعي)

في المشهد الذي لا يغيب عن الذاكرة، يقف الجلاد مدججًا بأحدث ما أبدعته الآلة العسكرية، طائرات تخترق السحاب، ودبابات تقهر الأرض. وعلى الطرف الآخر، تقف غزة. مدينة صغيرة الحجم عظيمة الحلم، محاصرة منذ أعوام طويلة، لكنها تحمل في كيانها صمودًا يفوق الجبال. وبين هذا المشهد، تظهر "عصا السنوار"، ذلك الرمز الذي لخص كل الحكاية، وأعلن انتصار الضحية على الجلاد، ليس عسكريًا فقط، بل أخلاقيًا قبل كل شيء.

عصا السنوار تثبت اليوم أنها ليست مجرد رمز للمقاومة، بل رسالة للجلاد أن القوة ليست في المعدات بل في الإرادة. تلك العصا أصبحت صورة تختصر معادلة الصراع: إرادة الحق تهزم جبروت الظلم.

غزة ليست فقط رقعة جغرافية تقاوم الاحتلال، بل هي شهادة حيّة على انتصار القيم الإنسانية في مواجهة الآلة الوحشية. حين يتحدث العالم عن الصراع بين القوى، فإن غزة تُعيد صياغة المعادلة بمفهومٍ قديم جديد: القوة ليست بالأسلحة أو الجبروت بل بالإرادة والحق.

في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، لا تملك غزة ما تملكه القوة العظمى، لكنها تملك الشرعية الأخلاقية. الجلاد الذي يدمر البيوت ويقتل الأطفال يفضح نفسه أمام العالم، بينما الضحية تقف شامخة بشجاعة تؤكد للعالم أجمع أن الحق لا يُقهر.

في وسط كل هذا التعقيد، جاءت عصا السنوار لتلخص كل شيء. لتحكي قصة شعب تمثله تلك العصا التي غدت رمزًا لصلابة غزة وبساطتها في آن معًا. الجلاد الذي يملك أحدث التقنيات والأسلحة النووية يجد نفسه عاجزًا أمام قائد يرميه بعصا.

إعلان

عصا السنوار تثبت اليوم أنها ليست مجرد رمز للمقاومة، بل رسالة للجلاد أن القوة ليست في المعدات بل في الإرادة. تلك العصا أصبحت صورة تختصر معادلة الصراع: إرادة الحق تهزم جبروت الظلم.

عصا السنوار تُلخص العلاقة بين القائد والشعب في غزة. هو ليس فوق الناس بل معهم يتحرك بينهم كبقية أهل المدينة. تلك العصا، التي قد تبدو ضعيفة أصبحت رمزًا للعلاقة المتينة بين القائد والشعب.

عصا السنوار تحمل في طياتها رمزية تشبه عصا موسى التي شقت البحر، العصا التي شقت ظلمات الليل معلنةً فجر نصر. نصر يرسّخ في وجدان البشرية أن الإرادة تصنع المعجزات.

إسرائيل، التي تُسمي نفسها قوة لا تُقهر، ظهرت أمام العالم كجلاد بلا ظل. القوة المادية التي تمتلكها، والتي تُلقي بها على غزة، لم تحقق لها سوى الخسائر.
فكل قذيفة أسقطتها على بيوت غزة، سقط معها قناع الأخلاق الزائف الذي تحاول أن تُلبسه لنفسها أمام العالم.

غزة ليست فقط رقعة جغرافية. غزة أيقونة الإرادة والصمود لكل من يعتقد أن القوة وحدها تصنع التاريخ

في المقابل، غزة التي تقف بلا سلاح يُذكر سوى إرادتها، باتت هي صاحبة اليد العليا في المعركة الأخلاقية. كل بيت تهدم هو شهادة على ظلم الجلاد ووحشيته، وكل طفل استشهد هو وصمة عار في جبين كل مدعٍ للانسانية.

"غزة.. وانتصرت عصا السنوار" ليست مجرد مواجهة بين طرفين. إنها قصيدة تتحدث عن الروح التي تقف أمام الحديد والنار، عن الضحية التي تتنفس الكرامة. في غزة، كل حجر، كل طفل، كل شروق فجرٍ، كل شهيقٍ، كل زفيرٍ هو انتصارٌ جديد.

غزة ليست فقط رقعة جغرافية. غزة أيقونة الإرادة والصمود لكل من يعتقد أن القوة وحدها تصنع التاريخ. إنها الحكاية التي تقول: مهما بلغت آلة القمع من قوة، فإن عصا بسيطة، يحملها رجل بسيط، يرميها في لجج من الظلمات ليشقها شعاع الفجر.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان